حديث الجمعة 23 ربيع الأوّل 1446هـ .
أدبوا أولادكم على حُبِّ نبيكم
بسم الله الرّحمن الرّحيم
1- (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ... ) آية 159 سورة آل عمران.
2- (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) آية 107 سورة الأنبياء.
3- (وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا) آية 46 سورة الأحزاب.
4- (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) آية 4 سورة القلم.
5- (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) آية 144 سورة آل عمران.
- هذه مجموعةُ آياتٍ كريمةٍ وردتْ فِي القرآنِ الكريمِ مِنْ ضمنِ مجموعةٍ أكبرَ وأكثرَ لهَا صلةٌ برسولِ اللهِ .
- لسنَا بصددِ ذكرِ تفسيرِها وبيانِ مضامينِها وأسبَابِ نزولِهَا، ولكنّنا نَوَدُّ أنْ نُشيرَ أنَّ القرانَ الكريمَ تحدّثَ عنْ النّبيِّ بما يَليقُ بِهِ ويُنَاسِبُ جَلالةَ وعظمةَ شخصيّتهِ، وجَاءَتْ رواياتُ أهلِ البيتِ وهم المصدرُ الأوثقُ والأصحُ والأفضلُ والألزمُ والألصقُ لمعرفةِ النّبيِّ الأكرم لتضعَ النّبيَّ فِي مكانِهِ الصّحيحِ وشرفِهِ الرّفِيعِ المتوافقِ مع آياتِ القرآنِ الكريمِ.
- وإنّني أدعو نفسي وأدعوكُمْ للقراءةِ والاطّلاعِ والإبحارِ فِي شخصيتهِ وأخلاقهِ وسيرتِهِ العطرة لنخطوَ الخطوةَ الصّحيحةَ فِي معرفةِ النّبيِّ الأكرمِ والتي هي مرتبطةٌ بمعرفةِ اللهِ عزِّ وجلَّ ومعرفةِ عليٍّ ابن أبي طالبٍ .
كما جاءَ فِي الدّعاء : " اللّهمَّ عرِّفْنِي نَفْسَكَ ...، اللّهمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ ...، اللّهمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ..." والذي تحدثنَا عنهُ فِي حديث الجمعةِ السّالفةِ في هذا المسجدِ المباركِ، وقلنا إنّه يجمعُ أعمدةَ المعارفِ الثّلاثةِ التي يقومُ عليها الدّينُ .
- وبعدَ أنْ نَسْلُكَ طريقَ معرفةِ النَّبِيِّ نقومُ بنقلِ هذِهِ المعلوماتِ والمعارفِ
للأبناء ِ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ : " أَدِّبُوا أَوْلَادَكُم عَلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ : حُبِّ نَبِيِّكُم، وَحُبِّ أَهْلِ بَيتِهِ، وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ "
- هذِهِ الخِصَالُ الثَّلَاثُ تَضمنُ لنَا جِيلاً مِنِ الأَبناءِ واعيًا ومهتديًا ومحصَّنًا من الانحرافاتِ السّلوكيةِ والفكريةِ والعقديةِ.
- ومما يؤسفُ لهُ تَنْتَشِرُ فِي وسائلِ التَّواصلِ الاجتماعي مقاطعُ عديدة في بعضِ البلدانِ للقاءاتِ الشّوارعُ ويظهرُ فيها كبارٌ وصغارٌ لا يعرف اسم النَّبيِّ الأكرم أو اسم والده !
والخصالُ الثّلاثُ متداخلةٌ مترابطةٌ وتقومُ على المعرفةِ :
نعرفُ نبيَّنا أوّلاً معرفةً صحيحةً من مصادرِها الصّحيحةِ فنُحِبُّهُ وهو قَامَ بالتّعريف الكثيرِ والواضحِ والمؤكَّدِ بأهلِ بيتِهِ فنعرفُهم ونحبُّهُم، ومعرفةُ النَّبيِّ ومحبّتُهُ ومعرفةُ أهلِ بيتِهِ ومحبتهُم موجودةٌ في القرآن فإذا أدَّبنا أولادنا على قراءةِ القرآن نكون قد أدبناهم على حُبِّ نبيه وأهلِ بيته.
- كما قلنا هذه خصالٌ ثلاثٌ متداخلةٌ مترابطةٌ، فهذا رسولُ اللهِ يوصي بأهل بيته وبالقرآن فيقول : " إنِّي تارِكٌ فيكم الثَّقَلَيْنِ أوَ الثِّقْلَينِ: كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعِتْرَتِي، كتابُ اللهِ حبلٌ ممدودٌ مِن السَّماءِ إلى الأرضِ، وعِتْرتي أهلُ بيتي، وَإِنَّ اللَّطِيفَ الخَبِيرَ أَخْبَرَنِي أَنَّهما لن يتفرَّقا حتَّى يرِدَا علَيَّ الحوضَ، فانظُروا بِمَ تخلُفوني فيهِما ".
وفي القرآن الكريم : (...قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ...) آية 23 سورة الشورى وفي القرآن الكريم أيضًا : (...إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) آية 33 سورة الأحزاب .
- أَعودُ للحديثِ عن معرفةِ النَّبيِّ الأكرم والتي كما قلتُ لكم أدعو نفسي وأدعوكم للتّزودِ والاستزادة منها ثمَّ نقومُ بنقلها للأبناءِ لِنُؤَدِّبَهُم على حبِّ النّبيِّ الأكرم حُبًّا يكونُ مستندًا على المعرفةِ لا على العاطفةِ فقط .
هناكَ نوعان من معرفة النّبيِّ :
النّوعُ الأوّلُ : ليس مطلوبًا بل ليس ممكنًا ولا متاحًا وهو الذي يحمل الأسرارَ الإلهيّة وهو الذي قاله رسولُ اللهِ لأميرِ المؤمنينَ علي بن أبي طالب عليه السّلام : " يا علي : لا يعرفُ اللهَ إلاَّ أنَا وأنتَ، ولا يعرفني إلاَّ اللهُ وأنتَ، ولا يعرفك إلاَّ اللهُ وأنَا "، ووردَ بلفظ " ما عرفَ اللهَ إلاّ أنا وأنتَ، وما عرفني إلاّ اللهُ وأنتَ، وما عرفكَ إلاّ اللهُ وأنا"، وفي روايةٍ أخرى : " ما عرفكَ يَا عليُّ حقَّ معرفتكَ إلاّ اللهُ وأنا ". المصادر: [ مختصر بصائر الدّرجات ص125 ، تأويل الآيات الظاهرة 1 / 139 / 18 و ص 221 / 15، إرشاد القلوب 209 ].
النّوعُ الثَّاني : وهو المطلوبُ والممكنُ والمتاحُ، وهو موجودٌ في كتبِ التّفسير والتّاريخِ والسيرةِ والأحاديثِ والرواياتِ بشرط أن يكونَ من مصدرِ أهلِ البيتِ؛ لأنّه هو المصدر الوحيد الصّحيحُ والموثوق وهم أعرفُ النّاسِ بالنّبيِّ وأهلُ البيتِ أدرى بالذي فيه.
وقد قالَ الإمامُ الصّادقُ عليه السّلام متعجّبًا : " نَحْنُ أهلُهُ وذُرِّيَتُهُ ، فِي مَنَازِلِنَا أُنْزِلَ الوحي وَمِنْ عندنا خَرَجَ إلى النَّاسِ العلمُ ، أفَتُرَاهُم علمُوا واهتدوا وجَهِلْنَا وَضَلَلْنَا ؟! " بحار الأنوار – ج2 – ص 179 .
- وفي هذا النّوع الثّاني هناك سيلٌ هائلٌ من رواياتِ أهل البيتِ عليهم السّلام ونُقُولاتِ الصّحابةِ الثّقاةِ كجابرٍ وعمارٍ وأبي ذرٍ وغيرهم ، وفيها قصصٌ جميلةٌ ومشوِّقةٌ تُناسِبُ الأطفالَ الصّغارَ نستطيعُ أنْ نحكيها لأطفالنا لنؤدّبهم على حُبِّ النّبيّ وحُبِّ أهلِ بيته ونربطُ ذلك بآيات القرآن الكريم.
ولا يسعني الوقتُ لذكرِ بعضها ولكنني وجدتُ مجموعة منها في كتاب : ( الدّمعةِ السّاكبةِ ) الذي ألّفه المحدّثُ الخبيرُ والناقدُ البصيرُ والزّاهدُ الورعُ الطّاهرُ الحاجُ مُلاَّ باقر البهبهاني قَدَّسَ اللهُ نَفْسَهُ والذي حَازَ على أحَدَ عَشَرَ تقريظًا من العلماء الأعيان والفقهاء الأركان وقد التزمَ رحمه الله بنقلِ خُصوصِ ألفاظِ الأخبار الواردةِ عن الأئمة الأطهار دونَ أنْ ينقُلَ شيئًا منها بالمعنى أو يُغيِّر لفظًا ومبنًى.
- في هذا الكتابِ الجميلِ يجدُ الآباءُ الكرامُ والأمّهاتُ الكريماتُ قصصًا جميلةً في سيرةِ النّبيِّ تساعدهم على تأديبِ أولادِهم بحُبِّ النّبيِّ ويمكنُهم تقديمها كقصّة جميلةٍ قبل النّومِ بدلاً من قصص الخرافاتِ والأساطيرِ، ومنها على سبيل المثالِ لا الحصر :
1-الأحجارُ والأشجارُ في شعابِ مكةَ تُسلِّمُ على رسولِ اللهِ .
2-الحصاةُ النّاطقةُ في كفّه .
3-نخلةُ دارِ أبي طالب وحديثُ النّبيِّ معها عندما كان صبيًا صغيرًا.
4-قصص مختلفة وجميلة لحديثه مع الحيواناتِ كالبعيرِ الذي شكا لرسولِ الله سوءَ معاملةِ أربابهِ والذّئبِ الذي شكا الجوعَ والظبيةِ المحبوسة.
5-قصة بكاء الجبل في غزوةِ تبوك وما دار من حديث بينه وبين رسول اللهِ .
- دعوةٌ لكُتَّابِ القَصَصِ والرّواياتِ لتحويلِ رواياتِ السّيرةِ النّبويّةِ إلى قصصٍ قصيرةٍ وهادفة ومشوقة للأطفالِ الصّغار تناسب أفهامهم ومداركهم تعرِفُهم رسولَ اللهِ وتُقرّبُهم إليه وتزرعُ محبَّتَهُ في قُلُوبِهم ويستخدمها الاباءُ والأمهاتُ في حكايةِ القصص لهم في أوقاتِ اجتماع العائلة أو ما يسمونها بقصةِ ما قبلِ النّومِ .
- كيفَ نشكرُ رسولَ الله ولن نبلغَ حقَّ شكره !! ؟
في كتابِ بحار الأنوار ج 91 ص 63 نقلًا عن كشفِ الغمّة : قالَ رسولُ اللهِ : " مَنْ قالَ : جَزَى اللهُ عنَّا مُحَمَّدًا مَا هُوَ أهْلُهُ أتعَبَ سبعِينَ كَاتِبًا ألفَ صباحٍ ".
- نسألُ اللهَ سبحانه وتعالى أنْ يُعلّمَنَا ويُعَرِّفَنَا على نَبيّهِ وأنْ يُعيننا على نقل هذه المعارف والمعلومات لأبنائنا حتى نَحصُلَ على " أَدِّبُوا أَوْلَادَكُم عَلَى حُبِّ نَبِيِّكُم ".
( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار) ِ
والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ وصلّى اللهُ على سيدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطّيّبينَ الطَّاهِرينَ