مقتطفات : من رسالة المرجع المدرسي دام ظله الى ضيوف الامام الحسين في زيارة الأربعين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
بوركتَ ايها الزائر الكريم، يا من استضافه السبط الشهيد على مائدة الأربعين، حيث تتقاطر وفود الامة الاسلامية اليها وكلٌّ يرجو فضلاً من الله ورضواناً.
إنها فرصة عظيمة لكلٍّ منا أن تشملنا بركات الإمام الحسين ، لكي نتعالى الى حيث رضوان ربنا، وشفاعة السبط الشهيد وشفاعة جده المصطفى وأبيه المرتضى وامه الزهراء واخيه الحسن المجتبى عليهم صلوات الله.
إنها فرصة ذهبية لنحاسب أنفسنا، ونستغفر من ذنوبنا، ونتزكّى من كل خُلُقٍ ذميم، ونتحلّى بكلِّ خُلُقٍ كريم، ولعلنا نأتي يوم الحشر آمنين.
اخوتي الكرام
هل تعلمون بأن الثواب العظيم الذي أعدّه الله للمؤمنين من زوّار الحسين إنما هو لمن يعرفون الإمام الحسين حق معرفته؟
وما هو حق معرفته؟
إنما هو أنْ يعرف المؤمن بأنه إمامٌ مفترَض الطاعة ، ومن هنا فإنَّ تقوى الله والتسليم له ولنبيّه الكريم ولأهل بيته الكرام هو الشرط الاول لقبول الزيارة كما في سائر الطاعات، إن الله سبحانه يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)
وإننا لنعرف أنَّ الله الذي اختار الإمام الحسين لتلك المكرمة العظيمة - وهي الشهادة - اختاره ليكون قدوةً لكلِّ خير، ومثلاً حيّاً لمعرفة الرب وللتقوى ولكلِّ خُلُقٍ حسن، كما كان أسوة في العطاء وفي كل خير، وحينما نتخذه نحن إماماً فعلينا أنْ نتأسّى به في كل هذه الخصال الحميدة.
أيها الزائرون الكرام!
- إنَّ نهج أبي عبد الله الحسين - الذي نتمنّى جميعاً شفاعته - ينبغي أن يكون نهجنا جميعاً، فعلينا بذل المزيد من الجهد لكي نربّي أبناءَنا على هذا النهج، وإنَّ تربية الناشئة على هدى الاسلام وسُنّة النبي وأهل بيته ضرورة قصوى. يقول ربنا سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) .
فلكي نتبع هذا النهج علينا السعي الجدي لتربية أبنائنا على كتاب الله وبيان حقائقه، وكذلك على هدى كلمات النبي والعترة الطاهرة، وعلينا توفير وسائل تأديبهم على منهاج الدين الحنيف.
- أبناؤنا ثروة كبيرة اينما كانوا، فعلينا أنْ نعتمد على الله سبحانه وتعالى للاستفادة من هذه الثروة الالهية العظيمة التي تتمثل في ابنائنا في هذا الجيل الناشئ، الذين نراهم يتنافسون اليوم على فتح قمم العلم والأخلاق.
إنَّ على المتصدين، سواء في التربية و التعليم أو في الحوزات، أو من على المنابر، أنْ يذكِّروا أبناءنا بما جاء في الايات القرآنية من أهميّة السعي، والمسارعة الى الخيرات، والتنافس عليها، يذكِّروهم بقوله سبحانه وتعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الأَوْفَى) .
وقال سبحانه: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) .
إنَّ عمر البشر في الدنيا محدود، وعليه أن لا يصرفه باللهو أواللعب وفيما لا ينفعه، إنَّ كل انسان مسؤول غداً عن عمره: فيمَ افناه؟ ولنا في سيرة مراجعنا العظام درس في اهتمامهم بأوقاتهم وعظيم مثابرتهم في التعلّم والتعليم والسعي والاجتهاد. والله المستعان.
نداء استغاثة : من حيث أنا واقف ألقي بيدي اليك يا سيدي وإمامي ووسيلتي الى ربي ، وأسأل الله سبحانه وتعالى أنْ تكون شفيعاً لي الى ربي ليخفّف عني حملي الذي اثقلته الذنوب ، وأنْ يطهِّر قلبي الذي حجبته الغفلة ، وأنْ ينوِّر بصيرتي بنور ولايتك سيدي ،وأنْ ينظر اليَّ ربي نظرة رحيمة استوجب بها غفرانه ورحمته ورضوانه.
سيدي يا ابا عبد الله
جئتك من شُقّةٍ بعيدة وبعد عناء عظيم، فانظر الى ضعفي ومسكنتي، وترحَّم عليَّ بشفاعتك الى ربّي لعله يجعل عاقبة امري خيراً.
سيدي يا ابا عبد الله
غداً وعند خروج روحي من جسدي، وفي لحظات نزولي الى ملحودتي وقبري، وعند خروجي يوم القيامة وقيامي أمام ربي، أسالك بحق جدك رسول الله، وأبيك المرتضى علي، وامك الزهراء فاطمة، وأخيك الحسن المجتبى، عليكم جميعاً صلوات الله ورحمته، اسألك بحقهم أنْ لا تتركني، بل تحضر عندي لتاخذ بيدي الى جنان الرب.
سيدي يا ابا عبد الله
أسالك بأخيك أبي الفضل العباس، واختك زينب الكبرى، وابنك علي الأكبر، وبحق الشهداء السعداء بين يديك، عليهم جميعاً سلام الله، أنْ تسأل الله العظيم لي المغفرة والرحمة والرضوان.
سيدي يا ابا عبد الله
وإني أعاهد الله في حضرتك أنْ أسعى أبداً لابتغاء مرضاته، وتجنّب الذنوب، وأنْ أبقى معتصماً بحبل الولاية، وبالتوكل على ربي، في مواجهة الشياطين والظالمين، ومواجهة كل انحراف عن الدين.
عليك يا سيدي سلامي أبداً ورحمة الله وبركاته.