محاضرة الليلة السادسة من محرم 1441 هـ

الطريق إلى السعادة || سماحة الشيخ أمين محفوظ

شبكة مزن الثقافية مسجد الزهراء (عليها السلام) بسيهات
سماحة الشيخ أمين محفوظ
سماحة الشيخ أمين محفوظ

قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

طبيعة نظرَتِنا للأشياء مِن حولنا و نوعيّتها هي التي تُحدّد مواقفنا ، و لأن النظرات تتنوّع وتختلف فالمواقف تتنوّع تبعًا لذلك .. 
فقد يكون اِختلاف هذه النظرة راجِع للعلم أو الجهل بالشيء.
و قد يكون بسبب تفاوت و اِختلاف الخلفية الثقافية حول هذا الشيء التي ربما نشأت من تجربة شخصية أو علمٍ ما حصل للإنسان مِن أي طريق من الطُرق .. فبالتالي النظرة تخلُق اِنطباعًا في النفس وهذا الاِنطباع هو الذي يتحكّم بِموقفنا من هذه الأشياء.

القرآن الكريم يعمل على تربية و توعية الإنسان المؤمن ، وعلى تصحيح نظرته من الأشياء ، لأن مشكلة الإنسان هي النظر للأمور نظرة مُشوّهة غير واقعية ، فيكون موقفه غير صحيح تَبعًا لِنظرته.

كما أشارت الآية السابقة بأن الله يَعِد المؤمنين العاملين بالحياة الطيّبة ، فما هو الطريق للحياة الطيبة والسعادة في هذه الحياة؟

البعض ينظر للسعادة بأنها تتمثّل في التمكّن المادي ، وقد يقول آخر بأنها تتمثّل في صِحة البَدن ، والبعض يقول في المكانة الاجتماعية أو إنجاب الذرية أو غيرها من الأسباب .. 

 

وهذه الأسباب في الحقيقة هي عوامل مُساعِدة تجلُب السعادة المُؤقتة للإنسان ، لكنها لا تُمثّل جذر سعادته .. فالكثير من الناس يمتلكون هذه العوامل وغيرها ولكن يعيش الشقاء.

فهذه العوامل وغيرِها هي عوامل خارجة عن الإنسان ، أما السعادة فجوهرها يَقبع في داخل الإنسان .. فهي ترجع لِطبيعة نظرة الإنسان في الحياة وتُحدّد كونه يعيش السعادة أو الشقاء.

و الحياة الطيبة تعني القناعة ، فهي بوصلة نظرة الإنسان للحياة ، و هي الرضا بما قسمه الله له و أعطاه ، فَيعيش بالرضا حالة من الاِستقرار النفسي والهدوء.
فكيف نُحقّق القناعة كطريق للسعادة في نفوسنا؟

١) نمط التفكير الايجابي : هي نظرة الإنسان بما يُحيط به بِمنظر الإيجاب ، وتركيزه على ما وَهبه الله مِن النِعم والقدرات ، ولا يجعل تركيزه على النِعم التي حُرم منها.

فلو فكّر الإنسان في النِعم التي أنعمها الله عليه لن يُحصيها .

٢) الإيمان والثقة بالله تعالى : الإيمان مُعزّز جوهري لِقناعة الإنسان ، فَالرضا بما قَسمه الله لنا والتسليم هو فرع الثقة بالله.

فمِن خلال الثقة بالله تعالى وتعميق الإيمان به تُعزّز قناعة الإنسان في الحياة.
و العمل الصالح أيضًا يُعزّز من الإيمان ، فَيصِل الإنسان لمرتبة في إيمانه و تتعمق ثقته بالله ويرضى بما قسمه الله له فيعيش القناعة في حياته مهما واجه من المُشكلات والصِعاب .. فيعيش الاستقرار النفسي.