العادات السبع للإقتصادات الأكثر فشلا
يقول الخبراء في مجال الإدارة إن الكثير من المشاريع غالباً ما تنتهي إلى الفشل، وإن نسبة 55% من المشاريع تتعثر، وينتهي أكثر من نصفها بالتصفية النهائية خلال سنتين فقط من التأسيس.
هناك فرق كبير بين فشل مؤسسة اقتصادية، وفشل دولة اقتصادياً، فالأولى محدودة الأثر، بينما فشل الدولة يترك ندوباً بحجم الوطن، وتمتد آثارها إلى أبعد من مجموعة مستثمرين خسروا رأس المال، لتشمل أجيالاً وأجيالاً.
من هنا فإن المسؤولية كبيرة على القيادات الاقتصادية في توجيه المركب، والتعامل بحكمة مع العواصف والأمواج الهائجة التي نرى تأثيرها بوضوح في غرق بعض الدول نحو قاع الديون والإرتهان إلى المقرضين.
لعل مقصودنا بالعادات الأساليب التي تمارسها الدول أو المؤسسات بنفسها من الداخل والتي تؤدي بها إلى الفشل.
ورغم أهمية العوامل الخارجية في الاخفاقات، إلا أن مرادنا هنا هو عوامل الفشل الداخلية.
- فما هي هذه العوامل؟
أولاً: غياب التخطيط: ويأتي في المقدمة من حيث الأهمية، فالنجاح لا ينتمي إلى الفوضى بل إلى التخطيط لجميع المراحل، ويمكن ملاحظة أن الاقتصادات التي تركز على المتر الأول من السباق سرعان ما تصطدم بالمنافسين الأقوياء، والمشاريع الاقتصادية التي تنظر إلى المحيط الزمني والمكاني الضيق مآلها الفشل.
ثانياً: التقليل من أهمية الفساد المالي والإداري واستمرائه والتعاطي معه باعتباره واقعاً لا يمكن التخلص منه.
وهذا من أخطر وأسوأ أشكال التفكير بحيث نعتبر المرض أمراً واقعاً بدلا من البحث عن العلاج.
وينطوي تحت هذا العامل أو المرض أمراض أخرى كالرشوة وتوظيف غير الكفاءات لكونها فقط تخدم المصالح الشخصية لصاحب القرار، وترسية المناقصات على الأقارب والأصدقاء وأحياناً ترسيتها على الجيب.
ثالثاً: إهمال البحث والتطوير، واعتباره ثقباً أسود يبتلع الموارد المالية دون فائدة، وهو سبب رئيس في تخلف العالم الثالث.
إن حجم الانفاق على البحث والتطوير هو واحد من المقاييس التي يمكن أن نقيس بها اهتمام الدول، ولكن لا يمكن أن نغفل عن التعليم الذي لا يولى عناية بهذا الجانب ويساهم بشكل غير مباشر في اعتلال الإقتصاد.
رابعاً: الاكتفاء بشكل واحد من الاستثمارات.
المثال الحاضر بقوة في دول المجلس هو الإكتفاء بالنفط كمصدر للموازنات المالية، وهو وقوف على كف عفريت.
ماذا لو استجابت دول المجلس منذ 50 عاماً إلى حديث العقل وانتهجت التنويع في الاقتصاد؟ لا ريب أن الوضع سيختلف عما هو عليه الآن ولاستطاعت المنظومة الخليجية أن تحمي نفسها من التأثيرات الخطيرة لانخفاض أسعار النفط.
خامساً: الخلط بين السياسة والإقتصاد، وعموماً الخلط بين المجالات بصورة سلبية، فالدول التي تتفاعل سلباً مع المشاكل السياسية وتستجيب لتجاذباتها تكون رهينة هذه التجاذبات، والصحيح أن تُبقي اقتصادها – كما باقي المجالات الأخرى- في منأى عن أي مؤثرات تحرفها عن الهدف الرئيس.
فإذا ما ساءت العلاقات الخارجية مع دولة ما فإن التبادل التجاري والمشاريع المشتركة تكون بعيدة عن المشكل السياسي الخارجي.
سادساً: الاستبداد بالرأي والاعتماد على الرؤية الشخصية بدلاً من الاستعانة بالمجموع في القرارات الكبيرة، حيث يؤدي إهمال مبدأ المشورة وإشراك أصحاب الخبرة والرأي إلى أخفاقات كبيرة.
أخيراً هناك الشعور الكاذب بالأفضلية، والركون إما إلى التاريخ، واستدعائه كمنجز، أو باللجوء إلى لغة «أكبر برج» و«أطول جسر» وتوهم النجاحات أو تضخيم البسيط منها، وهذا يعني التعمية على الذات وغياب عملية النقد والتصحيح، وهي حركة مهمة في نجاح الدول اقتصادياً.
الخلاصة: أوطاننا أمانة بيدنا جميعاً وهي بالنسبة للمسؤولين والقيادات أكثر أهمية، والتفريط فيها ليس تفريطاً في أموال وممتلكات خاصة، والمسؤولية ليست فقط أمام الواقع والجيل الحاضر بل تتعداها إلى الأجيال القادمة..
أجيال تستحق أن نشركها في المكتسبات، لا أن نتركها فريسة أخطائنا وإهمالنا.