ملتقى القرآن الكريم في دورته الثانية

شبكة مزن الثقافية قطيفيات - متابعات للكاتب: باسم البحراني

 
 انعقد ملتقى القرآن الكريم في دورته الثانية بحسينية الرميح بمدينة ‏سيهات هذا العام تحت شعار (القرآن والحياة... قراءة في قيمة الحياة وتداعياتها على حياة المسلمين)، ‏وذلك في وسط مشاركة ملحوظة، تنمُّ عن مستوى التلهف للاستهداء بالفكر القرآني الأصيل، وخير ‏دليلٍ على ذلك مدى التفاعل من قبل الحضور المشاركين رجالاً ونساءً، حيث تقدّم عددٌ من الحضور ‏بمجموعة من المداخلات القيّمة، التي أضفت على الملتقى مسحةً من الحيوية والحَراك الفكري والثقافي.‏
وكان البرنامج كالتالي:‏

الليلة الأولى:‏

ليلة الأحد الموافق 17/9/1425هـ كانت ليلة الافتتاح، فبعد تلاوةٍ عطرة من كتاب الله ‏الحكيم، افتتح سماحة الشيخ زكريا داود الملتقى القرآني في دورته الثانية، من خلال كلمةٍ أشار فيها ‏إلى أن الحياة تمثِّل إحدى القيم الكبرى التي أُنزل من أجلها القرآن الكريم؛ لذلك أصَّل لها القرآن ‏باعتبارها أصل عظيم يرتكز عليها كثير من القيم الإلهية، بل هي من أعظمها، لأنها لولاها لما كان ‏للرسالة أيُّ معنى.‏

من هنا نلحظ أن القرآن الكريم في الحين الذي يأمر فيه بالحفاظ على الحياة، نجده ينهى عن ‏كل ما من شأنه إلحاق الأذى بها، أكان ذلك مادياً، كالقتل والضرب والاعتداء، أم معنوياً، كالقذف ‏والنميمة والغيبة، لذلك أسّس القرآن الكريم لمجموعة من القيم الأخلاقية والإنسانية التي تراعي هذا ‏الجانب، بل ذهب القرآن الكريم إلى أبعد من ذلك، فنهى عن مجرد تمني الموت فضلاً إزهاق الروح.‏

وفي مقابل هذه الصورة نجد أن القرآن يدفع بنا إلى طلب الموت (الاستشهاد) باعتباره يُعطي الحياة ‏معنىً، فأيُّ معنىً للحياة إذا كانت ذليلة، مسحوقة الكرامة، فالحياة إنما يكون لها معنى إذا كانت ‏كريمة، من هنا كان لاختلاف المقام والموضوع تأثيره على الحكم تجاهها.‏

بعد ذلك سماحته إلى مجموعة من النقاط التي أكّد عليها القرآن الكريم:‏

‎•‎ قتل النفس يعتبر من وجهة النظر القرآنية قتلاً لكل الإنسانية.‏

‎•‎ وسّع القرآن من مفهوم الحياة فاعتبر العلم حياةً للإنسان.‏

‎•‎ وفي مقابل ذلك جعل مجموعة من الأمور نقيضاً لمعنى الحياة، كالكفر وعدم الاستجابة ‏لمقتضيات الوحي.‏

المشاركة الأولى:‏

المشاركة الأولى كانت لسماحة الشيخ عبد العظيم المهتدي البحراني من مملكة البحرين، فبعد أن عرّف مدير الملتقى (الأستاذ مهدي صليل) بسماحة الشيخ البحراني، شرع سماحته بتقديم ورقته التي ‏جاءت تحت عنوان: (حياة الإنسان... بحث قرآني حول قيمة الحياة الإنسانية وضرورات الإنقاذ في ‏زمن العنف).‏

وبعد أن قدّم لورقته بمقدمة تحدّث فيها عن سيئات العنف والاعتداء على النفس البشرية ‏المنطلق من الجهل أو الأطماع أو البعد عن تعاليم الوحي، كما أكّد فيها على مركزية المحافظة على ‏النفس البشرية في الفكر القرآني وضرورة إنقاذها، بعد هذه المقدمة أشار سماحته إلى القيمة الكبرى ‏التي تحظى بها النفس البشرية، وأن الله جل وعلا كرّمها ورفع قدرها، ثمّ تحدث عن ركيزتين:‏

‎•‎ الركيزة الأولى: وقد احتوت على مبحثين:‏

‏1.‏ في القتل والموت والقصاص والجزاء.‏

‏2.‏ في التنبيه على العوامل غير المباشرة المؤدية إلى ذلك.‏

‎•‎ الركيزة الثانية: وقد احتوت على مبحثين أيضاً:‏

‏1.‏ عناصر الدفاع المشروع:‏

‎ - بيان العقيدة بالأدلة النقلية‎ والعقلية والمقاييس العلمية.‏

‎ - الإعداد والاستعداد بتحصيل‎ جميع مكونات القوة والمرهبة.‏

‎- الضربات الوقائية.‏ ‎

- الجهاد الدفاعي.‏ ‎

- التعايش الأهلي والسلم‎ الاجتماعي.‏

‏2.‏ دعائم الحياة وضرورات الإنقاذ:‏

‎ - الاعتقاد بالمنظومة الفكرية‎ الإسلامية المترابطة الأجزاء.‏

‎ - احترام الحريات‎

‎ - العدل والإحسان.‏ ‎

‎ - إشاعة السِّلم كحالة مدنية‎ عامة.‏

‎ - توزيع الثروة بالعدالة‎ والإنصاف.‏

‎- بذل المساعي الإصلاحية بين‎ الناس.‏

‎ - حفظ البيئة من جميع الآفات‎ التي تهدد سلامة الإنسان وتعرِّضه إلى ‏الأمراض والموت.‏

‎ - دعوة القرآن إلى التفكر في‎ عاقبة الآخرين ودراسة التأريخ وتجارب ‏السابقين.‏

‎ - نبذ الحسد والمكر لاستلاب‎ الخير من الآخرين والسطو على مكاسبهم.‏

‎- التواصل العلمي والانفتاح على‎ حضارات الشعوب وتجاربها الإنسانية.‏

‎ - احترام العهود والمواثيق.‏ ‎

‎ - النظرة إلى دار الآخرة‎ والانطلاق في الأعمال بروح تتطلع إلى حسن ‏العاقبة ودخول الجنة.‏

المشاركة الثانية:‏

أما المشاركة الثانية في هذه الليلة، فكانت لسماحة الشيخ فيصل العوامي (مشرف عام في ‏مؤسسة القرآن نور)، وقد كانت ورقته المقدّمة تحت عنوان: (الأنا والآخر... المنطق القرآني في ‏التعامل مع الآخر)، وفي ورقته هذه اعتبر سماحته السلم أصلاً في التعامل مع الآخر، أما العنف (اللا ‏سلم) فهو استثناء، واعتبار أن تركيز سماحته جاء على آيات القتال، فقد أشار إلى أن ضد السلم ‏يحتاج إلى نص خاص أو إذن خاص أو ظرفٍ خاص، لذلك ذهب المشهور إلى عدم جواز الحرب ‏الابتدائية في عصر الغيبة، لعدم تأتي الإذن الخاص المنحصر في المعصوم عليه السلام.‏

وهكذا استطرد سماحته في الحديث عن هذا السياق من خلال استنطاق الآيات القرآنية ‏الشريفة.‏

هذا وقد تخلل المشاركتين العديد من المداخلات والإشكالات التي تقدم بها الحضور، مما ‏جعلها تضيء العديد من الجوانب، وتحاول سد بعض الثغرات.‏

*الليلة الثانية:‏

والتي صادفت ليلة الاثنين الموافق 18/9/1425هـ فكانت كالتالي:‏

المشاركة الأولى:‏

كانت لسماحة الشيخ نمر باقر النمر قدَّم ورقة تحت عنوان: (الرؤية القرآنية في التعامل مع ‏الآخر)، وفي ورقته هذه أشار في البدء إلى أن الصبغة العامة لنظرية التعامل مع الآخر تقوم على أساس ‏الرحمة، فكل العطاءات والفيوضات التي يتلطف بها الله جل شأنه على الإنسان قائمةٌ على هذا ‏الأساس، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث قال بأن العقوبات واجتثاث المجرمين -أيضاً- إنما هو ‏رحمةٌ للعالمين.‏

‎ آلية التعامل:‏ ‎

وانطلاقا من أساس الرحمة الذي أسس له في البدء، أفترض سماحته أن تكون الآلية مصطبغة بذات ‏الصبغة الرحمانية، ومن تلك الأساليب التي بيّنها القرآن الكريم:‏

‎•‎ الحوار والجدل الأحسن.‏

‎•‎ التركيز على نقاط الالتقاء وجعلها محور العلاقة.‏

‎•‎ مراعاة المشاعر الإنسانية بعدم استفزاز الآخر.‏

‎•‎ إطفاء نائرة الفتن وتجفيف مستنقعات التوتر وذلك بالإعراض عن الجاهلين والمشركين ‏والغض عن تصرفاتهم.‏

‎•‎ الروح الإيجابية والتعامل الإيجابي، والمبادرة الإيجابية والنظرة الإيجابية.‏

‎•‎ اعتماد مبدأ الحرية والاختيار.‏

‎•‎ الدعوة إلى السلم الشامل.‏

‎•‎ تعدد النظرة إلى الآخر التي توجب تعدد أساليب وأنواع التعامل.‏

‎•‎ الحرب الشاملة على الآخر الذي ينقض العهود والمواثيق.‏

‎•‎ العدالة الشاملة مع الآخر بجميع أطيافه.‏

‎•‎ المرونة وتغيير الأساليب الممكنة إذا استدعت المصلحة الشرعية ذلك.‏

‎•‎ البر بالآخر الذي لم يقاتل المؤمنين.‏

المشاركة الثانية:‏

أما المشاركة الثانية فكانت لسماحة الشيخ عباس العنكي الذي قدّم ورقة تحت عنوان: ‏‏(المجتمعات... تكوينها- العلاقة بينها)، وتجدر الإشارة إلى أن الذي قدّم الورقة هو سماحة الشيخ ‏حبيب الخباز بالنيابة.‏

وفي هذه الورقة تحدّث سماحته عن بداية تكوّن المجتمعات البشرية من نبي الله آدم عليه السلام، ‏وفي هذه السياق تعرَّض سماحته لمناقشة أمر إشكالي يتعلق بمسألة استمرار النسل بعده، من خلال ‏أبنائه، مما جعل الورقة مثار جدل وتساؤلات أسكتها عدم تواجد صاحب الورقة في الملتقى.‏

وهكذا تحدّث سماحته عن العلاقات التي يجب أن تربط بين هذه المجتمعات التي جعلها الله شعوباً ‏وقبائل.‏

وهكذا أيضاً، تخلل المشاركتين العديد من المداخلات والإشكالات التي تقدم بها الحضور، ولكن ‏الذي تميزت به هذه الليلة هو المداخلات النسائية التي شارك بها الأخوات.‏

وقد أدار هذا اللقاء الأستاذ حسين المحسن.‏ ‏ ‏