الشيخ حسن النمر والحرية في المنطق القرآني
في إطار مشاركته في مؤتمر القرآن الكريم والمنعقد في حسينية الرميح بمدينة سيهات قدم سماحة الشيخ حسن النمر مساء يوم الخميس 16 رمضان ورقة على طاولة المؤتمر عنونها "حول الحرية في المنطق القرآني".
وقد أكد سماحته في دراسته على إن "الأصل الأولي في طبيعة العلاقة هي (الحرية المطلقة) ولا يصح قرآنياًّ أن يقيد أحدٌ حريةَ أحدٍ إلا وفقاً للقانون الذي استعرضته مجمل الآيات والروايات التي بينت قواعده ومبادئه، وفصلت أحكاماً تنبثق من تلك القواعد والمبادئ، وهي في مجموعها، على مستوى الأصول والتفاصيل، تقوم على أساس العدل والقسط".
غير أنه يستثني "من هذا الإطلاق في الحرية ما أثبتته الآيات والنصوص الشرعية المعتبرة من ولاية نابعة من ولاية الله عز وجل، مما يقتضيه النظام الاجتماعي الذي لا يحق لأحد تجاوزه أو التعدي عليه لأن فيه افتئاتاً على الحق المطلق، بمنظور أصحابه، وعلى حقوق أطراف هذا النظام الاجتماعي الآخرين".
ويرى سماحة الشيخ النمر "أن التغيير، والتحرر نوعٌ من التغيير، لا يتحقق من غير توفر الإنسان نفسه على نزوع ذاتي نحو المقصود، فقال تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾" [الرعد: 11]. و"أن لمعارف الوحي دوراً محورياًّ في إحداث التغيير، من خلال إعادة صياغة الإنسان داخلياًّ، وبمقدار تفاعل الناس في الدرجة الثانية، عبر وسائل تتوزع على إصلاح الجوانب العقلية والنفسية والسلوكية، بما يسوغ لنا تسميته أسس النهضة السبعة، ثلاثة توفرها الدعوة، وأربعة يتوفر عليها المستنهَضُون" وهي "التطهير التنوير التحرير التصديق الانتماء النصرة الثبات والاستقامة".
ويبين سماحته بـ "أن الحرية في القرآن مقيدة بسلسلة من القوانين الكونية والتشريعات الوحيانية، وهما اللذان يشكلان معاً ما نسميه نظرياًّ (الحق)، واللذان يتحقق بالالتزام بهما معاً الأرضية لتحقق الاستخلاف، الذي يعتبر الفلسفة والغاية من خلق الإنس والجان، اللذين يملكان القدرة على الاختيار، وهي ما نعنيه بـ (الحرية)، قال تعالى:﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾" [الذاريات:56].
وأما عن حرية التفكير فيقول إن " القرآن الكريم يحض الناس على فضيلة الاستماع وغربلة الأفكار واختيار الأحسن منها، قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ﴾ [الزمر:18]. وهذا يعني – فيما يعني – التحرر من أسر الفكر المتخلف والمنحرف والخاطئ، والتحرر من أسر التقاليد البالية التي لا تلتقي والمنطق، وهذه من صلب وظيفة الوحي ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ﴾ [الأعراف: 157].
وعن حرية التعبير يؤكد سماحته إن المنطق القرآني "يكفل للإنسان حرية التعبير، بمعنى أن له يتفوه بما يعتقده، بما لا يصطدم مع حريات الآخرين ولا حقوقهم". "فلك أن تعبر عن مقاصدك دون أن تعتدي على الآخرين، فـ﴿اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾".
وقد تداخل على ورقة الشيخ النمر الأستاذ عبد القادر المعيريك وأبدى بعض الملاحظات عليها منها حول عدم تقديم الدراسة مفهوم الحق الذي على أساسه تقيد الحرية، كذلك أن لم توضح مفهوم الحرية بشكل مجرد، ولم تفصل بين الحرية التي هي في قبال العبودية وبين حرية الاختيار في مجالات الحياة الأخرى.
وعلق سماحة الشيخ النمر بقوله " حينما ركزنا على أن الحق هو الذي يجب أن يكون مقيداً وحيداً؛ لابد أن هناك منطق يحدد لنا هذا الحق، وهو مجموع ما ورد في القرآن والسنة والحل الوحيد الذي نستطيع أن نرفع فيه الخلاف والنزاع هو الرجوع إلى معصوم، أما إذا لم يكن هناك معصوم فمن المستحيل أن تتفق الأمة كلها على فهم واحد موحد، ولذلك يكون الإختلاف مشروعاً".
- صور من المؤتمر