رسالة الى السيد الخامنئي
يحيي عشاق الامام الحسين ذكرى عاشوراء الأليمة في كل عام وبمختلف الطرق والتعابير، فمنهم من يعبر عن حبه وولائه الصادق بالبكاء أو باللطم على الصدر، او بالادماء المعروف اصطلاحا ( بالتطبير) والذي كان مثار جدل واسع في أوساط الشيعة، إذ يأخذ جانباً من النقاش في كل عام إلا أنه قد نحى منعطفا خطيراً خصوصا هذا العام ، بحيث أصبح عامة الناس وبعض من يدعون الفكر والثقافة والانفتاح على الآخر يساندهم في ذلك بعض المعممين ذوي المسالك السياسية البحتة ، أصبحوا في مقام الافتاء والحجر على ممارسات الآخرين والتي بالطبع لا يرونها مناسبة من وجهة نظرهم.
ومما يعد مساراً خطيراً في الأمر قيام تلك الفئات باستخدام أقسى العبارات في وصف ممارسات الآخرين اعلامياً، فتارة توصف هذه الممارسات بأنها مستوردة لم يكن لها أساس وتارة بالتوهين وتارة تجد مطالبة بقطع رؤوس المطبرين كحالة حضارية في القضاء على التطبير، ما أسهم ذلك كله في ازدياد الفدائيين للإمام الحسين في كل عام.
وبهذا الهجوم اللاذع ظهرت ردات فعل مارسها اتباع هذا الاتجاه وصلت الى حد الاعتداء على ممارسي هذه الشعيرة وكأن هؤلاء أخذوا حق الوصاية على الناس !، فكان حرياً أن نقف جميعاً بوجه كل من يساهم في شق وحدة الأمة بإسم المرجعيات الشيعية مستغلين بعدها الجغرافي عن مسرح الأحداث وغياب دور الوكيل الشرعي في نقل الصورة الكاملة لمرجع الدين.
ولقد كان الدافع الكبير لكتابة هذه الرسالة وتوجيهها بالخصوص الى سماحة السيد الخامنئي حفظه الله ، ماحدث هذا العام في منطقة سند بمملكة البحرين أثناء خروج ثلة من المؤمنين في موكب للتطبير ظهيرة يوم عاشوراء، بعد أن قامت مجموعة تدعي الانتماء الى مرجعية سماحته بالاعتداء بالعصي ومخلفات القمامة والحجارة وترديد الشعارات النابية ، وقد انتشر مؤخرا مقطع مرئي يصور ذلك الاعتداء اللاأخلاقي .
- وهذا نص الرسالة (1):
سماحة قائد الثورة الإسلامية وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ونعزيكم بشهادة جدكم الإمام الحسين عليه السلام...
سماحة السيد... تعلمون ما تمتاز به المدرسة الشيعية من تنوع واختلاف حميم في الاجتهاد ووجهات النظر بين الآراء الفقهية والمعاملاتية وما للفقهاء من دور كبير في صيانة الأمة من التصدع والشقاق فيما بينها وأعني الأمة الإسلامية بكامل مذاهبها، وقد كان لكم العديد من المواقف والخطابات الداعية للوحدة مع أبناء السنة وكلنا احترام وتقدير لموقفكم الكريم.
سماحة السيد... يعز علينا وعليكم أن نجد شرائح كبيرة من مقلديكم يستغلون خطابكم وإفتائكم الديني في التصدي للآخرين ومحاربتهم داخل المذهب الواحد وطباعة المنشورات لمحاربة من يقومون ووفق قناعاتهم الشخصية وآراء مراجع تقليدهم الفقهية بإحياء الشعائر الحسينية التي يجدون فيها قربة لله ومواساة لأهل البيت . وقد حدث مؤخرا كما هو موجود في التسجيل المصور أدناه (2) من قيام مجموعة من مقلدي سماحتكم بالتصدي لأحد مواكب التطبير في مملكة البحرين في قرية سند وقذفهم بالعصي والحجارة والتعرض لهم بأقذع الألفاظ، فهل يرضيكم ذلك سماحة السيد الجليل أن يتحارب شيعة أمير المؤمنين بسبب الزج بإسمكم من قبل الجهلة والمعاندين وبسبب وقوفكم موقف الصامت إزاء ذلك؟ ولم يقتصر الأمر على البحرين بل حتى من يعيشون تحت كنفكم وبين ظهرانيكم حيث انه في إيران في هذا العام اعتقل مجموعة من المؤمنين من قبل قوات الأمن في مدينتي قم وأصفهان وعذبوا أشد التعذيب في البرد القارس كما أفدنا بذلك بعض أهالي المعتقلين وذلك لأسباب قيامهم بممارسة بعض الشعائر الحسينية التي لاترونها ويراها مجتهدون آخرون أخوة لكم في العلم والمعتقد.
سماحة السيد الجليل... أتمنى وأنا فخور الإنتماء بمدرسة الإمام الصادق أن نكون يداً واحدة كلاً يعمل وفق معتقده ورأي مرجع تقليده يجمعنا هدف واحد هو محمد وآله للوقوف ضد كل المخططات الصهيونية والأمريكية الساعية لتفريق شمل الأمة قاطبة، وكلي أمل أن يقوم سماحتكم بالحديث مع الوكلاء التابعين لكم في مختلف بلاد الخليج وغيرها لكي يكونوا زعماء إصلاح يقبلون بالرأي الآخر ويحافظون على بيضة الإسلام من الضياع لا أن يساهموا في المشاركة مع الجهلة أو السكوت عنهم فكما جاء: الساكت عن الحق شيطان أخرى..
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فلنترك لبعضنا البعض حرية التعبير في أداء الشعائر الحسينية والممارسات الشخصية مادام يجدها وسيلة تقربه من الله وتشعره بأسى المصيبة وقيمتها وتعظم فيه رمز الحدث مالم تكن مخالفة لهدي المرجعية التي ينتمي لها كل منا وليكن الامام الحسين رمز وحدتنا وثقافتنا.