أبـتـــاه مكانك موجود

هكذا عاش الإمام الشيرازي دافعاً للبناء بكل كيانه
هكذا عاش الإمام الشيرازي دافعاً للبناء بكل كيانه

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ   

صدق الله العلي العظيم

منذ أن زوال النظام البعثي المجرم من العراق, عراق علي والحسين وأهل البيت(عليهم الصلاة والسلام),عندما تمر المناسبات وبالذات المناسبات الكبرى كالاربعين والنصف من شعبان ويوم عرفة وارى الوفادة العالمية إلى أرض كربلاء المقدسة من كل مكان في الدنيا تأتي لزيارة سبط رسول الله وسيد الشهداء الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهما السلام) وينقل التلفاز صور حّية من البث المباشر,وترى الناس قد إمتلئت بهم الشوارع والازقة والميادين وحول الحرمين ,حرم ابن بنت رسول الله فاطمة الزهراءالإمام الحسين وأخيه وحامل لوائه أبي الفضل العباس(عليهم السلام) وبينهما وداخلهما,وبالذات داخل حرم أبي عبد الله(عليه السلام) مكان إمام صلاة الجماعة في الصحن الشريف. يترائ لي هذا المنظر: كرسي أشبه ما يكون بالمنبر في الاتفاع والشكل يقف بجانبه سيد ذو لحيه بيضاء وعمامة سوداء و وجه يشع منه نور وابتسامة ابوية ينشرح لها القلب, والزائرين في ازدحام شديد يُسّـلمون عليه ويقبلوّن جبهته ويده,احد الزائرين يسئل شخص بجانبه من هذا السيد الجليل الذي يبدو عليه من أهل الله؟

المجيب: الا تعرفه؟

الزائر: لا

المجيب: انه إمام الحرم الحسيني الشريف, سلطان المؤلفين,معجزة العصر,المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي,نجل المرجع الديني الورع المقدس الميرزا مهدي الحسيني الشيرازي(قدس سره) اُخرج من العراق منذ أكثر من ثلاثين سنة والان عاد اليها.

دفعه حب الاستطلاع لكي يقترب من السيد ليتعرف عليه فقترب إلى أن و صل ومد يده وسلم عليه: سلام عليكم سيدنا. يرد عليه السيد: عليكم السلام ورحمة الله, اهلاً ومرحباً,في هذه الاثناء اخذ يتمعن في وجهه, لمح في عينيه نظرة أبوية,سمع من  لسانه كلمات حنونة يصل صداها للقلب واحس بشعور غريب وجميل وقال للسيد قبل أن يمشي: دعائكم سيدنا.

السيد: إن شاء الله موفقين.

الزائر: في أمان الله سيدنا.

السيد: حفظكم الله في أمان الله.

نعم في كل المناسبات هذا المشهد لا يفارقني , اراى ان السيد اعلى الله درجاته موجود وله مكان, مكان خاص به ولا يناسب و يسع غيره,انه مكان(آغا محمد) وهو الإسم الذي يُـذكر به لدى الكسبة والشارع الكربلائي خاصة والعراقيين عامة.صحيح انه رحل لكن الذي رحل كان جسمه وليست روحه وأفكاره.

ومع احترامي وتقديري لكل المرجعيات الدينية(حفظهم الله واطال في اعمارهم) وخصوصاً النجمتين الساطعتين في سماء المرجعيات :

نجمة المرجع الديني المحقق الحاج السيد صادق الحسيني الشيرازي

ونجمة المرجع الديني المحقق الحاج السيد محمد تقي المدّرسي

دام ظلهما واطال الله في اعمارهما الا أن مكانة السيد(اعلى الله درجاته) خاصة به .

لقد كان يتمنى العوده إلى العراق وإلى كربلاء المقدسة لكن رحل ولم يحقق هذه الأمنية وهي كمثلها من الامنيات الكثيره لم يحققها,ولا اخفي عليكم أن السيد كان يعلم بان النظام البعثي المجرم سيزول والكل سيرجع الا هو سينتقل لعالم اخر وقد اشارلذلك في احدى محاضراته بعنوان كيف تكون إنسانا مفيداً يقول للحضور: إن شاء الله صدام يروح وانتم ترجعون للعراق لإعمالكم السابقة. لم يقل نرجع بل انتم ترجعون وغيرها من الشواهد.

وما احوج كربلاء إليه اليوم بل ما أحوج العراق بل العالم الإسلامي إلى توجيهاته وإرشاداته وحلوله المبتكره وخصوصاً اطروحته العظيمة شورى الفقهاء التي إن قـدّر لها أن تطـّبق بالشكل  الصحيح والكامل لانقذت الأمة الإسلامية بأكملها من التفرقة والضياع والتشتت حتى في ابسط الامور مثل هلال الاشهر وغيره. ومادمت ذكرت هذا الموضوع ارى واجباً أن اذكر له احدى كلماته حول هذا الموضوع يقول(اعلى الله درجاته) :

نحن مدعوون جميعاً للسعي بكل جهودنا وطاقاتنا للقضاء على أرباب الخلاف والتفرقة, وكل مظاهر العنف والفاحشة في مجتمعاتنا الإسلامية..

نظرته للمسلمين كانت دائماً شاملة لا تستثني أحد لانه يرفض تقسيم المسلمين على مبتنيات غريبة على الإسلام ومتناقضة معه كالقومية واللغة والجنسية والحدود المصطنعة وكتبه مليئة بافكاره  وارائه بهذا الشأن والتي هي أحد اسباب نقمة الاخرين عليه.

 

رحمك الله يا أبتاه

عشت مجاهداً

ومت مقهوراً

ودفنت مظلوماً

وسيكتب عنك التاريخ الكثير

سلام عليك يوم ولدت ويوم هاجرت ويوم مت صابراً مظلوماً

 

ابنك الذي كنت ولا زلت وستظل تعلمه وتربيه وتفهمه