التاروتي : قناة الأنوار إشراقه جديدة لإعلام الحقيقة

الاستاذ صالح التاروتي

 صالح التاروتي - منذ ما يقارب العام انطلقت إلى أجواء الفضاء التلفزيوني قناة (الأنوار) حاملة معها خطاب ( متزن ومتوازن يتسم بالاعتدال والتعامل الهادئ مع القضايا ويتوخى الصدق والأمانة في الطرح ويتبع أسلوب الحوار البناء وينتهج العلمية في الطرح والمضمون ).


انطلق القائمون على قناة ( الأنوار) في رؤيتهم للعمل الإعلامي من خلالالفهم لمقاصد الشريعة الإسلامية كما تدل عليها النصوص ويشرحها الفقهاء والعلماء من حيث أن غاية الإسلام هي تحقيق مصالح الإنسان ودفع الضرر والمفاسد عنه والارتقاء به للعيش ضمن حياة سعيدة في الدنيا تنتهي بالفوز بالجنة بالرضوان في الآخرة ، وهي من هذه الروية تلتزم المبادئ الإسلامية في جميع أهدافها العامة والخاصة ومرجعها في ذلك الكتاب والسنة المطهرة والفقه الإسلامي ، وتتنوع في برامجها بتنوع مجالات الإسلام ، فكل ما يصدر عن القناة من مواد وحقائق وأخبار وبرامج في المجالات الثقافية او الاقتصادية او السياسية او تلك التي تعنى بالجوانب الترفيهية تستوحي جميعها من المبادئ والأصول الدينية . وهي إذ تحيطنفسها بقدسية الجوانب الروحية والتعبدية تتناول بذات القدر الجوانب المادية والحياتية الأخرى.

 وتستخدم القناة كل الوسائل المشروعة لتزويد الناس بالمعلومات الصحيحة والحقائق الثابتة والأدلة المنطقية التي تساعدهم على تكوين رأي صائب وموقف سليم تجاه القضايا المطروحة وهي في الوقت الذي تخاطب العقول عن طريق الإقناع والصراحة والوضوح وتلتزم الصدق والأمانة تبتعد عن الوسائل الملتوية والخداع وإثارة الغرائز وتتنكر لمقولة (الغاية تبرر الوسيلة) وهي بالتاليلا تستخدم الباطل لترويج الحق .

 ان مجموعة من القيم الروحية والمبادئ الأخلاقية تتحكم في القناة كضوابط لا حياد عنها ، وهي من خلال التزامها بتلك الضوابطتواجهمجموعة من الصعوبات الفنية والعملية الا ان الإصرار على المواجهة يجعلهاقادرة على الارتقاء بالقناة للوصول الىمثال إعلامي ملتزم.

 ان طموح القناة الذي لم تبلوره البرامج التي عرضت خلال الشهور الماضية يتجاوز كونها قناة وعظية وإرشادية بالطرق التقليدية ، فهي لا تفترض التقوقع في مجال المحاضرة والنشيد الديني لتنطلق الى رحاب العمل الإعلامي الواسع بكل أدواته وفنونه . ان القناة لا يعيبها ابدآ ان يطلق عليها (حسينية فضائية) فالمنبر الحسيني ظل وسيبقى منارا تشع منه أنوار الهداية والرشاد لائمة الحق والهدى وتفتخر القناة ان قسم من برامجها ينقل هذه الأنوار عبر الفضاء لتعم الفائدة طبقة أوسع من البشرية غير ان طموحها يندفع الى استخدام كل وسائل الإبداع التقني والفني في عالم الإعلام الفضائي،ولتحقق التكامل الذي وصفت نفسها به باعتبارها قناة (ثقافية، اجتماعية، إخبارية، منوعة).

 ان خلق حالة الانسجام والتفاعل بين المرسل وهي هنا قناة الأنوار وبين المتلقي من الجمهور تستوجب ان تخاطب الجميع كل بثقافته وذوقه ، ولكل وسيلة للتفاهم والتخاطب ، وتنوع البرامج بتنوع الجهة المتلقية يعطي المزيد من المصداقية للقناة ويساعد على المزيد من الاستقطاب الجماهيري ، من هنا تولي القناة في رسم خريطة برامجها المستقبلية على مزيد من التنوع في البرامج لجميع فئات المجتمع أطفالا وشبابا، رجالا ونساء،وتضع في اعتبارها التفاوت الفكري والثقافي بين الناس والتسلسل العمري والاختلاف في اهتمامات الجنسين بحيثتتوجه القناة لكل فئة بخطاب يناسبها، وتعد القناة بمزيد من الاهتمام بالنشء والشباب لتقديم نوع جديد من الترفيه الهادف والمفيد.

 ان الوسيلة الإعلامية الطامحة للنجاح لا يمكن ان تحصر نفسها في إطار فئوي ضيق يتعاطى مع الفكر والثقافة والرؤىالسياسية من خلال بعد واحد او رؤية واحدة تنطلق من الذات الحزبية او الفئوية من هنا انطلقت القناة لتعبر عن جميع المدارس في البيت الواحد ، وتلقى بانفتاح تحياتها العقلية والمنطقية لتتخاطب مع البيت الجار بكل مودة واحترام . ان القناة تعي جيدا تعدد المدارس والتيارات والتجمعات داخل الطائفة إلا أنها باشرت ومن منطلق صادق مديدها للجميع ليساهموا في صنع النجاح لهذه التجربة الوليدة، وستستمر على هذا المنهج، وهي إذ لا تشكو من صعوبة في الوصول لمن حولها في محيطها إلا أنها تجتهد في الوصول الى الأبعد من المحيطيحذوها الأمل في تعاون الجميع دون قيود إلا ما ألزمت به نفسها من قيود. وهنا لابد من الإشارة بان القناة وان ضبطت منظومتها العملية بالميل الى رأي فقهي دون الأخر تتعامل مع الاجتهاد المقابل بالموازين الشرعية التي تنظم الاختلاف في الاجتهاد ( مبرئ لذمة من تعبد به).

 ان قناة (الأنوار) في الوقت الذي تتمسك فيه بالأصول والمبادئ التي تنطلق من مدرسة أهل البيت عليهم السلام بكل وضوح وشفافية وتعرض العقائد المذهبية دون مواربة وتنقلها حية كما يمارسها ويعتقد بها أبناء الطائفة تتوجه للآخر بكل احترام وتقدير،وهي وان قاربت بالنقد والتعريض لفكرة يؤمن بها الآخر ليس الا ضمن دوائر النقاش العلمي والجدل المنطقي الرامي للوصول للحق.

 والقناة تنتهج الوسطية في أطروحتها الإعلامية فهي ترمي لنشر ثقافة الاعتدال والتسامح والدعوة لنبذ العنف وتدعو الى التعامل والقبول بالآخر وهذه الثقافة هي (التي تمثل روح التعاليم الإسلامية والقيم الإنسانية التي تشكل قاعدة صلبة للتحاور مع الآخر ) وهي فوق هذا تعمل على بث روح الوحدة والتعاون بين شعوب العالم من خلال الطرح الايجابي والمعتدل.