اللّهم عرّفني رسولك

حديث الجمعة 16 ربيع الأوّل 1446هـ .

شبكة مزن الثقافية مسجد المحسن بسيهات
الشيخ جواد آل جضر
الشيخ جواد آل جضر

    ورد في دعاءٍ طويلٍ يُدعَى به للإمام الغائب عجّل اللهُ تعالى ظهوره وفرجه : اللّهمَّ عرِّفْنِي نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ، اللّهمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ، اللّهمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي، اللّهمَّ لاَ تُمِتْنِي مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَلاَ تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي ...  بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 53 – ص 187.

  • الدّينُ اعتقادٌ مبنيٌّ على معرفةٍ .
  • أعمدةُ المعرفةِ ثلاثةٌ : الله ، والرّسول ، والحجّة ، وهي مترابطةٌ .

1-بمعرفةِ اللهِ نعرفُ رسولَه .
2-بمعرفةِ الرّسولِ نعرفُ الحجّةَ .
3-وبدون هذه المعارفِ الثّلاثةِ الأساس تكون النتيجةُ – لا سمح اللهُ – " ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي " وبهذا نستطيعُ الجزمَ بقولٍ مختصرٍ أنّ : ( الدّينُ كلُّهُ يقومُ على هذهِ المعرفاتِ الثّلاث : الله، والرّسول، والحجّة ) .

اللّهمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ 

ما هي مصادر معرفة النّبيّ الأكرم ؟
هناك مصدران لا ثالث لهما بعد القرآنِ الكريمِ : 

1- أهلُ البيتِ .         2- غيرُ أهلِ البيتِ .

- المنطقي والمتسالم عليه هو: " أهلُ البيتِ أدرَى بالذي فيه ".
- وفي أهلِ البيتِ أوّلُ شخصية هي : أقربُ وأحبُّ وألزمُ وألصقُ وأوثقُ مصدرٍ لمعرفةِ النّبيِّ هو أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب .
- وله خطب ونصوص في غايةِ الفصاحةِ والبلاغةِ والدّقّةِ في وصفِ النّبيِّ الأكرم خَلْقًا وخُلُقًا وحياةً ومماتًا وسيرةً بما لم يرد في أيّ مصدرٍ آخر.
- هو نفسه يصف نفسَه كأقرب مصدرٍ موثوق لكلّ ما يتعلّقُ بالنّبيِّ الأكرم فيقول: " وقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّه بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ والْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ، وَضَعَنِي فِي حِجْرِه وأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِه، ويَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِه ويُمِسُّنِي جَسَدَه، ويُشِمُّنِي عَرْفَه، وكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيه، ومَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ ولَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ، ولَقَدْ قَرَنَ اللَّه بِه مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِه، يَسْلُكُ بِه طَرِيقَ الْمَكَارِمِ، ومَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَه ونَهَارَه.
    ولَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُه اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّه، يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِه عَلَماً، ويَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِه، ولَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ، فَأَرَاه ولَا يَرَاه غَيْرِي، ولَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الإِسْلَامِ، غَيْرَ رَسُولِ اللَّه وخَدِيجَةَ وأَنَا ثَالِثُهُمَا، أَرَى نُورَ الْوَحْيِ والرِّسَالَةِ وأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ .
    ولَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْه فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه مَا هَذِه الرَّنَّةُ، فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِه، إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وتَرَى مَا أَرَى، إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ولَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ، وإِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ..." نهج البلاغة خ 192 / بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 63 – ص 264 – ح.147
- هذا هو المصدر الأوّل في معرفة النّبيّ وهو أهل البيت وأوّل مصدر فيهم ومنه انتقل إلى الأئمة والأصحاب والأتباع المخلصين هو علي بن أبي طالب ربيبُ رسولِ اللهِ وابنُ عمه وزوجُ ابنته ووالد سبطيه ووصيُّه ووزيرُه.

  •  فما هو المصدر الآخر ؟

المصدرُ الثّاني هو : غير أهلِ البيتِ وفيه : صحيحٌ وسقيمٌ وصدقٌ وكذبٌ وفِي بَعضهِ خلطٌ وكذبٌ وتزويرٌ وتَدْلِيسٌ وقد كُذِبَ على رسول الله في حياتهِ وبعد مماتهِ كما أنبأ بذلك هو .

وبعضُ هذهِ المروياتِ المختلقة والمدسوسة والكاذِبة تعطي صورةً لا تليقُ برسولِ اللهِ ولا يطاوعنا اللّسانُ ولا البنانُ بذكرِ بعضٍ منها والذي نتعجَّبُ كيف يظلّ مثبتًا في بعضِ الكتبِ ويؤمنُ بها البعضُ ويعتقدُ بها مع أنّ مُؤَداها  لا يليقُ بشخصِ رسولِ الله الكريم الذي هو أشرفُ الخلقِ  

- المروياتُ الصّحيحةُ ومن غيرِ أهلِ البيتِ مما رواه الصّحابة، ما هو مصدرُها !! ؟

- أجابَ على هذا السّؤال الباقر و الصّادق عليهما السّلام في بحارِ الأنوار – ج2 – كتاب العلم – باب رقم 24 ص 179.

- عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر قال: " أمَا إنَّه ليسَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنِ النّاسِ حَقٌّ وَلا صَوَابٌ إلاَّ شئٌ أَخَذُوهُ مِنَّا أَهْلَ البيتِ، وَلا أَحَدٌ مِنِ النَّاسِ يَقْضِي بِحَقٍّ وَلا عَدْلٍ إلاَّ وَمُفْتَاحُ ذَلِكَ القَضَاءِ وَبَابُه وَأوَّلُه وَسُنَنُه أَمِيرُ المؤمنِينَ عليٌّ ابن أبي طالبٍ ، فإذا اشْتَبَهَتْ عَليهِمْ الأمُورُ كَانَ الخَطاءُ مِنْ قِبَلِهم إذا أخطأُوا، والصَّوابُ مِنْ قِبَلِ عَليٍّ ابن أبي طالبٍ إذا أَصَابُوا ".

- عن يحيى بن عبدالله بن الحسن قال : سمعت جعفر بن محمد عليهما السّلام يقول ـ وعندهُ ناسٌ مِنْ أَهْلِ الكوفة ـ : " عجبًا للناسِ يقولونَ : أخذوا عِلمَهُم كُلَّهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله فَعَمِلُوا بِهِ واهتدوا ، ويرون أنا أهلَ البيتِ لم نأخذْ علمَهُ ولم نهتدِ بِهِ وَنَحْنُ أهلُهُ وذُرِّيَتُهُ ، فِي مَنَازِلِنَا أُنْزِلَ الوحي وَمِنْ عندنا خَرَجَ إلى النَّاسِ العلمُ ، أفَتُرَاهُم علمُوا واهتدوا وجَهِلْنَا وَضَلَلْنَا ؟! إنَّ هَذَا مُحَالٌ.

  • الخلاصة هي :

. لن نعرفَ اللهَ حقَّ معرفته إلاّ بمعرفة الرّسول .
. لن نعرفَ الرّسول حقَّ معرفته إلاّ بمعرفةِ حُجّتهِ وهو عليٌّ ابن أبي طالب .
. المصدرُ الموثوق والصّحيح والصّريح لمعرفة النّبيّ الأكرم هو أهلُ بيتهِ وأوّلهم أميرُ المؤمنين علي .
. المصدر الموثوق لمعرفةِ النّبيّ الأكرم ِ يعطي صورة ناصعة جميلة تليق بكماله وجماله ومكانته عند الله وتتوافق مع ما جاء في القرآن الكريم.
. المصادرُ الأخرَى غير أهل البيت ما كان من مروياتها صحيحًا فهو مأخوذ من أهل البيت ، وما كان منها كذبًا وتزويرًا فهو يعطي لرسول الله صورة لا تليق بمكانته ولا بكماله ولا بكرامته عند الله عزّ وجلّ .


( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار) آية 201 سورة البقرة.
( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) آية 8 سورة آل عمران.


والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ وصلّى اللهُ على سيدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطّيّبينَ الطَّاهِرينَ