السيّد محسن الحكيم.. سيرة عالم
من المعلوم أن مراجع الدين يتصفون بمزايا وصفات كثيرة، وهذه الصفات عندما تكون متجسدة في سلوكهم وممارستهم الحياتية ،فإن ذلك يدعو أفراد المجتمع إلى التاسي بهم والسير على نهجهم، ومن هؤلاء السيّد محسن الحكيم رحمه الله؛ الذي جسد الصفات الفاضلة وتمثلت في حياته بشكل عملي.
١- قوة الإرادة
لقد كان السيّد الحكيم (رضوان الله عليه) يتصف بقوة الإرادة والقدرة الفائقة على السيطرة على عواطفه وأحاسيسه، وقوة الإرادة عندما تكون في السيطرة وضبط النفس أمام ما هو محرم وممنوع شرعًا تكاد أن تكون أمرًا طبيعيًا في الإنسان الصالح المتقي ، فضلًا عن الصالحين، ولكن عندما تكون قوة الإرادة في السيطرة على النفس في الأمور المباحة، من أجل الوصول إلى المستوى الأكمل في حركة النفس الانسانية، تصبح قوة الإرادة ذات مضمون آخر في شخصية الإنسان.
٢- الاعتماد على النفس
كان السيّد الحكيم يحرص على القيام بأعماله بالاعتماد على نفسه إلى أقصى حد ممكن واستمر على ذالك المنهج إلى آخر أيام حياته، فقد كان يقوم بالبحث والتدريس والمراجعة والكتابة والتصحيح لكتاباته دون أن يكلف أحدًا من طلابه أو ذوية حتى أيام شيخوخته وتوسع أعمال مرجعيته وأعبائها الكبرى.
وكان يحرص على الإجابة المباشرة على الرسائل التي ترد إليه من مختلف الطبقات ومن مختلف أنحاء العالم، ويمضي الساعات في الاستماع المطول لمشكلات الناس و حل معظمها برضا جميع الأطراف.
٣- التواضع
كان السيّد الحكيم في مجمل حياته متواضعًا في المأكل والمشرب والملبس والمسكن ،حيث كان يرى التواضع صفة مهمة في الإنسان المؤمن بما يمثله من العبودية لله والتذلل له.
فهو يحترم المؤمنين ومتواضع لهم، فيقوم للشيخوخ وكبار السن وللفقراء ولطلبة العلوم الدينيّة على اختلاف مكانتهم العلميّة، وكان يمنع أي أحد من السير خلفه في الأماكن العامّة إلا للضرورة.
٤- حسن المعاشرة
من الصفات البارزة في شخصية السيّد حسن العشرة للناس مشفوعًا بأدب رفيع ووقار وهيبة، فهو يبتسم ويظهر البشاشة لمن يلتقي به ولكن دون مزاح ،وكان يبدأ بالحديث والسؤال لإزالة الكلفة من الزائر حتى لو كان إنسانًا بسيطًا، وكان يبدأ بالسلام على المؤمنين أو من يلتقي بهم في الطريق.
لقد كان من الصعوبة بمكان، حتى لمقربيه أن يميزوا بين من يحبهم ومن لا يحبهم،حيث كان يتعامل مع الجميع بالاحترام والإكرام والبشاشة، كان أحد الأشخاص من أهل العلم يتحامل بقسوة على السيّد، وكان السيِّد الحكيم يرسل إليه المال،فقيل له في ذلك فقال : إن فلانًا متدين في ما أعهد، وهو عندما يتكلم علي لانه يعتقد بما يقول وإن كان مخطئا في الواقع، فلذا لا بد من أن أرعى ذلك فيه.
٥- المكتبات العامة
يعتبر مشروع السيّد محسن الحكيم رحمه الله تعالى، الذي اسسه في النجف الأشرف وفي مختلف المدن في العراق والتي حملت اسمه والتي زادت على السبعين في وقته، من أصخم المشاريع الثقافية، وكانت مكتبة السيّد الحكيم العامة تضم في خزائنها أغلب فروع المعرفة ولم تقتصر على الكتب الدينيّة كالتفسير والفقه والحديث وأمثالها، بل ضمت كتب اللغة والأدب والشعر والقصص والعلوم الطبيعية كالكيمياء والفيزياء والرياضيات وعلم النفس وعلم الاجتماع والاقتصاد والإدارة والآثار والطب والصحافة والمجلات المختلفة إلى غير ذلك من العلوم.
ومن الملاحظ أن المكتبة تتوفر فيها أغلب المصادر المهمّة لكتب المذاهب الإسلامية في التفسير والحديث والرجال والعقائد، كما ضمت مجموعة كبيرة من الكتب بلغات مختلفة كالفارسية والتركية والكردية والاردو والإنجليزية والفرنسية وغيرها.
كل ذلك سهل بشكل كبير للباحث والمحقق والقارىء الاستفادة من النتاج العلمي والثقافي والفكري، والذي لم يكن ميسورًا بسبب سوء الحالة الاقتصادية لعموم الناس، ولعدم توفر الكتب بشكل عام.