مشكاة ينفذ أولى ورش - إضاءات في الثقافة المهدوية
نفّذ مركز (مشكاة للتنمية البشرية) بصفوى أولى ورش عمل برنامج "إضاءات في الثقافة المهدوية" الذي يتكوّن من ثلاث ورش عمل من تقديم الباحث في القضيّة المهدوية السيد مجتبى السادة، وذلك مساء يوم الجمعة الثامن من شهر ربيعالأول في مسجد الإمام الهادي بصفوى، بينما يعتزم تقديم الورشتين التاليتين نهاية هذا الأسبوع.
وافتتح الأستاذ مصطفى الخلف ورشة "منشأ فكرة العقيدة المهدوية"، بتوضيح سرّ اختيار توقيت هذا البرنامج عبر الإشارة لدور "الفتح المهدوي" في رفع رسالة وشعار موسم "الفتح الحسيني" لإعادة حضارة "الفتح المحمدي" للحياة منجديد، وعلى ذلك تقرّر إقامة هذا البرنامج في الفترة الزمنية التي تتوسط هذين الموسمين الزاخرين بالفكر والمشاعر والطاقة والعطاء والفعاليات المتنوعة.
بعدها شرع الباحث السادة في ورشته الأولى بالتطرق أولاً لبعض نصوص الكتب المقدسة للأديان الأخرى والقرآن الكريم وكتب مختلف الأديان والطوائف في إثبات وجود العقيدة المهدوية وعلامات وأحداث الظهور فيها واشتراكها عندهذه الملل والنحل، مؤكداً أن الاختلاف ليس في أصل الفكرة، بل هو في اسم وهوية ذلك المخلّص والمنقذ العالمي، وأكد على أن المهدوية قضية إلهية سماوية بدأت منذ فجر التاريخ حينما كان آدم في الجنة وتستمر إلى يوم القيامة.
ثم تساءل السادة عن مسؤوليتنا التي تترتب على كون هذه العقيدة ثابتة عند الحضارات والشعوب الأخرى، خصوصاً وأننا نعتقد بأن المهدي ليس مُلكاً لمذهب أو دين واحد فقط، فهل عرّفناهم بالإمام المهدي (عج) الذي نعتقد به، فيتّبعوهعند ظهوره ليحقّق ما يأملونه من إنقاذ وخلاص؟!
وضرب أمثلة على تقصيرنا، فقال: هل ألّفنا كتاباَ واحداً خلال قرابة الـ (١٢٠٠) عاماً الماضية منذ ولادة الإمام (عج) وحتى الآن يخاطب الآخرين ليس بلغاتهم الأجنبية فقط، وإنما أيضاً بالعقلية التي يفهمونها ويستوعبونها؟!
هل أنتجنا فيلماً وثائقيّاً واحداً بهذه المواصفات؟!
هل نشرنا أي رواية أدبية عالمية أو محلية حتى عن الإمام المهدي (عج)؟!
وعليه، فلو ظهر الإمام (عج) في هذا الوقت، فماذا ستكون ردة فعل تلك الشعوب؟! هل سيعرفونه أم يعتبرونه أحد المدّعين المزيّفين أو حتى من الإرهابيين؟!
وفي نقطة أخرى، لفت السيد مجتبى إلى ضرورة أخذ الظروف المحيطة بالشخص الذي نخاطبه حول العقيدة المهدوية بعين الاعتبار سواء كان مشكّكاً أم منتمياً لدين أو مذهب آخر، ثم نقدم أدلتنا وفقاً لذلك.
وأوضح أنه برغم هذا الاشتراك في الفكرة المهدوية بين الطوائف والأديان، إلا أنه وحسب الاستطلاع لآراء المستبصرين، فإن أصعب مسألة عقائدية مروا بها قبل دخولهم في مذهب أهل البيت هي: عقيدتنا في المهدي (عج) وغيبته!
ونصح في هذا الصدد بالتركيز على المنهج الاستدلالي التاريخي أو العقلي الذي يناسب كل شخص ومستوى قاعدته الفكرية، وأن الله اختار وجعل الإمام، والاستدلال على تحقق ولادته ووجوده في الأرض وارتباطه بالسماء، وتسليطالضوء على نقاط ضعف النظريات الأخرى ونقضها، وعدم الانجرار منذ البداية في ما يثار من قضايا جانبية مشتتة تمثّل الذيول التاريخية للقضية كسرداب الغيبة، وطول عمر الامام (عج)، وما شابه.
واختتم الباحث ورشته بنقل نتائج وجهود بعض الباحثين الغربيين المعاصرين من خارج دائرة الطائفة الشيعية الذين تأسف لكوننا لم نعرّفهم بالمهدوية الأصيلة!
ومنها: كلام الفيلسوف الأمريكي (فرانسيس فوكاياما) -صاحب كتاب نهاية التاريخ- القائل: “إن الشيعة طائر يطير أعلى من مرمى سهامنا؛ وله جناحان: جناح أحمر (الماضي) وجذوره في كربلاء، وجناح أخضر (المستقبل) وهوالمهدوية وطلب العدالة على يديه، فهم منتظِرون والمنتظِر لا ييأس، وهذا ما يمنعهم من الفناء.. فالشيعة تطير عالياً بهذين الجناحين.. فكيف يُهزَمون؟!”
وإعلان الفيلسوف والمستشرق الفرنسي (هنري كوربان) بأن: “المهدوية تشكل ركناً هامّاً وأساسيّاً في المعتقد الشيعي جعله يفوق كافة المذاهب الإسلامية، وكانت سبباً في رقيّه وازدهاره”.
كما يقوم البرفسور الألماني (يوخن روك) الذي يعمل في إحدى جامعات مدينة (ميلبورن) الاسترالية بنشر بحث سنوي في منتصف شهر شعبان حول الإمام المهدي (عج)!
ويلفت هذا البرفسور النظر حيث يقول: "إن البشرية محتاجة إلى تنمية عقلية لكي تتمكن من أن تتلقى من هذا الرجل -المهدي-، فإذا تنامى عقل البشر إلى درجة وسط، فسيأتي هذا الرجل ليحاور في قاعة أرض البشر، لكنها حاليا لاتستوعب خطابه العلمي، وأنا سأساهم ضمن من يساهم في تنمية عقل البشر لكي يرتقي لقابلية تسمح لهذا الرجل الإلهي بأن يظهر ويلقي علومه".
كما صرّح البرفسور الفرنسي (فرانسوا توال) مدير أحد مراكز الأبحاث الفرنسية المتخصصة في دراسات الشرق بأن: الشيعة ليس لديهم الكفاءة في مواجهتنا، لكن هناك يدا خفية تصد هجماتنا، وأنه لو يسلط الضوء على المهدي، لتركتالشعوب الغربية ولاءها لحكوماتها واتبعت هذا المخلّص!".
فالبشرية تتحدث عن المخلّص وتبحث عنه بشكل مفصّل ودقيق، لكن نحن -وللأسف- لم نقم بواجبنا ونعرّف العالم بالمهدي (عج) الذي نؤمن به وبانطباق جميع الصفات والبشارات عليه!
وفي معرض جوابه على سؤال وجهه الأستاذ حسين الشيخ جعفر حول ما الذي يمنع من التوحّد تحت راية هذا المخلّص، أشار السادة إلى أن التعصب الديني والمذهبي كثيراً مّا يمنع من الإيمان بالتفاصيل حتى مع الاشتراك في العقيدةوالفكرة الأم -إضافة لعوامل أخرى-.
ومع ذلك، فإن العديد من البشر يقودهم البحث العلمي وبحيادية إلى اتخاذ هذا القرار الشجاع، كالأستاذ محمد رضا رضائي اليهودي الذي اعتنق مذهب أهل البيت بعد أن بحث في موضوع البشارات وثبت له انطباقها على الحجة بنالحسن العسكري (عج)، والأستاذ محمد صادق فخر الإسلام النصراني الذي انتمى لمذهب أهل البيت عندما درس تلك البشارات وخلص إلى نفس النتيجة أيضاً، وكذلك الأستاذ سعيد أيوب وهو باحث مسلم دخل في مذهب أهل البيت عبر البحث في أوصاف المهدي وتحققها في الإمام الثاني عشر عند الشيعة الإمامية.
وأكّد السيد مجتبى على أن أصل ومنشأ القضية المهدوية هو إلهي سماوي، وأن المهمة التي أنيط له (عج) تحقيقها تمثل خلاصة جهود كل الأنبياء والرسل.