عم يتساءلون

فاطمة محمد الحبيب

 

يَتَسَاءَلُونَ.. أَلَمْ تَزَلْ عَلَوِيَّا؟
قُلْ كَيفَ يُجْهَلُ لِلجَمَالِ مُحَيَّا؟

يَتَسَاءَلُونَ.. وَهَلْ تُعَدُّ سِمَاتُهُ؟
قُلْ مَنْ يُجَارِي فِي الكَمَالِ عَلِيَّا؟

يَتَسَاءَلُونَ.. وَمَنْ يُحَادِدْ فَضْلَهُ
قُلْ كَانَ فِي أُمِّ الكِتَابِ شَقِيَّا

إِنِّي عَلَى عَهْدِي أُوَالِي حَيْدَرًا
حَتَّى أَمُوتُ وَيَومَ أَبْعَثُ حَيَّا

مِنْ قَبْلِ أَلْفٍ.. وَالسُّؤَالُ حِكَايَةٌ
مَنْ ذَا سَيُدْرِكُ كُنهَهُ القُدْسِيَّا؟!

عَينٌ وَلَامٌ.. ثُمَّ يَاءٌ كَالسَّنَا
ذَا ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّهِ زَكَرِيَّا

هُوَ مُصْحَفٌ لِلنُّورِ أَشْرَقَ بِالهُدَى
فَاقْرَأهُ فِي سِفْرِ البَهَاءِ رَضِيَّا

وَاقْرَأْهُ فَاتِحَةَ الضِّيَاءِ.. فَلَمْ يَزَلْ
هِبَةَ السَّمَاءِ.. لُبَابَهَا الأَزَلِيَّا

أَعَلِيُّ.. تَبْقَى فِي القُلُوبِ نَشِيدَهَا
لَحْنًا وَتَرْسُمُ نَغْمَهُ شَفَتَيَّا

مَا زِلْتَ نَبْضَ العَاشِقِينَ.. أَمِيرَهُمْ
قَدْ فَاضَ حُبُّكَ كَالزُّلَالِ شَهِيَّا

مَا زِلْتَ بَسْمَلَةَ اليَقِينِ بِخَافِقِي
أَحْيَاكَ نَهْجًا صَادِقًا نَبَوِيَّا

حَتَّى كَأَنَّكَ فِي دَمِي مُتَجَذِّرٌ
مُذْ كَانَ طِينِي بِالوَلَاءِ نَدِيَّا

مِنْ دَهْشَتِي الأُولَى.. أَمُدُّ مَشَاعِرِي
غَرْسًا بِدَوحِكَ طَاهِرًا وَنَقِيَّا

فَأَنَا الَّتِي إِنْ أَصْحَرَتْ آمَادُهَا
بِظِلَالِ مَجْدِكَ رُوحُهَا تَتَفَيَّا

وَأَنَا الَّتِي أَشْتَاقُ صُبْحَكَ لَهْفَةً
فَاقْدَحْ ضِيَاءَكَ فِي الضَّمِيرِ بَهِيَّا

وَأَنَا الَّتِي حَمَلَتْ لِشَطْرِكَ حُبَّهَا
وَالرُّوحُ مُشْرَعَةٌ.. فَخُذْ بِيَدَيَّا

فَأَمَامَ قُدْسِكَ هَذِهِ أَرْوَاحُنَا
تَخْضَرُّ فِي الذِّكْرَى وَتَعْبَقُ رَيَّا

هَذِي مَيَادِينُ الرُّوَى فُتِحَتْ لَهَا
مِنْكَ البَصَائِرُ بُكْرَةً وَعَشِيَّا

أَنْتَ الحَقِيقَةُ.. وَعْيُهَا وَمَدَارُهَا
وَغَدَا صِرَاطُكَ لِلإِلَهِ سَوِيَّا

أَنْتَ الَّذِي يَجْرِي سَنَاؤُكَ فِي المَدَى
يَهَبُ الحَيَاةَ حَضَارَةً وَرُقِيَّا

لَوْلَاكَ.. أَصْحَرَ بِالشُّكُوكِ فُؤَادُهَا
قَدْ كُنْتَ فِيهَا يَا أَمِيرُ حَفِيَّا

أَسْمَاؤُكَ الحُسْنَى تَعَذَّقَ نَخْلُهَا
فِي قَلْبِ كُلِّ العَارِفِينَ أَبِيَّا

عَلَمُ التُّقَى.. نَفْسُ الرَّسُولِ وَمَنْ لَهُ
كُنْتَ الصَّفِيَّ وَلَيثَهُ الأُحُدِيَّا 

خَيرُ البَرِيَّةِ.. كُنتَ بَعْدَ المُصْطَفَى
رَبَّ العُلَا وَمَحَجَّةً وَوَصِيَّا

وَالعُرْوَةُ الوُثْقَى وَبَابُ مَدِينَةٍ
مَا انْفَكَّ تَطْرُقُهُ العُلُومُ مَلِيَّا
 
نَبَأٌ بِهِ تَحْيَا البَرَايَا نِعْمَةً
حَتَّى تُبَلْوِرَ حُلْمَهَا الأَبَدِيَّا

يَا بَهْجَةَ الدُّنْيَا وَأُنْسَ رَبِيعِهَا
وَرَفِيفُهَا بَوحُ الصَّبَابَةِ فِيَّا 

نَحْيَاكَ حُبًّا.. نَسْتَرِيحُ بِقُرْبِهِ
يُبْدِي لَنَا سِرًّا وَكَانَ خَفِيَّا

جَذْلَانَةً فِي يَومِ مَوْلِدِكَ الدُّنَى
مَلَأَ ابْتِهَالُ العَرْشِ فِيهِ دَوِيَّا

وَانْشَقَّ رُكْنُ النُّورِ يَسْكُبُ فَجْرَهُ
قَبَسًا مِنَ النَّبَإِ العَظِيمِ جَلِيَّا

فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ تَسَرَّبَ صُبْحُهُ
لِيَمُدَّ فِي أُفُقِ الوُجُودِ سَرِيَّا

بُشْرَى لِأُمِّكَ مَوْلِدٌ.. وَكَرَامَةٌ
قَدْ زَفَّتِ الأَمْلَاكُ فِيهِ وَلِيَّا

إِذْ أَنْتَ يَا وَجْهَ الجَلَالِ مَنَحْتَهُ
عِيدًا بِهِ الإِسْلَامُ صَارَ فَتِيَّا

هَذِي مُنَاجَاتِي وَيَغْمُرُهَا الشَّذَا
يَا سَامِعًا لِلسِّرِّ طِبْتَ نَجِيَّا

قَدْ جِئْتُ عَاشِقَةً يُتَيِّمُنِي الهَوَى
فَاسْقِ شِفَاهِي الظَّامِئَاتِ رَوِيَّا