هوّن عليك يا عمي


 
عندما رأيت هذه الصورة وجدت قلمي يعبث على صدر الورقة ؛؛ ولم أنتبه إلا وقد خرجت بهذه الكلمات ..

متى تخرج روحي من جسدي !!
متى أسافر من الدنيا بلا أمدِ ..
متى أسكن في الرمسِ وحدي ولا أحدِ ..

كلمات قالها كهلٌ وهو يحمل بين يديه المهزوزتين جثة صغيرته المخمدة الأنفاس ..
المغيبة الملامح ..
الباهتة الطفولة ..
التي سلب القدر نسيج السعادة من بين أناملها وحرمها من استكمال الغِرز لإتمام النسيج ..
طفلة أُغتيلت بسمتها العذبة على أعتاب الشفاه الجافة المتعطشة لنسيم الابتسامة ..
وؤدت قبل أن تولد لرحم الدنيا ..
هاهي خطوط التجاعيد البائسة تمارس لعبة بشعة على صفحة وجهه السمحاء ..
فخلف كل خط قصة مريرة ..
وخلف كل دمعة اسطورة كسيرة ..
وخلف كل نظرة من نظراته كارثة كبيرة..
مسكين أنت يا عم فأي حزن يعتريك !!
وأي كلمات تخرس البلغاء والمتكلمين لتستنطقك أنت!!
هذا هو الحزن الأقصى ..
حينما تحبس تأوهاتك !
وتُخرس نبضاتك !
وتُقيّد عبراتك!!
لا تنطق يا عمي ..
لاتبوح ..
لا تهمس ..
فحديث عينيك الذي يخفي تناحر من بحور الهم وأمواجه يشلّ الألسن ..
ويستبيح ذرف الدموع على بلاط الانسانية ..
ويزلزل منابع العواطف والمشاعر والأحاسيس ليفجرها ..
ويقذف حممها كالبراكين ..
لاتتنهد ..
لا تزفر ..
فزفراتك وتنهداتك حارة تكوي شغاف القلب ..
وتذيب غشاءه ..
وتصهر الأوردة بالشرايين ..
هل حفرت لها قبرا بنفسك !!
هل واريتها التراب وأهلته عليها !!
ساعد الله قلبك اذن ..
وأخيــــــــــــــــــــرا ،،،!
ها أنا خلفك يا عمّي أتقدم الصفوف ..
اجتاز المساحات ..
وأكسر الحواجز ..
لأختصر المسافات ..
كي أصل اليك وأطبطب على كتفيك الواهنتين وأقول : هوّن عليك يا عمـّــــــــي!!!