السيدة زينب (عليها السلام) ... الفاعلية الثقافية
روي عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنه قال: (يا عمة.. ـ أنت بحمد الله ـ عالمة غير معلَّمة، فهمة غير مفهَّمة) (1)
الحديث عن السيدة زينب هو حديث عن الشجاعة والشموخ والعزة والكرامة، وهو حديث عن الحياء والعفة والحجاب، وهو حديث عن العبادة وتجلياتها في مختلف الظروف...
وكما أنها كانت سيدة متميزة في تلك الأبعاد فهي كذلك سيدة متميزة في البعد العلمي، فقد كانت السيدة زينب تملك مرتبة عالية من الذكاء الفطري، بالإضافة إلى مواهبها الإلهية وعلمها الربّاني، وقد حفظت خطبة أمها فاطمة الزهراء في المسجد النبوي الشريف وعمرها حين ذاك ما يقارب الخمس سنوات، وهي الناقلة للخطبة التي وصلت إلينا عبر التاريخ.(2)
و"كانت العقيلة زينب تفسر لهنّ (لنساء الكوفة) القرآن الكريم، وتروي لهنّ أحاديث جدها المصطفى وأخبار أمها الزهراء وتوجيهات أبيها المرتضى (عل) .
فقد ورد أنه كان لها مجلس في بيتها أيام اقامة أبيها في الكوفة، وكانت تفسر القرآن للنساء، وقد دخل عليها أبوها ذات يوم وهي تفسر بداية سورة الكهف وسورة مريم (كهيعص) (3).
إضافة إلى خطبتها في الكوفة والشام التي تكشف عن تلك البلاغة والفصاحة، ومدى وعيها بتحليل الواقع وقراءة المستقبل، وتأثير كلماتها في ذلك المجتمع.
فهي بحق رائدة العلم والمعرفة، وهي بحق قدوة لكل فتاة ترغب في السير على نهجها، وهنا أذكر بعض النقاط لبناء فتاة مثقفة:
- العمق الثقافي
عندما نتحدث عن الثقافة فإننا نعني بها "منظومة من الرؤى والافكار المؤثرة في حياة الانسان والتي تحدد مسار سلوكه وطبيعة مواقفه" وهذا يعني أن تهتم المرأة بما يسهم في زيادة وعيها ويجعلها على علم ومعرفة بما يجري حولها من متغيرات وتحولات اجتماعية وثقافية.
وهذا يتطلب استثمار الوقت في بناء العقل من خلال المزيد من المطالعات المركزة وبرامج بناء الذات، ليكون للمرأة ثقافة عميقة ذات جذور ثابتة تفجر طاقتها نحو النجاح، وليست ثقافة هامشية أو ثقافة استهلاكية، أو ثقافة التصفح الالكتروني.
- برامج التكليف وبناء المتميزات
سن التكليف هو سن النضج والتكامل العقلي وتحمل المسؤولية. وهذه المرحلة تحتاج إلى دورات متخصصة ترشد المكلفة وتوجهها نحو الصلاح، وتثقفها بمتطلبات المرحلة وأهم المتغيرات الجسمية والنفسية.
وتعتبر هذه الدورات هي التأسيس لبناء الجانب العبادي والثقافي للفتاة، لذلك لابد أن تكون هذه الدورات ذات طابع متجدد ومناسبة للمتغيرات الثقافية، وتجيب على التساؤلات الثقافية لجيل اليوم.
إن هذه الدورات هي الخطوة الأولى لاكتشاف الفتيات ذات المواهب المميزة، ليتخرج منها:
· امرأة متدينة مثقفة بثقافة المسؤولية.
· خطيبات حسينيات متميزات.
· امرأة ذات عطاء اجتماعي متميز.
- التطلع والتميز العلمي
في عصرنا الحاضر يتطلب منا جميعاً التطلع والتميز العلمي، فلا مجال لمن يكتفي بشهادة جامعية بل عليه أن يتفوق، ويتميز، ويتطلع إلى أعلى المراتب والمراكز العلمية، روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: "العلم أكثر من أن يحاط به، فخذوا من كل علم أحسنه" (4).
لقد شهدت منطقتنا في الآونة الأخيرة بروز مجموعة من الفتيات وهن يحققن نجاحات علمية في مختلف المجالات العلمية والأدبية.
كما أنها هناك مجموعة من الأسماء التي أبدعت في مجال الأبحاث العلمية، وتخصصن في أدق التخصصات الطبية وحققن نجاحًا باهرًا.
لذا لابد لنا من أن نشجع أبناءنا (طلاب، وطالبات) لبدل المزيد من الجد والاجتهاد لنيل أعلى الأوسمة العلمية، وأن نوفر لهم كل سبل الدعم.
إننا في مثل هذه المناسبات علينا أن نهتم بهذا الجانب ونشجع فتياتنا أن يكن على قدر واسع من العلم والإيمان والأخلاق اقتداءً بسيدتنا زينب