ترجمة : الخطيب الشاعر الملا حسين الشبيب

 

الخطيب الشاعر الملا حسين الشبيب

[حدود عام 1297هج =  27/2/1369هج]

 

   هو الخطيب الملا حسين بن شبيب بن محمد بن عبد علي بن شملان.

   قيل إن نسبهم القديم يرجع إلى قبيلة تميم بحسب ما يرى ولد المترجم الملا عبد الكريم (ت 1395هج).وبحسب ما ينقل الشيخ فرج العمران (ت 1398هج) أنَّ جده شملان كان سُنِّياً سُبَيَعِيًّا من نجد ممن استبصر وجاء للقطيف وسكن بلدة الخويلدية مدة من الزمن وأنجب فيها ابنه عبد علي، وكانت قبيلته تسمى بـآل شملان في تلك الفترة، ثم سميت بـآل عبد علي. وقد سكن عبد علي الجارودية فيما بعد، ثم سافر للعراق وسكنها آونة من الزمن، وعاد فيما بعد ليستقر في أم الحمام التي أنجب فيها ولده محمداً جدَّ المترجم، وقد أنجب محمد من الأولاد ستة من الذكور من بينهم شبيب ( ت حدود 1344هج) والذي سميت العائلة باسمه. وقد امتازت هذه العائلة بالذكاء والفطنة وجودة الحفظ بصورة عامة.

   ولد الملا حسين في العقد العاشر من القرن الثالث عشر حدود عام 1297هج – 1879م ، والمضنون أن الولادة كانت في بلده أم الحمام والنشأة بها أيضاً. وتعلم القراءة والكتابة في سنٍ مبكر على يد المعلم المرحوم الحاج يوسف المعلم (ت حدود 1325هج)، ودرس شيئاً من القواعد العربية على حجة الإسلام الشيخ حسن علي البدر القطيفي (ت 1334هج)، وكان السبب في دراسته لها، أنه نظم قصيدة يرثي فيها بعض العظماء من أهالي القطيف، فعرضها على الشيخ المذكور ليهذبها، فاشترط عليه أن يدرس أولاً الاجرومية، فاعتذر بما لديه من مشاغل كثيرة، فألح عليه الشيخ فاستجاب له، وبعد أن درس الاجرومية أعطاه الشيخ القصيدة فتأمل ما بها من أخطاء نحوية ولغوية، فلم يرض بها ومزقها.

 

   عرف الملا حسين وامتاز بالذكاء والفطنة وجودة الحفظ كما هو معروف عن عائلته، إلى كونه رجلاً دَيِّنًا منغمساً في حب أهل البيت ، وقد أخذ على عاتقه خدمتهم طيلة حياته، فعقد مجلساً للعزاء عليهم في كل ليلة بصورة عامة، وفي أيام الوفيات والعاشوراء بصورة خاصة، وكل ذلك على حسابه الشخصي وفي بيته، فعرف بكونه أحد خطباء المنبر المشهورين، وقد تتلمذ على يديه في الخطابة بعض المقربين منه في تلك الفترة. كما كان زعيماً اجتماعياً له خدماته الدينية والوطنية ذو شخصية أهلها الله لأن تكون فوق أمثالها، وله مكانته عند المجتمع وكذلك عند الدولة، وتربطه مع الكثيرين شبكة من العلاقات الطيبة، على الصعيد العلمائي والوجاهي والذي يخص منهم الشيخ حسن علي البدر، والتي أفرزتها شخصيته ومهنة المحاماة التي مارسها فترة كبيرة من حياته، يضاف إلى ذلك حسه السياسي بما جرى من أحداث على القطيف كشفت عنه رسالة أرسلها للسلطان العثماني يطالبه فيها بالتدخل لضبط الاستقرار في المنطقة.

 

   وقد عبر عنه العلامة الشيخ علي المرهون بعين القلادة في بلاده بعد الشيخ منصور المرهون (ت 1362هج). ومما يثير الانتباه هنا أنه ربما كان ينتمي لنفس المدرسة التي كان لها دور متحرك على الصعيد السياسي والتي كان من أهم روادها الشيخ محمد بن ناصر النمر (ت 1348هج) والشيخ حسن علي البدر، والتي كان الشيخ منصور المرهون من أهم التلاميذ الذين تخرجوا منها.

   أمَّا شعره فإن له شاعرية متقدة تميزت بسعة الخيال، وجمال الأسلوب، وحسن السبك، وابتكار المعاني، وكثرة العاطفة، في اللغتين الفصحى والدارجة، تدلك على عبقرية فذة، وإخلاص صادق، وعقيدة راسخة، غير أن المؤسف هو أن ما جمع من شعره وهو المختص بأهل البيت لا  يعدو كونه جزءاً من كثير من شعره فيهم مما ضاع أو لم يدون، وفي ما قيل في ومواضيع متفرقة ومناسبات مختلفة أكثر من ذلك بكثير، ولا زال بعض من كبار السن يحفظ نزراً منه، وقد كانت المجالس الحسينية التي يعقدها في بيته خير مقيض لانبعاث القريحة حسبما تقتضيه الحاجة. وقد انبرى الشيخ علي المرهون حفظه الله ملحاً على الملا حسين لنشر شعره قبل وفاته بعشرة أعوام، فكان يعده وعوداً يلمس منها بصيص الأمل، لو أمهله القدر حينها لانبثق منها نور مشرق وضاء، غير أن الموانع على اختلافها حالت بين التحصيل على كل ماله من شعر، حيث أن ما جمعه لم يتأت إلا بعد جهد وعناء. كما بذل الخطيب الشيخ عبد الحميد المرهون محاولته عندما ترجمه في كتابه الجذوة كي يقدم له ما لم يطبع من شعر في جزئي الديوان، فكان ما أورده ثلاث قصائد باللغة الدارجة. أمَّا الديوان فقد عني بنشره الشيخ علي المرهون باسم ديوان الشبيب، حيث طبع الجزء الأول والجزء الثاني بالمطبعة الحيدرية بالنجف الأشرف عام 1373هج.

 

   توفي رحمة الله عليه، عن عمر لا يقل عن نيف وسبعين سنة في 27/2/1369هج إثر داء عضال استعصى على الأطباء، وكان ذلك في مستشفى الظهران. وقد خلف أربعة أولاد وأربع بنات هم:

 

1-   الملا عبد الكريم [حدود أوائل العقد الثالث من القرن الرابع عشر = أواخر شعبان 1395هج].

2-   سامي [   13هج =   14هج]

3-   الحاج نديم [حدود 1342هج = 22/10/1405هج].

4-   الحاج محمد [    13هج =    14هج].

5-   فاطمة [    13هج = 2/9/1416هج] تزوجت الحاج أحمد بن عبد العال.

6-   نجاة [    13هج =   13هج] تزوجت الملا علي بن سلمان بن محمد الشبيب.

7-   نعتة [    13هج =2/1/1426هج ]تزوجت الخطيب الملا عبد العظيم بن كاظم الشبيب.

8-   رومية [   13هج =   13هج] تزوجت الحاج راضي بن إبراهيم الشبيب.

 

  إذا تذكرت يوم الطف

يا سادتي وحماتي ما بقي جلد
ألا تمنوا على من يستغيث بكم
فإن تروني بما قد قدمته يدي
فالعفو عادتكم والصفح سيرتكم
ولست أول راجٍ أمَّ فضلكم
إني قصدتكم لما رأيت لكم
لأنكم كنز جودٍ لا نفاذ له
وبحر فيض ندى تجري نوائله
وكل من لم يراكم في الزمان له
خسران لو كان أغنى الناس قاطبة
ومن تطوق طوق الاعتقاد بكم
لأنكم حجة الله العظيم على
الإنس والجن والأملاك قاطبة
والأنبياء لكم عقد الولاء بهم
وكنت من حيث لا حام سواكم لي
أبيت والقلب من حزني لكم وجل
إذا تذكرت يوم الطف هيجني
وكم لكم في جذت من يد ولكم
عار يكفنه سافي الرياح كما
وكم لكم أنجم فوق الثرى ركدت
قضوا عطاشى ولم تبرد لهم غلل
عليهم الخيل تجري آه والهفي
وكم لكم حرة يوم الطفوف بدت
تدعو فلم تر من حام تلوذ به
بلا كفيل ولا كهف وقد هجموا
أن ليس يبقى على محجوبة أبداً

 

ولا بقية مما نالني كبد
بنظرة ليس يبقى بعدها كمد
من الخطايا التي يحصدها عدد
وأنتم خير من بالخير قد وعدوا
ولا بأول من في بابكم وفدوا
أهل المقاصد والحاجات قد قصدوا
ولم يزل يجر منه المد والمدد
وجملة الخلق في ساحاته ترد
أئمة فهو لله الكريم عدو
لم يجده المال حين العلم يفتقد
فهو الغني وعنه الفقر مبتعد
كل الخلائق إن قَرُّوا وإن جحدوا
أنتم ولاتهم قاموا وإن قعدوا
من عالم الذر في أعناقهم عقد
أسعى لخدمتكم شوقاً وأجتهد
سهران والناس حولي كلهم رقدوا
الله كم لكم ذابت به كبد
كم بات ملقى على حر الثرى جسد
كانت تظلله الخطية القصد
بكربلا ومصابيح بها ركدوا
والماء حولهم طام ومطرد
لها رواح على أجسادهم وغد
حسرى تناهبها الأحزان والكمد
وما بقي من بني فهر لها أحد
بالخيل في خدرها الأوغاد واجتهدوا
من الحلي سملا إلا له أخذوا

تهدم من حصون الدين سور

قالها في رثاء الشيخ حسن علي البدر:

 

تهدم من حصون الدين سور
وشمس المجد قد أفلت وغابت
وغار البحر فانفجرت عليه
ودين محمد ضعفت قواه
فيا لله من خطب عظيم
ورزء فادح جلل عظيم
أطل على الهدى في جنح ليل
وأصبحت الخلائق في اندهاش
وخيل لي كأن الناس قامت
وأعول في السما ناعيه ينعى
نعى فبدت من الحجب العذارى
لمن تنعاه ويك ابن فنادي
قضى ليث الوغى علم المعالي
بنفسي أفتديه على سرير
وراح الدين يصفق راحتيه
فأسكنه الجليل جنان عدن
وعاد مشيعوه كأن كلاً
وكم للدهر والأرزا شهود
يشرع فيهم حنقاً ويرمي
لأن له سهاماً لا ينحي
فقم نبكي حسيناً يوم أمسى

 

فخل على الهدى خطر كبير
وأظلمت الكواكب والبدور
بشجو من محاجرنا بحور
لفاجعة بكت منها الصخور
يذوب لذكره القلب الصبور
لموقعه تقصمت الظهور
فما اسطاعت تحمله الصدور
كأفراخ تحوم بها الصقور
قيامتهم وقد حان النشور
كما في الأرض قد نشرت شعور
فقلت ارفق تهتكت الستور
قضى الإسلام وارتفع السرور
وروح الدين والأسد الغيور
بجانبه الهدى حزناً يسير
وعرش الله كاد له يمور
وعن جنبيه ولدان وحور
جوارحه تقطعها النسور
على أهل العلوم يد تجور
مراميه فلا يخطى الغدور
مضاربها الجنود ولا القصور
على الرمضا تظلله الطيور

 b وله مما لم ينشر من الشعر الدارج:

 

   يقال إن القرى كانت لها مسابقات في الفروسية، وكان لكل بلدة علم تضعه عند مقدمة لاعبيها، والبلدة التي تهزم ينزل علمها، ويقال إن أم الحمام لم ينزل علمها في تلك الألعاب، فقال هذه الأبيات، وكانت تقال في العرضات التي تقيمها البلدة في بعض الناسبات:

يالبنت ياللي خدها مثل القمر
لاتاخذين اللي تغيب ماحضر
لاتاخذين إلا مصاليت الخطر

 

وتعدل المبسم ابدقات الوشام
إلا بعيد الدار منه مايلام
بايعات الروح في سوق المسام

 

مصادر الترجمة:

1- حسين الشبيب، ديوان الشبيب ( الجزء الأول و الجزء الثاني )، عني بنشره أبو الفرج المرهون، المطبعة الحيدرية، النجف 1373هج.

2-الشيخ علي المرهون، شعراء القطيف، مطبعة الآداب، النجف .... ق1 ص261.

3-الشيخ فرج العمران القطيفي، الأزهار الأرجية في الآثار الفرجية، مطبعة النجف الأشرف، النجف 1383هج، ج3 ص142-144، ج5 ص161، ج9 ص61.

4-عبد العلي يوسف آل سيف، القطيف وأضواء على شعرها المعاصر، مطابع الفرزدق التجارية، الرياض 1406هج، ط1، ص89.

5- الشيخ عبد الحميد الشيخ منصور المرهون، الجذوة من شعراء أم الحمام، مؤسسة الهداية، بيروت 1424هج، ط1، ص55 و 117 و 125.

6-السيد سعيد الشريف، من أعلام القطيف عبر العصور، مجلة الموسم، العدد ( 9- 10) 1411هج 1991م، ص264- 265.

7- محمد علي الناصر، خطباء البحرين، المطبعة الحيدرية، النجف 1374هج، ص...
8-معلومات شخصية
شاعر وكاتب من أم الحمام