مجلة النبأ في إصدارها الخاص :العنف والإرهاب جثة وطن وقاتل مأجور
يأتي صدور العدد 78 من مجلة النبأ مقاربا لما يمر به العراق من مخاضات عسيرة فمن وطأة الوضع الأمني إلى ارتباك خطوات العمل السياسي، فضلا عن التلكؤ في الخدمات المطلوبة، إن العراق اليوم مرهون بوجوده عبر كدح طويل مر به وكأن الإرهاب يضع العراق أمام اختبار، تخضع له كل مكونات الشعب العراقي، حول ما هو المطلوب لإدامة السلم الوطني وخصوصية التعايش الاجتماعي بين أطيافه.
لقد تناولت النبأ العنف والإرهاب في عدد خاص جاء في 320 صفحة، تحت عنوان(جثة وطن وقاتل مأجور) احتوى على مقالات متنوعة اهتمت بموضوعة الإرهاب فمن مقال محمد محفوظ(أسباب ظاهرة العنف في العالم العربي) الذي ينطلق فيه من سؤال هل الاستنكار يكفي لدرء آفة الإرهاب؟ أيضا يسلط الضوء على دلالات الإرهاب والعنف فمن المدلول اللغوي لمفردة العنف والإرهاب حيث يصل إلى تعريف العنف بأنه(هو كل مساس بسلامة جسم المجني عليه، من شأنه إلحاق الإيذاء به والتعدي عليه)، بعدها، يأتي مقال علي عبد الحسين كمونه(في البنية الفكرية الدينية للإرهاب) يدعو فيه إلى عدم التركيز على تعريف الإرهاب بل محاولة بحث الأسباب والعوامل الفكرية والدينية التي تشجع الإرهاب وتجعله أسلوبا من الأساليب الممارسة في تأجيج وتوجيه الصراعات الأيديولوجية وتصعيد النزاعات السياسية والسلطوية أو الدينية والطائفية، لذلك يقودنا تحليل تلك الأسباب إلى دراسة تكون العقيدة الاجتماعية لدى الإنسان، ثم يأتي مقال الأستاذ حسين درويش العادلي(العنف ضد المرأة الأسباب والنتائج) يشير الكاتب إلى أن المرأة العراقية أكثر المتضررين من العنف السياسي الذي جسّده نظام الطاغية صدام حسين سواء تمثل بعنف التصفيات المباشرة للنساء المعارضات أو بسبب استخدامهن كوسيلة للضغط على ذويهن أو بسبب أنماط العنف الاجتماعي والاقتصادي والقيمي الذي وقعت ضحيته المرأة العراقية طوال عهود الاستبداد، وتلتفت مقالة(اثر التربية والتعليم في نمو ظاهرة الإرهاب) بقلم عقيل يوسف عيدان وأيضا(الإرهاب أضراره وعلاجه) وهي مقالة كتبها الشيخ عبد الله احمد اليوسف، إلى معالجة أثر الإرهاب في التربية والمجتمع.
وقامت النبأ بإعداد استطلاع ميداني حول نظرة المجتمع إلى العنف المسلح ساهمت فيه شرائح متنوعة من طبقات الشعب العراقي اتفقت اتجاهاته تقريبا على نبذ كل أشكال العنف فتمثل بذلك وجهة لا يستهان بها من اتجاهات الرأي العام الذي يفترض أن يكون حاضنة، كما قدمت المجلة أوراق الحلقة النقاشية التي أعدها مركز المستقبل للدراسات والبحوث(حول دواعي الإرهاب عالميا) تشكلت ضمن أوراق قدمها باحثون عراقيون منهم الأستاذ الدكتور متعب مناف والتي كانت ورقته بعنوان(الإرهاب والإرهاب في العراق) وكذلك قدم الدكتور خليل الربيعي ورقة بعنوان(الإسلام والإرهاب)، وناقش الدكتور حميد السعدون(العلاقة بين الإرهاب والاتحاد الأوربي)، كما قام د. عامر حسن فياض بطرح رؤى وتصورات(حول حقيقة سياسة الإرهاب ومكانة الإرهاب)، بعدها قرأ الدكتور عبد الرسول عبد جاسم ورقته والتي كانت بعنوان(المعطيات الاقتصادية لمعالجة الإرهاب).
كما تضمن العدد مجموعة من الحوارات في أسئلة توجهت فيها النبأ إلى مثقفين عرب وغربيين لتقف على رؤيتين للإرهاب في الشرق الأوسط والعراق تحديدا، وكيف يستقبلون تجيير بعض الإسلاميين لهذه الظاهرة لأنفسهم على أنها جهاد بما فيها من مقتلة غالبا للأبرياء.
ووقف العدد الخاص من النبأ عند الجنبة النفسية للإرهاب فكانت هناك مقالتان( سيكولوجية الجماعة التدميرية) للأستاذ عبد الرسول عداي و(العنف واللاعنف سايكولوجيا) للدكتور سعد الإمارة.
كما عنيت دراسة سعد سلوم بـ(المحافظون الجدد وترسيخ بنية العنف) لتقف على سياسة العنف كيف تسلسل إلى السياسة الأمريكية من خلال اتجاهات مهيمنة عليها.
وفي دراستين عن العصيان المدني للباحثة أزهار الغرباوي والمحامي جميل عودة محاولة لإيجاد بدائل للعنف المسلح في صورة احتجاج ورفض حضاري يتم عبر مؤسسات سلمية وحركة الأفراد وضغطهم بكل الأشكال.
كما عني العدد بإبراز اثر الإرهاب على الأمهات الفلسطينيات في مقالة ناهض منصور.
هذا فضلا عن الكثير من الأبواب التي بحثت في جذور الإرهاب في التراث العربي الإسلامي من خلال اقتباسات من كتب التراث ورجوع للتاريخ القريب في الصحافة لبعض التصريحات التي عنيت بإبراز عنف القادة السياسيين، فكانت موضوعات مثل(من تراث الجلادين) و(التكاليف الاجتماعية والإنسانية للعنف) و(حكي زمان) و(مثلث الموت).
كما تضمن العدد عرضا لكتاب الإمام الشيرازي( فقه السلم والسلام) حيث يمثل الإمام أحد الوجهات المهمة في الدعوة إلى اللاعنف في تاريخ الإسلام الحديث.
وفي العدد ببلوغرافيا عن الإصدارات والمقالات المنشورة في الصحف والمجلات وتناولت موضوعة العنف.
لقد سعت النبأ في عددها الخاص هذا إلى القول إن العنف والإرهاب في العراق وفي العالم في طور المشكلة التي يمكن معالجتها والخوف أنها تتحول إلى إشكالية مزمنة بسبب عدم طرح الحلول الصحيحة لمنع نمو تلك الظاهرة في المجتمع العراقي وألا تصبح خزينا جاهزا لإشعال وحرق واحتراق الوجود العراقي كله، فلو توقفنا عند مقالة الأستاذ الدكتور متعب مناف، نلاحظ أن المقالة ركزت على توجهات الإرهاب والدوافع التي يأتي منها فكون الإرهاب تكنيك(وسيلة) تروم الجماعات المعزولة اجتماعيا البحث عن وجودها فيه(الإرهاب) ودفع أثار التسلط عليها لذا أخذت تلك الوسيلة خطوات العنف( VIOLENCE ) أو التهديد بالعنف.
فضلا عن الأبواب الثابتة في المجلة.
للمزيد مراجعة موقع المجلة على الانترنت:
http://annabaa.org