الاتجاه التشريعي والتكويني للعبادات

شبكة مزن الثقافية

تحدث سماحة الشيخ غازي شبيب الشبيب «حفظه الله» في مسجد الغريري بمنطقة أم الحمام في خطبة الجمعة بتاريخ 1 رمضان 1425هـ الموافق 15 أكتوبر 2004م (حسب تقويم ام القرى) عن الاتجاه التشريعي والتكويني بما يرتبط بالشمس والقمر والتوقيت التعبدي المرتبط بهما كـ«الصلاة، والحج، والصوم» وقال بالنسبة لعبادة الصوم فأنه يعتمد اعتمادا كبيراً على ثبوت الهلال ورؤيته، حيث تطرق سماحته لما يحدث من تشجنات بين الناس بسبب ثبوت أو عدم ثبوت الهلال بأنه لا أصل له في الدين، ودعى المؤمنين في هذا الشهر الفضيل باحترام عبادة الصوم وكف الأذى عن الآخرين بكل أنواعه..

فيما يلي بعض مما جاء في كلمته:

 بسم الله الرحمن الرحيم

ابتدأ كلامه بالآية الكريمة ﴿ ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج  والآية الكريمة ﴿ والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم  صدق الله العلي العظيم

وقال سماحته: إن الآيات الشريفة التي تحدثت عن الشمس والقمر في القرآن الكريم جاءت في اتجاهين:

• الأول: الاتجاه التكويني: وهي الآيات التي يذكر فيها الله سبحانه وتعالى عظائم مخلوقاته ودقة النظام في هذا الخلق كقوله ﴿ والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها   أو كقوله عز وجل ﴿ لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون  فالحدث في هذه الآيات عن الشمس والقمر في جانبهما التكويني والخلقي ودقة وثبات نظامهما وأنهما مخلوقان يسيران ويتحركان ضمن أوامر الله وتوجيهاته.

• الثاني: الاتجاه التشريعي: وهي الآيات التي ذكرت وأوضحت أحكاماً تشريعية مرتبطة بالشمس والقمر، فالعبادات قسم منها يتعلق بمسيرة وحركة الشمس وقسم آخر يرتبط بحركة القمر وثالث يرتبط بهما معاً.

فالصلاة مثلاً ترتبط في الشمس في توقيتاتها كقوله عز وجل ﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا .

والحج في توقيته العام يرتبط بالقمر حيث يقول سبحانه ﴿ ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج .

والصيام في توقيته العام المرتبط ببداية الشهر ونهايته يعتمد على القمر لقوله عز وجل ﴿ فمن شهد منكم الشهر فليصمه  حيث قال بعض المفسرين أن شهود الشهر هو رؤية الهلال وتحديد بداية الصوم، وإن كان القول الأشهر هو أن الشهود بمعنى الحضور، أي أن يكون المكلف حاضراً لا مسافراً لان الحضور وعدم السفر هو من شروط صحة صوم أي مكلف.

وتعتمد هذه العبادة أيضاًَ «الصوم» على الشمس في تحديد اليوم الشرعي للصيام وذلك من قوله عز وجل ﴿ حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل  فيمتد وقت الصوم من آذان الفجر حتى أذان المغرب.

ثم قال سماحته «حفظه الله»: وثبوت عبادة الصوم يعتمد اعتمادا كبيراً على ثبوت الهلال ورؤيته وقد ذكر الفقهاء طريقان لثبوته، فالأول هو ما يفيد العلم وذلك من قبيل الرؤية المباشرة أو إتمام عدة الشهر السابق أو ما يحصل بالتواتر والشياع المفيدان للاطمئنان. والثاني هو طريق ظني إلا أن الشارع نزله منزلة العلم وذلك من قبيل البينة الشرعية المعتمدة على شهادة العدول وأقلهم اثنان.

فعبادة الصوم تحتاج إلى ثقة واطمئنان المكلف بثبوته المستند إلى ما مضى بيانه، فإذا ثبت الصوم أو ثبت العيد فإنه لا مجال هنا للمداراة أو للمجاملة أو التنازل وينبغي على المكلف أن يعتمد على اطمئنانه ويمارس ويلتزم بما وجب عليه، ولا مجال هنا للمزايدة بين الناس أو للمناقصة والاتهام أو ما شابه ذلك من التهريجات..

فما يحصل بين بعض الناس من تشنجات بسبب ثبوت أو عدم ثبوت الهلال لا أصل له في الدين، بل الأصل عكسه وهو ضرورة أن يعتمد كل مكلف على اطمئنانه هو.

وطالب سماحة الشيخ الشبيب الجميع باحترام عبادة الصوم وذلك بكف الأذى عن الآخرين بكل أنواعه فهذا شهر هو عند الله من أفضل الشهور، وسأل الله أن يوفقنا جميعاً لصيامه وقيامه وتلاوة كتابه.