توصلت دراسة إلى أن القصص التي تُروى حول الولادات
الصعبة يمكن أن تجعل الناس أكثر تقديرًا للحياة
جميع البشر يُولدون، وعن هذه الولادة تُنقل قصص، وتفيد الأبحاث أن الناس يستخدمون القصص كأداة لفهم حياتهم والعالم من حولهم(1). تعتبر القصص أيضًا أداة مهمة في أي مجتمع لنقل المعرفة بين الأجيال(2) ويمكن اعتبارها تفاعلًا تربويًا فريدًا بين الراوي والمستمع، حيث ينقل الراوي في القصة المعرفة إلى المستمع. يعتبر الراشدون (بعمر 20 سنة وأكبر) مصدرًا مهمًا لهذا التطور، وغالبًا ما يُنظر إليهم على أنهم الطرف "الذي لديه اطلاع،" وتوفر القصص "أداة" لتمكين ممارسة مشاركة المعارف وتسريع نقلها بين الأطفال(3). لدعم هذه المشاركة ، راجع هاڤن Haven(1) أكثر من 350 دراسة بحثية، وجمع تقارير من 1300 ممارس، وحلل أكثر من 70 مقالة مراجعة وخلص إلى أنه من المقبول عالميًا كون القصص وسيلة فعالة "للتعليم والتربية ونقل المعلومة ومصدرًا للإلهام." من المرجح أن تحدث عملية التعلم هذه، وفقًا لـ فيجوتسكي Vygotsky(4)، عندما يكون للقصة معنىً، ويزودنا نَقلُها بتعلم "واقعي". وهذا التعليم يتعزز أيضًا عندما تكون هذه المعلومات متلقاة من شخص "له اعتبار" في حياتنا(4) وعندما نتمكن من الشعور بأن وضعنا مماثل لـ "شخصية" القصة، التي تعد مفتاحًا من مفاتيح الإقناع، وعندما تتناقل رسالة القصة ويُحتفظ بها في الذاكرة(5). علاوة على ذلك، تشير المقاربات السردية للشخصية إلى أن الناس يرون حياتهم على أنها قصص لا تزال قائمة ومستمرة، مما يساعد على التأثير في السلوك والهوية ويساهم في تنمية الشعور "بالذات" (6). [إحساس المرء بالذات يعني إدراكه / وعيه بمجموعة الخصائص التي تحدد هويته(7)].
المولودون بطريقة الانجاب بمساعدة طبية [عن طريق معلاجة العقم / الخصوبة] أو من خلال الولادة الصادمة(8) محظوظون وعليهم أن يكونوا أكثر تقديرًا لكونهم لا يزالون على قيد الحياة ، وفقًا لبحث جديد من جامعة ساري Surey.
قصص الحمل والولادة تنطوي على العديد من العناصر، حيث تنقل هذه القصص لنا من شخصيات رئيسة في حياتنا، وغالبًا ما يضفي عليها آباؤنا وأمهاتنا الكثير من المعاني الشخصية والأهمية وقد تؤثر في الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا. بيد أن معظم الأبحاث حول الحمل والولادة تميل إلى التركيز على وقع الحمل أو الولادة نفسها لا على وقع محتوى القصة. على سبيل المثال، فيما يتعلق بالحمل، استكشف البحث الآثار النفسية المترتبة على الحمل المتكون بمساعدة طبية، مثل التلقيح الاصطناعي(9) مع التركيز على تأثير ذلك في كل من الرجل والمرأة والعلاقة الزوجية.
علاوة على ذلك، استكشف البحث أيضًا كيف يمكن تحسين تجارب الحمل لأولئك الذين يخضعون لعلاج العقم باستخدام الوخز بالإبر أو التدخلات النفسية التي تركز على التأقلم والدعم الاجتماعي. فيما يتعلق بتأثير الولادة ، يسلط البحث الكمي الضوء على تأثير الولادات أو حالات الحمل الصادمة(8) في الطفل من منظور بيولوجي.
وبالمثل، تشير الدراسات إلى أن الولادات عن طريق العمليات القيصرية قد تؤدي إلى اضطرابات الاستقلاب أو انخفاض في التطور المعرفي. تشير بعض الأدلة أيضًا إلى أن ترتيب الولادة قد يؤثر في التحصيل العلمي، وأن توقيت الولادة قد يؤثر في الاضطرابات السلوكية العصبية. تشير الأبحاث أيضًا إلى أن تجارب الولادة الصادمة يمكن أن يكون لها تأثير طويل الأمد على الأم وقد تكون مرتبطة باضطراب الكرب ما بعد الصدمة PTSD. في المقابل، يميل البحث النوعي إلى التركيز أكثر على تجربة الوالدين في الحمل أو الولادة.
في الأساس، استكشفت معظم الأبحاث النوعية تجارب الأمهات. على سبيل المثال، سُلط الضوء على فوائد مناقشة صعوبات الحمل والولادة مع الأمهات الأخريات كما استكشف تأثير مكان الولادة وسلط الضوء على تجارب مختلفة، من ولادة الطفل في المستشفى أو في المنزل. على سبيل المثال، وُصفت الولادات التي تقع في المستشفيات من منظور التجارب السلبية، مثلًا، عدم وجود الخصوصية، واستخدام تدخلات طبية غير ضرورية، بينما ذكرت بعض النساء اللواتي وضعن في المستشفى أنهن تأثرن بمحاولات المستشفى لجعلهن يشعرن بالراحة ووصفن الطاقم الطبي بأنه مصدر دعم وتوافر المستشفى على مسكنات الألم.
في هذه الدراسة الأولى من نوعها، قام الباحثون بدراسة تأثير القصص التي تدور حول الحمل والولادة وكيف تؤثر في الأشخاص المعنيين وعلاقاتهم الأسرية. ركزت الأبحاث السابقة في هذا المجال على التأثير في صعوبة تجربة الحمل والولادات ولكن ليس في كيف رُويت ونقلت هذه القصص إلى الطفل أو الراشد.
قالت جين أوغدن، مؤلفة الدراسة وبرفسورة علم النفس الصحي بجامعة ساري ما يلي:
"الكثير منا يعرف قصة مولده. ومع ذلك، بالنسبة لأولئك الذين واجه والداهم صعوبة في الحمل بهم أو الذين تعرضت أمهاتهم لصدمة أثناء الولادة، فإن سماع هذه القصص يمكن أن تؤثر في تصوراتهم عن أنفسهم ووالديهم عندما يكبرون يستوعبوا كل المصاعب والألام التي تعرضت له أمهاتهم قبل خروجهم الى الدنيا. "
سلط بعض المشاركين في الدراسة الضوء على كيف أن القصص التي تتحدث عن صعوبة حملهم أو ولادتهم قد يكون لها تأثير ضار في إخوتهم. في حين بعض القصص تجعل هؤلاء المولودين يشعرون بمزيد من الاهتمام تجاه إخوتهم أو تجعلهم يشعرون بأنهم مميزون، وصف البعض أيضًا كيف أن كونهم مميزين قد أدى إلى درجة من استياء إخوتهم وأخواتهم الآخرين منهم.
ومن المثير للاهتمام أن الباحثين وجدوا أيضًا أنه بغض النظر عن محتوى القصة، فإن طريقة سردها هي التي تؤثر في تلقيها وتصورها وفهمها. القصص التي سردت بروح الدعابة ونبرة متفائلة تلقاها المستمع بأكثر إيجابية، في حين أدت القصص التي رُويت بقدر أقل من الدعابة وكانت مليئة بالتوتر إلى مزيد من المشاعر السلبية حول الحمل أو الولادة. مثل هذه القصص أثارت قلقًا بين المشاركات في الدراسة بخصوص قدرتهم على الحمل والخوف بشأن ما قد يتعرضن له عند الولادة في المستقبل.
طريقة سرد قصة الحمل والولادة تعتبر مفتاحًا لكيف يمكن أن يتلقاها المستمع، حيث يمكن للمستمع أن يعكس مشاعر وعواطف الراوي للقصة. قد يكون للقصة التي سردت بشكل سلبي تأثير دائم في المستمع لأنها تجعله يفكر في حالاته ويمكن أن يسبب له قلقًا من أن نفس الشيء قد يحدث له. من المهم أن يفكر الناس قبل أن يتكلموا وأن يدركوا كيف تؤثر كلماتهم في المستمع ".
باختصار، توضح الدراسة الحالية كيف يمكن للقصص المتعلقة بالحمل والولادة أن تغير الطريقة التي ينظر بها الشخص إلى نفسه، وعلاقته مع عائلاته وشعوره بكونه أحد الوالدين في المستقبل. تشير الدراسة أيضًا إلى دور واضح للتكافؤ (10)وما إذا كانت القصة تُروى بروح الدعابة أو بطريقة مشحونة بالخوف أمر مهم، إن لم يكن أكثر أهمية، من محتوى القصة نفسه. لقد ولدنا جميعًا ولدينا جميعًا قصة. يمكن أن تصبح هذه القصص متأصلة في الحياة الأسرية كجزء من الروايات الشائعة التي نرويها لبعضنا البعض. تشير الدراسة الحالية إلى أن قصصنا يمكن أن تصبح متأصلة أيضًا في حياتنا المستقبلية.