الإمام المهدي.. ولِدَ أم سيولد؟!

اتفقت جميع الأديان السماوية على ظهور مصلح في آخر الزمان يملئ الأرض قسطاً وعدلاً ويسد تخبطها السياسي وعوزها الاقتصادي. ولكن اختلفوا في مسألة ولادة ذلك المصلح.. هل أنه ولِدَ أم سيولد في آخر الزمان. وكان ذلك الاختلاف واضح بين المسلمين أنفسهم فمنهم من قال بالرأي الأول ومنهم من قال بالرأي الثاني.

وعليه فلابد لكل من الفريقين الإدلاء بدليلهم وحجتهم ليؤخذ برأيه.. ولكن قبل هذا يجب أولاً معرفة هذا المصلح ومن هو؟

نقل الترمذي في جامعه الصحيح «سنن الترمذي» حديث عن الرسول الأعظم  قال: «لاتذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي»[1] .

إذاً فهو من أهل بيت رسول الله  ابن الإمام أبي محمد الحسن العسكري الذي ينتهي نسبه إلى الإمام علي ابن أبي طالب  وهو ممن نص عليهم الرسول الأعظم بالإمامة وليس هذا مدار كلامنا الآن - وأما الحديث عن ولادته (عج). ونأتي الآن إلى صلب الموضوع - ونسأل هل الإمام المهدي (عج) ولِدَ أم سيولد- وما دليل القائلين بذلك أو..لا؟ هناك فرقة بارزة من المسلمين وهي فرقة أهل السنة والجماعة قالت بعدم ولادة الإمام وإنما سيولد في آخر الزمان!! إلا أن الغريب في ذلك أنهم تضاربوا في أقوالهم وانقسموا فيما بينهم.. لأن الكثير من علمائهم قال بولادة الإمام(عج). 

  •  وهذه بعض الكتب ومؤلفيها التي تقول بولادة الإمام المهدي(عج) في عام 255هـ:

م الكتاب المؤلف

1

مطالب السؤول في مناقب آل الرسول

محمد بن طلحة الشافعي

2

البيان في أخبار صاحب الزمان

محمد يوسف الكنجي الشافعي

3

الفصول المهمة

محمد أحمد المالكي ابن الصبّاغ

4

تذكرة الخواص

سبط ابن الجوزي الحنفي

5

الصواعق المحرقة

أحمد بن حجر الهيثمي

6

الإتحاف بحب الأشراف

الشبراوي الشافعي

7

اليواقيت والجواهر

عبدا لوهاب الشعراني

8

الرياض النضرة

عبدا لله محمد المطيري الشافعي

9

صحاح الأخبار

سراج الدين الرفاعي

10

كتاب المحاكمة

أ. بهجت أفندي

11

فصل الخطاب

محمد بن محمد النقشبندي

12

ينابيع المودة

سليمان القندوزي الشافعي

13

نور الأبصار                      

الشبلنجي الشافعي

14

وفيات الأعيان

لابن خلكان

15

تاريخ مواليد الأئمة

ابن خشّاب

16

سبائك الذهب

محمد أمين البغدادي السويدي

17

تاريخ ابن الوردي

ابن الوردي

18

أحوال الأئمة

رسائل عبد الحق الدهلوي

19

دلائل النبوة

أبوبكر البيهقي

20

أحمد بن حنبل

في مسنده

وهذا العدد أنما هو قيض من فيض فقد ذكر سماحة السيد محمد كاظم القزويني «قده» أكثر من خمسين عالماً[2] . فهذه كتبهم وهذه علماؤهم يقرون بولادة الإمام المهدي(عج) في ذلك العام 255هـ، وإليك نماذج مما قالوا في ولادته:

1- يقول صاحب مطالب السؤول «أنه ولد في سر من رأى في ثالث وعشرين رمضان سنة ثمان وخمسين ومائتين للهجرة»[3] . ثم يعلق المحقق للكتاب ويقول«على أنه المشهور بين المسلمين أنه ولد في النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة»[4] .

2- وكذلك يقول ابن الصباغ المالكي في «الفصول المهمة» «ولد أبوا لقاسم محمد بن الحجة[5]  بن الحسن الخالص بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة»[6] .

3- وفي ينابيع المودة للقندوزي «وكان مولد المنتظر ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسون ومائتين،أمه أم ولد يقال لها نرجس توفي أبوه وهو ابن خمس سنين»[7] .

4- أما الصواعق المحرقة ففيه «أبي القاسم محمد الحجة:وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين،ولكن آتاه الله فيها الحكمة.. ويسمى القائم المنتظر»[8] . هذا مع ماللهيثمي من مخافة معروفة لمذهب أهل البيت  ومع ذلك يتعرف بالمولد الشريف في حينه.

نعم فهذه نماذج إقرار من علمائهم تقول بأن الإمام (عج) قد ولد بالفعل في ذلك العام أو الوقت الذي يقول به الشيعة. أم الذين قالوا بولادته فلم يشذ من علمائهم أحد،وأما الجهّال فلا معول عليهم من الطرفين.

هذا من جهة نقلية أم من جهة عقلية، فلا يمكن بأن تبقى الأمة بلا راع يدير شؤونها ولابد من إمام يسيّر أمورها فلو قال لك قائل إن مدير المدرسة الفولانية أو الشركة مثلاً تركها من دون أن يكلف أي شخص من وكيل أو غيره عليها؟! قطعاً سوف تستنكر عليه ذلك العمل أفهل يعقل أن الله يترك الأمة دون راع كل هذه الفترة الطويلة غير إمام؟

عن الرسول الأعظم  قال: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية»[9] . فمن إمام الزمان الآن - فإن فسرنا الآية الكريمة ﴿ وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولوا الأمر منكم [10] . على أن إمام الزمان هم أرباب السياسة والدول - فهذا لايمكن من وجهين على أقل التقادير- أولاً - لأن في هؤلاء الظلمة وغير العادلين وحاش لله أن يسلط على رقاب عباده من هو كذلك.

ثانياً - الحديث جاء بصيغة المفرد والمعروف هو عدم إمكانية اجتماع أكثر من إمام في زمن واحد - وهؤلاء أي «أرباب الدول» كثيرون؟

إذاً فلابد من وجود إمام مصلح واحد فهذا الزمان وفي غيره ليدير شؤون الأمة -ويكون مكمل للمسيرة التي بدأها الرسول الأعظم  لأن الإسلام مطلوب للكل عصر فإذا كان الإمام المصلح لايولد إلا في آخر الزمان فمن هو الإمام.. على اقل تقدير في هذا الزمان؟

إذا وفّقنا بين قول الشيعة وهم الفرقة القائلين بمولده (عج) وقول القائلين بمولده من الفرقة الثانية من أهل السنة والجماعة والأحاديث المتواترة الناصة على إمامته وفي حقه.. فلا يبقى شك في أنه إمام زماننا لأن الشريعة تنص أنه لابد من وجود إمام للكل زمان كما صرح الحديث الآنف الذكر.

ونبقى في آخر المطاف مع مسألة ولادة الإمام المهدي (عج) وهي ماتطرحه أحياناً بعض المذاهب الإسلامية بأنه لو سلمنا بأنه مولود فأن عمره الآن يتجاوز أكثر من ألف عام.. فكيف هذا يكون...!

فلوتمت الإجابة بأن هذا قد حدث في كثير من التاريخ فهذا نبي الله عيسى  قد عاش أكثر من ألفين عام وكذلك نبي الله نوح  كانت دعوة فقط تسعمائة وخمسين سنة وكما قيل أن نبي الله إدريس عاش مايقارب من ثلاثة ألاف عام.

بعد هذا سيقول من يترآى له في القدرة الإلهية نعم هؤلاء أنبياء أم المهدي فليس نبي، ونقول نعم هذا صحيح.. ولكن يبدو أنك لم تعلم بان أهل الكهف «ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً»[11] . وإن سيدنا الخضر يعيش من زمن النبي موسى  إلى الآن!!

وأن الصحابي الجليل سلمان المحمدي «الفارسي» عمّر ما يزيد عن ثلاثمائة وخمسين أو مائتين وخمسين عاماً، قال العباس بن يزيد:«قال أهل العلم: عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة،فأما مائتان وخمسون فلا يشكون فيه»[12] .

فهل هؤلاء أنبياء.. فإذاً المسألة ليست متوقفة على شخص معين أو فلان وفلان أنما هي بالقدرة الإلهية التي يعيها من ألقى السمع وهو شهيد.

 

[1] الجامع الصحيح للترمذي « سنن الترمذي» ج5 ص428.
[2] الإمام المهدي من المهد وحتى الظهور - لسماحة آية الله السيد محمد كاظم القزويني ص9-11.
[3] مطالب السؤول - محمد بن طلحة الشافعي - ج2 ص152.
[4] نفس المصدر السابق هامش ص153.
[5] بن الحجة: هكذا في الأصل.
[6] الفصول المهمة- ابن الصباغ المالكي - ص288.
[7] ينابيع المودة- سليمان القز ويني الشافعي - ج3ص510.
[8] الصواعق المحرقة - أحمد محمد الهيثمي - ج2ص601- ط/ مؤسسة الرسالة.
[9] صحيح البخاري كتاب الفتن ج9ص674.
[10] سورة النساء/ آية: 59.
[11] سورة الكهف/ آية: 25.
[11] حياة سلمان الفارسي - محمود شلبي - ص127