إعادة بناء النفس وبرمجة الشاكلة
(قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِه) إعادة بناء النفس وبرمجة الشاكلة-الجزء الثالث والعشرون
كان البحث حول العوامل التي تؤثر في صناعة الشاكلة وقلنا أنها كثيرة لكنا نشير إلى بعضها بإيجاز وهي: الحادثة، الهيئة، والظاهرة، وانتهينا من العامل الأول، ووصل الكلام إلى العامل الثاني ثم الثالث:
- ب- الهيئات شوارع نحو تغيير الشواكل
واما الهيئات فهي أعظم تأثيراً من الحوادث في بعض الأحيان.. ولذلك ورد النهي عن التشبه بالمشركين والكفار.. وذلك لما للهيئات من التأثير..
وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: (أَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ قُلْ لِقَوْمِكَ لَا تَلْبَسُوا لِبَاسَ أَعْدَائِي وَلَا تَطْعَمُوا مَطَاعِمَ أَعْدَائِي وَلَا تُشَاكِلُوا بِمَا شَاكَلَ أَعْدَائِي، فَتَكُونُوا أَعْدَائِي كَمَا هُمْ أَعْدَائِي)
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ إِلَّا أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ)
- ومن نماذج الهيئات:
١- قصَّات الشعر.. لقد انتشرت في المجتمع كالنار في الهشيم قصات الشعر الأجنبية من ألمانية وفرنسية وغيرها.. وليس الكلام عن حرمتها.. إنما الكلام عن تأثير هذه الهيئة في الشاكلة النفسية للأفراد.. فان تقمّص شكل الآخر مدعاة لتقمص خصاله وسائر عاداته وتقاليده.. وليس انتشار هذه القصات أمراً عفوياً، بل هو أمر مخطط له على أعلى مستويات مراكز صناعة القرار لدى الاستعمار؛ ذلك ان علماء النفس لديهم يعرفون جيداً ان التأثير على سائر الأمم قد يبدأ من أمر يبدو حيادياً لا ضرر منه أبداً لكنه يحمل في ذاته بصمة الحضارة الغالبة.
٢- حلق اللحية.. إن الالتحاء للمؤمن وقار وزين.. والحلق تشبه باليهود والكفار وقد ورد في الروايات العديدة النهي عنه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (حُفُّوا الشَّوَارِبَ وَ أَعْفُوا اللِّحَى وَ لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ)
٣- ربطة العنق.. وليس الكلام عن الحرمة كما سبق.. بل عن مظهر حضارة تريد ان تحكمك حتى في كيفية ملابسك!
ج- الظواهر مظاهرات سيكولوجية في تغيير الشواكل النفسية
وبعد ذلك يأتي دور الظواهر الاجتماعية، فانها تملك التأثير الأكبر في صناعة الشواكل النفسية ومن هنا نجد:
أ- ان المواكب الحسينية تعد من أهم الظواهر التي تصنع شاكلة الإنسان أو تعيد صناعته من جديد.. المواكب بكل ما تحفل به من ظواهر ومظاهر ومناسك وشعائر.. انها توفر للإنسان الملاذ الآمن والأجواء التي تعبق بالعطر الحسيني المحمدي الأصيل، وهي بذلك توفر له حصانة داخلية ضد الانحراف أقوى بكثير من البعيد عن هذه الأجواء.
ولذلك نجد ان موجات الإلحاد تكتسح الشباب الذين لا يعيشون أجواء الحسينيات والمواكب بشكل أسرع جداً من أولئك الذين تحتضنهم تلك المواكب الحسينية وتشكل لهم الهواء الذي يستنشقونه والملاذ الآمن الذي يستريحون إليه.