مهارات تغيير الذات
ببساطة تُغير اثاث غرفة النوم، وببساطة أيضا تغيير ترتيب غرفة استقبال الضيوف، ولكن تزداد الصعوبة كلما اتسعت المهمة، فتغير نظام البيت بأكمله يحتاج الى جهود مضاعفة وتفكير أكثر بنوع التغيير والهدف منه وشكله النهائي، وينطبق هذا الحال على الشخصية الفردية، عندما تريد تغيير عادة النوم مثلا يحتاج الى قدر من الجهد، وإذا أراد الفرد معالجة عادة النوم وعادة الحديث الكثير معا يتطلب جهدا أكبر وهكذا بقية الجوانب المتعلقة بتغيير الذات.
وفي مرور سريع يمكن تفكيك مفهوم تغيير الذات، اذ يُعرَّف مصطلح تغيير الذات بأنه: مجهود الشخص وسعيه ليكون أفضل ممّا هو عليه؛ عن طريق تحسين قدراته وإمكانياته ومؤهلاته، ويكون ذلك بمعرفة نقاط القوة في شخصيته وتطويرها، ويشمل هذا التطوير القدرات العقليّة، ومهارات التواصل مع الآخرين، وتحسين القدرة على السيطرة على النفس والمشاعر وردود الأفعال، وإكسابها مهارات عديدة وسلوكاً إيجابياً.
لإعادة ضبط الذات الفردية العديد من الفوائد والمميزات التي يمكن ان تنعكس بالإيجاب على الشخص نفسه، فلنأخذ على سبيل المثال الشخص المدخن الذي يسعى او لدية النية لطيّ الماضي وفتح صفحة جديدة خالية من رائحة التدخين وامراضه المتوقعة وآثاره السيئة.
الشخصية التي تريد ان تحدث تغييرا واضحا وملموسا بطريقة تفكيرها وحياتها عليها ان تتعلم أشياءَ جديدةٍ في جميع المستويات والاتجاهات
قرار الإقلاع عن التدخين قد ينظر اليه على انه من القرارات الصعبة التي يقدم عليها الافراد، لكنها في الوقت نفسه ليس مستحيلا، وكثير من الأشخاص اتخذوا القرار ونجحوا في ذلك أيما نجاح، ولكن لننظر الى شخصية المدخن بعد تنفيذ قراره، نجده شخصية تخلصت من الرائحة الكريهة التي رافقته كظله، وتسببت بالأذى لأقرب الأشخاص اليه كالزوجة والابناء.
في بادئ الامر يجاهد الشخص المتخذ لهذا القرار السليم والمتماشي مع التوصيات الصحية والدينية، والجهات الصحية دائما ما تؤكد على خطورة التدخين وجبر الجهات المصنعة على كتابة التحذير على جانب العلبة، كل ذلك يأتي ضمن الضغط باتجاه ترك هذه المخاطر ومنعها من التغلغل بداخل الفرد وتأخذ بالانقضاض عليه بعد فترة طويلة.
وهكذا بقية الأشياء المرتبطة بتغيير الذات، كل جزئية تحتاج الى طاقة وجهد معين، ومقاومة فردية على مواجهة الصعوبات التي تعترض طريق النجاح والوصل الى الهدف المنشود.
تغيير الذات نحو الأفضل له أهمية كبيرة على النطاق الضيق المتمثل بالفرد، وكذلك النطاق الواسع الذي يمثله المجتمع، فمن يعمل على تغيير ذاته وتطوير مهاراته يرتقي بمكانته الاجتماعية وتتسع دائرة تأثيره على المحيط القريب منه، ويصبح صاحب قرار ورأي يقود الآخرين، وهو ما عمل على تحقيقه نيلسون مانديلا السياسي والمناضل من جنوب أفريقيا وأصبح أول رئيس أسود لها، نتيجة رفضه الظلم وحارب العنصرية وأمضى أكثر من ربع قرن في السجن.
- مهارة تغيير الذات
وفي ظل التطورات التي تحدث في العالم من حولنا أصبحت مهارة تغيير الذات من الأشياء الأساسية الي يجب على كل فرد امتلاكها، ولتحقيق هذه الغاية وهذا الهدف سنتطرق الى أهم طرق وأساليب تغيير الذات وبناء الشخصية.
الشخصية التي تريد ان تحدث تغييرا واضحا وملموسا بطريقة تفكيرها وحياتها عليها ان تتعلم أشياءَ جديدةٍ في جميع المستويات والاتجاهات، وبناء مهارات جديدة تساعدها في زيادة فرص النجاح لديها، وتحقيق أهدافها واحلامها التي يصعب الوصول اليها مع البقاء في قوقعة معينة وعدم الانفتاح على العالم الآخر.
وتكمن أيضا اهمية تطوير وتغيير الذات وبناء الشخصية في استعادة الثقة بالنفس وقدراتها، وتساعد الشخص على تجاوز العقبات والتحديات التي تواجهه في حياته العلمية والعملية، ومن نجح في فهم ذاته ومصارحتها نجح في سلوك خطوات تطوير الذات، ومن فشل في ذلك أخفق في تطويره وبنائه لنفسه وعاش على قارعة الطريق يراقب غيره، وإذا أراد النجاة عليه بالبحث عن معرفة أساليب تساعد في التغيير.
- كيف نغيّر ذواتنا؟
كثيرا ما يسأل الشخص نفسه كيف أغيّر من اطباعي واتحول الى شخصية بعيدة الى حد ما عن الشخصية القديمة التي لديها العديد من الملاحظات، كأن يتصف بالبخل او الكذب او الاسراف وغيرها من العادات غير الحميدة، ويبقى مثل هذا النوع من الأسئلة دون إجابة، علما ان من يملك تلك الإجابة هو الشخص نفسه، لا أحد يمكنه ان يهديك الطريق الصحيح بنسبة مطلقة، ما لم تعتمد على نفسك ومهاراتك وقدراتك الفردية للتخلص من عادة ما، واستبدالها بأخرى محببة لنفسك.
طريق تغيير الذات قد يكون من الطرق الشاقة والذي تتخلله محطات ومعوقات كثيرة، لكن لا شيء يقدر على الوقوف بوجه الإرادة والإصرار الذاتي، وهناك عدة طرق أو قوانين لتغيير الذات والتي سنعرضها لكم فيما يلي:
الطريقة الأولى: تركز على اكتساب الوعي الذاتي، وكما يقول سقراط “اعرف نفسك”، فكل التغييرات تبدأ بالوعي والوعي الذاتي يلقي الضوء على أفكارك وسلوكياتك الحالية.
لإعادة ضبط الذات الفردية العديد من الفوائد والمميزات التي يمكن ان تنعكس بالإيجاب على الشخص نفسه
اما الطريقة الثانية: هي تَعلّم قبول الذات وهذا الأمر يعد مطلبا أساسيا من أساليب التغيير لتعزيز تقدير المرء لذاته، وقبول الذات يعني في الأساس احترامها أو محبتها، وفي نفس الوقت الاعتراف بجوانب قصورها أو نقاط ضعفها، فمن أهم أساليب تحسين الذات هو قبول نفسك على حالها من غير قيد أو شرط والعمل على إعادة تركيبها وفق الرؤية الجديدة.
وآخر هذه الطرق هو أن تصبح مسؤولا عن حياتك من خلال إيمانك بالمسؤولية الذاتية التي تعزز من شعورك بأنك أهل لأن تعيش وجدير بالسعادة، والمسؤولية الذاتية تتضمن تحمل المسئولية عن حياتك وأفعالك، كما أنها تتضمن المبادرة بتحقيق الأهداف مع التركيز على النتائج وبناء الإجراءات على أساس القيم التي تختارها بنفسك. يقول امير المؤمنين، الإمام علي بن ابي طالب، عليه السلام: “من تساوى يوماه فهو مغبون”، وليس أوضح من هذه الدعوة للتغيير المتواصل وتطوير الذات، فالإمام، عليه السلام، يدعونا جميعا الى الاستفادة من نقاط القوة فيها من اجل الانطلاق نحو عالم مليء بالإيجابيات بعيدا عن العادات السيئة الي تراكمت لعقود، ولكن مع التغيير الذاتي المستمر سوف تتخلص من تلك التركة.