إذاعة كربلاء تحاور سماحة الشيخ مرتضى معاش حفظه الله

شبكة مزن الثقافية اجرى الحوار هادي الربيعي
كل ما يحصل الآن في العراق هو تقدم ايجابي نحو صناعة المستقبل
كل ما يحصل الآن في العراق هو تقدم ايجابي نحو صناعة المستقبل


الشيخ مرتضى معاش في حوار مع اذاعة كربلاء  F. M: كل ما يحصل الآن في العراق هو تقدم ايجابي نحو صناعة المستقبل

• الغربة هي سجن اخر للانسان .
• العالم يغزونا وعلينا ان نفعل شيئا .
• الطفرة مستحيلة في عمر الحضارات والتحولات تحتاج الى زمن .
• يجب ان يترافق بناء الداخل مع بناء الخارج بنفس المستوى من الاهمية .

استضافت اذاعة كربلاء  F.M في محافظة كربلاء المقدسة فضيلة الشيخ مرتضى معاش رئيس تحرير مجلة النبأ لالقاء الضوء على مجلة النبأ اضافة الى تناول موضوعات اخرى  .

  •   ماذا عن مجلة النبأ العراقية، متى صدرت، وكيف صدرت؟ وكيف كانت امكانياتها في البداية، وماهي الصعوبات التي واجهتموها في اصدارها؟

  بسم الله الرحمن الرحيم

 في البدء كان هدف المجلة الاساسي هو احتلال دور ثقافي متميز، يقوم على اساس بث الوعي وملاحقة النهضة المعاصرة، بدا اصدار المجلة قبل اثني عشر عاما في المهجر ، وصدرت في عدة بلدان آخرها كان في سورية ولبنان، وبدات المجلة بنشر بعض الموضوعات المتميزة والتي تمس على وجه الخصوص موضوعات الحريات، واخذت تعالج بعض مسائل الفكر الاسلامي المعاصر، وحاولت المجلة في اسلوبها واهدافها ان تمزج بين الاصالة والمعاصرة اي انها حاولت ان تؤسس لفكر معاصر يقوم على اسس وأطر متأصلة، وكان الهدف الاساسي من ذلك هو المزج والتوفيق بين الاصالة والمعاصرة.

  •   نحن نعرف ان مكاتب النبأ متعددة في عدد من البلدان، وهذا يعني ان المجلة تسم بصفة العالمية نرجو القاء الضوء على هذه المكاتب.

ـ مجلة النبأ مجلة اصبح لها تاريخ، وقرأوها المتابعون يعرفون ذلك، وخاصة القراء الذين يتابعون اعدادها على الانترنيت، وهناك مكاتب في مدريد، وبرلين وواشنطن ودمشق والكويت وسورية ولبنان وايضا كربلاء، فهناك على الانترنيت ما يسمى شبكة النبأ المعلوماتية ويسعى الموقع الى نشر المجلة على الانترنيت حيث نشرنا معظم اعداد مجلة النبأ على هذه الشبكة المعلوماتية، بالاضافة الى المتابعات اليومية في مجالات الثقافة والعلوم وما يحدث من جديد في العالم، وقد حاولنا من خلال هذا الموقع ان نطرح المجلة، ومعظم القراء يتابعون المجلة على الانترنيت، وحين تقرأ اعداد مجلة النبأ تلاحظ ان هناك كتاب من اوربا واسبانيا والمانيا والعديد من الدول الاخرى،فالمجلة في محاولتها في الدمج بين الاصالة والمعاصرة وطرح موضوعات هامة. تحاول ان تعمق الوعي في النهضة المعاصرة وهكذا اخذت ابعادا كبيرة وانتشارا واسعا.

  •  نعرف ان مجلة النبأ العراقية ، صادرة عن مؤسسة النبأ، فهل من ضوء على مؤسسة النبأ..؟

ـ مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام مؤسسة تمتلك العديد من البرامج والفعاليات ولها مكتب في بغداد، ويقوم هذا المكتب بمجموعة من الفعاليات والبرامج اخرها كان تأسيس بيت الحوار العراقي، وقد اقامة هذا البيت ندوة طرحت فيها مجموعة من الموضوعات الهامة مثل موضوع الشخصية العراقية وقضية التسامح وموضوعة الرأي والراي الاخر، بالاضافة الى الموقع على الانترنيت وهو موقع هام تتبناه هذه المؤسسة وترفده يوما،بالاضافة الى اصدار مجلة النبأ والمساعدة في اصدار مجلة بشرى وهي مجلة نسائية ثقافية، وهناك ايضا نشاطات اخرى قد تكون دورية او مؤقته أ اما العمل الدائم فهو المجلة نفسها وموقع الانترنيت واقامة بعض الندوات.

  •  هل من مواصفات خاصة لمن يريد المساهمة في مجلة النبأ؟

ـ نرجو ان نكون عند حسن ظنكم فيما تحملون من مشاعر لهذه المجله، ونحن في حقيقة الامر، نحاول ان نكون متميزين في عملنا، ولذلك نطلب من الكتاب الذين يودون المساهمة في المجلة او يركزوا افكارهم لكي نقدم للقاريء الكريم مقالا مكثفا رصينا، ونحاول كذلك ان نقدم التميز في الافكار، ونتجاوز عادة الافكار المستهلكة والتقليدية، وهذا هو جوهر هدفنا، ونحن نرحب بالكتاب من اية جهة والمهم لدينا ان تكون كتاباته رصينة متميزة ونحن نحاول التنويع في المجلة من نشر دراسات وبحوث التي تستوجب التوثيق ، كما ان هناك مقالات قصيرة قد لاتحتاج الى توثيق، وهناك ايضا حوارات اضافة الى بعض الابواب الثابته، والمهم في المقالة ان تكون مكثفة ومركزة وتتطرق الى موضوعات جديدة.

  •  فضيلة الشيخ مرتضى معاش عانيتم من الغربة فماذا فعلتم خلال رحلة الغربة، وماذا اصدرتم، وكيف مضت السنوات بكم؟

ـ لقد عشنا في الخارج وهمنا الاساسي هو العراق والخروج من المحنة التي كان يعيشها، وانت لاتدري كم هي صعبة الهجرة، فالهجرة هي سجن اخر للانسان، فانت تحب ان تكون في المكان الذي تنتمي اليه، وحينما تكون مهاجرا ووطنك يعيش في سجن كبير، فانك تحمل هذا السجن في اعماقك اينما تكون، وكان همنا الاساسي ان نتعلم من تجارب الاخرين لكي نستفيد منها في وطننا، وقد تعلمنا الكثير من تجارب الشعوب الاخرى واطلعنا على ثقافاتها وعلى قيم تلك الشعوب وعلمنا منها الكثير، واهم ما تعلمناه هو كيف نعيش ونتألقم مع الاخرين وهذه النقطة اساسية واهم ما يجب ان يتعلمه الغريب عن وطنه هو ان يتعلم كيف يتعايش مع محيطه الجديد، ومن وجهة نظري فان من يهاجر ولا يتعلم كيف يتعايش مع الاخر فكانه لم يتعلم شيئا وسوف تكون حصيلة غربته هباء منثورا، ولابد له ان يتعلم من الاخر، وان يتفاعل مع الاخر، وان يحب الاخر وان ينفتح عليه ويحترم اراءه، وكثير من الخلافات قد يكون سببها الجفاء ولابد علينا ان نتعلم حب الاخرين، لقد عشنا سنوات طويلة من الكراهية ولابد نطوي ملف الكراهية والحقد الى الابد، وانا اسف للبعض الذي عاش الغربة دون ان يتعلم منها شيئا وظل يحمل في داخله ايديولوجية العنف، فالتعايش قائم على التسامح وعلى اللاعنف، ولابد للانسان ان يكون في قلبه متسامحا فالايديولوجية التي تنظر للاخر بازدراء وعدم احترام وتعصب لايمكن ان تفتح امامه افاقا جديدة في التفاعل مع التجارب الانسانية.

  •  ماهي طبيعة الاهتمامات التي تتناولها كتابات فضيلة الشيخ مرتضى معاش؟

ـ كتبت مجموعة من الدراسات حول موضوعات العنف واللاعنف، وكان تركيزها على هذه الموضوعات بسبب طبيعة المرحلة التي نعيشها في مجتمعاتنا القائمة على العنف الاخلاقي او الجسدي او الفكر فالعنف هو الذي يولد الاحقاد والتصادم، وحاولت التركيز على هذا الجانب لمعالجة اساسية، وقد حاولت ان استنبط العبر من تراثنا وتجاربنا، وكذلك ايضا مجموعة من المقالات حول المعلوماتية باعتبار اننا نحتاج الى الدخول الى هذا العصر المعلوماتي وركزت على ضرورة الاستجابة من المكامن التي تفيدنا لنواكب حركة العصر.

  • وعلى ذكر المعلوماتية، المعلوماتية تغزونا الان وهي تحمل ايديولوجاتها، ونحن نعيش مرحلة غزو فكري فكيف نحصن انفسنا؟

ـ كتبت ثلاثة مقالات في المجلة حول هذا الموضوع المعلوماتية والانفتاح الكبير الحاصل في العالم، وهناك نوعان من الناس، هناك من يقاطع وهناك من يذوب، والذي يقاطع لايستطيع ان يقاطع، فاليوم اصبح العالم قرية واحدة ،والذي يذوب سوف ينسلخ من هويته وقيمه واخلاقياته، وكثير من الناس ذابوا في الثورة المعلوماتية الحديثة، ولاشك ان ما يعرض على الفضائيات وخاصة الفديو كليب يشكل خطورة كبيرة على اولادنا وعلى قيمنا واخلاقياتنا، ولا نملك الا ان نحصن ابناءنا من هذه الاوبئة من خلال التثقيف المتواصل، ان نعمل على تعليم ابنائنا بالقيم الايجابية الجيدة، ونحاول ان نكون فاعلين، بدلا من ان نكون خاضعين لردود افعال، ويتم ذلك بتثقيفهم بالثقافة المعاصرة المرتكزة على الثقافة الاسلامية والدينية ، ويجب ان تكون هذه الثقافة عميقة ولا تتوقف عند حدود السطح وهذا يحتاج الى جهد مؤسساتي كبير والى تفاعل بين الاباء وهذه المؤسسات، فلا يجب ان ينتظر الاب من يأتي اليه، بل يتوجب على هذا الاب ان ياخذ زمام المبادرة في التفاعل لتاسيس ثقافة تحصينية لاولاده .

  •  في هذه المرحلة المعقدة كيف نبدا الطريق الى هذا الهدف الكبير...؟

  المشكلة تكمن في الاتكالية، وكل شخص ينتظر ان ياتيه احدا ما ليبدا الخطوة الاولى وهذا هو الخطا فعلى كل واحد منا ان يبدا الخطوة الاولى على طريق المبادرة الفورية يقول الامام علي
اتحسب انك جرم صغير      وفيك انطوى العالم الاكبر
هذا الكيان الانساني الذي خلقة الله تعالى في اكمل هيئة عليه ان يعي دوره التاريخي وخاصة في المرحلة التي نعيشها ولا يمكن ان نضع كامل المسؤولية على جهة ما، فالمسؤولية تكافلية وتقع على الجميع بنفس مستوى الاهمية، واود ان اقول ان العالم يغزونا، واذا لم نفعل شيئا قد نخسر غدا اولادنا، بفعل القيم الوافدة عبر الانترنيت والستلايت.

  •  عند زيارتي لك اراك منهمكا دائما في عالم الكومبيوتر فهل تشرفون على مواقع على شبكة الانترنيت؟

ـ نحن نقوم بمجموعة نشاطات ونعتبر الانترنيت وسيلة جيدة لنشر الثقافة والفكر، والانترنيت يضعنا في العالم، وموقعنا على الانترنيت يقوم بدور كبير في نشر الثقافة المعاصرة الفاعلة، وهناك تحديث يومي للموقع.

  • كتبتم عددا كبيرا من المقالات فلماذا لاتفكرون بجمعها في كتاب...؟

 في الواقع ان طبع الكتاب يحتاج الى تفرغ ونحن منشغلون دائما ولا نحصل على الوقت الذي نتفرغ فيه لمثل هذا المشروع ونحن نتنازل عن بعض اشيائنا الشخصية من اجل تكليفنا بالواجب الذي يحتاج الى كل ما نمتلك من وقت ، فعالم مجلة النبأ، وعالم المواقع على الانترنيت يشغل كل وقتنا وسوف نحاول ان نجد مثل هذا الوقت لانجاز مشاريعنا الخاصة في المستقبل انشاء الله، ومن جانب اخر انا حريص على ان اقدم للقاريء كتابا رصينا، وهذا هي مكامن التاخير.

  •  فضيلة الشيخ مرتضى معاش كيف تنظرون الى هذا المرحلة الساخنة، وكيف تنظرون الى المستقبل؟

 هناك مشاكل كثيرة وهناك سلبيات كثيرة، ولكن انا اعتبر كل هذا طبيعيا في عمر الشعوب والحضارات عندما تتحول نحو الافضل، وهذا التحول يحتاج  الى زمن، ولا يمكننا ان نستعجل التغيير بمعنى الطفرة، فالطفرة مستحيلة في عمر الحضارات ومن وجهة نظري فان كل ما يحصل الان هو تقدم ايجابي نحو صناعة المستقبل، فالشعب العراقي الان يبني دستوره ويبني قيمه ويبني نفسه من خلال الممارسة العملية الطبيعية للانتخابات، فهناك مؤسسات المجتمع المدني وهي مؤسسات غير معروفة سابقة في الحياة السياسية العراقية، واهم نقطة في هذه المرحلة هي اعادة اعمار الثقافة، اعادة اعمار النفوس المخربة، ونحن الان نواصل بناء عراق جديد عبر مراجعة سلبياتنا وظواهرنا المدانة التي يتوجب علينا ان نتجاوزها ، فما فائدة ان تبني عمارات لنفوس مخربة تحتاج الى ترميم لتسموا الى مستوى القيم الانسانية، نحن بحاجة الان الى بناء الذات الانسانية، الى بناء النفوس التي تعرضت للتخريب، الى بناء قاعدة فكرية جديدة، فالمواطن اليوم يجهل ابجديات الحياة الحقيقية التي تنص عليها قوانين العالم ودساتيره. ونحن في بداية  بناء مرحلة جديدة ومن المؤكد ان بناء هذه المرحلة يحتاج الى زمن اخر وفي الوقت الذي نؤكد فيه على اعمار الداخل، فان هذا لا يعني التخلي عن بناء البنية التحتية التي يعتمد عليها عراق اليوم لبناء غده، وما اعنيه ان يترافق اعمار الداخل مع اعمار الخارج بنفس المستوى من الاهمية.