تحول شاب
( جوزة بلا لب )
كسرت جوزة الخشب فرأيتها خالية من اللب ، فكانت مجرد جوزة تغر الناظر ولا تشبع الجائع.
في حداثة سني كنت دائما أرتاد المساجد وأصلي صلوات الجماعة ، وكنت أعجب بمظاهر إمام المسجد والمصلين من لبس للخواتم وإمساك للسبح وطول اللحى وعلامة السجود الملتصقة بالجبين .
ذات يوم كنت أمشي في أحد أزقة القرية ومررت بأحد رواد المسجد والذي من كثرة ارتياده يسمى ( بتربة مسجد ) ، طويل اللحية وعلامة السجود قد ملئت جبينه مرتديا أربعة من الخواتم الضخمة وحامل بيده سبحة طويلة ، وما أن وصل بجانبي ابتدأته بالسلام فلم يرد ! وعبس في وجهي!.
أنا كشاب في حداثة سني وفي مجتمع ظاهره التدين ، صافي القلب أبحث عن قدوة أقتدي به ومعجب بالمظاهر ، لم أجد حينها قدوة غير ذاك الرجل فاقتديت به ، فأصبحت حينها مقلدا لحركاته وسكناته فلبست أربعة من الخواتم واشتريت سبحة طويلة ، ولكن للأسف لم أستطع الحصول على لحية، وصرت أكثر السجود لينبت على جبيني وسام السجود ، وكان شغلي الشاغل أ ن ألقب (بتربة مسجد ).
انطبع في ذهني أن هذه المظاهر هي التدين الحقيقي .
في يوم من الأيام عزمت أن أبتدئ قراءة الكتب الدينية ، فذهبت حينها إلى مكتبة المنزل ومررت عيني على الأرفف حتى سقطت عيني على كتاب بعنوان (الفضيلة الإسلامية) للمؤلف الراحل المرجع الشيرازي -رحمه الله- ، فبدأت القراءة فيه حتى انقلبت في عيني الموازين من تدين المظاهر إلى تدين الأخلاق ، إلى الآن تطرق أذني تلك الروايات الجميلة وبالخصوص الرواية التي عن الإمام الصادق يقول : ( لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده ، فإن ذلك شيء اعتاده ولو تركه لستوحش لذلك ، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته )(1)
كثير منا نحن الشباب اليوم يعاني من حالة التدين الزائف ، تسأل أحدنا عن التدين ، فيقول -الحمد لله- صلاتي أصليها وصومي أصومه !، فأين الأخلاق والصدق وأداء الأمانة من التدين !؟.