المثقف وأرضية الغزو الثقافي
يشكل الحضور الفكري للمثقف، في الوسط المجتمعي، العقلية التي من خلالها يقف المجمع مستعداً للشهود الحضاري، ويكون قادراً على تأكيد حضوره المعرفي في ظل الثورة المعلوماتية التي يشهدها العالم في قرن التحولات والإرهاصات وبالأخص دعوات العولمة.
وبقراءتنا لهذا الحضور فإننا نتعرف على المرتكز المعرفي الذي يشكل الهوية الأساس للمثقف، وعلى ضوئها نحدد المنتج المعرفي الذي يسبح في فضائه المجتمع.
ولأن المثقف وبالأخص المعاصر، تتشكل رؤاه المعرفية على أساس الواقع والعقل (المكوَّن)، بخلاف الفقيه الذي يعد النص والعقل والواقع (المكوِّن) مرتكزات أساسية في تنظيره الفكري والسياسي، وبهذا فإن الأخير يستنبط الفكرة والمنهج من النص الديني، أما المثقف فإن واقع الفكرة ولو بالنظر في إيحاءاتها عادة ما تؤكد لنا غربتها عن النص الذي في الغالب ما يتصادم معه المثقف، وبهذا يؤكد ارتباطه بمناهج تنعكس من خلالها صور معرفية مسبقة يسقطها على الواقع بدلاً من أن يقوم بفحصها هل تتناغم وقيم المجتمع؟
فلا غرابة إن جاءت نتاجاته في تصادم والنص. حيث ربط تلك المفاهيم التي اعتمدها -في تحليله وقراءاته- بمقدمات تنتهي إلى أن لا مسلمات، إلا ما قدمه العقل التجريبي وقيمه. والذي يراه أهل البيت (عليهم السلام) أن دين الله -التشريع- لا يقاس بالعقول.
وكثيراً ما يناقش الباحثون قضية الغزو الثقافي، مُعزين السبب في ذلك إلى "أننا نمتلك أرضيته، وبالتالي فإننا بحاجة إلى مراجعة جادة في مبتنياتنا". أما اتصال المثقف بفكرة خارجة، ربما لا تتفق وقيمنا وقد تكون متمردة على مفاهيمنا لا تعد غزواً!!. وبما أن عقل المثقف يقف بتأثيراته في الواقع المجتمعي، فإنه إنما يدفعه باتجاه تلك المسبقات التي بلا شك ستدفع المجتمع بالسير نحوها، وهذا هو حقيقة الغزو الثقافي الذي يعيشه مجتمعنا، فحري بنا أن نفكر بجد في حقيقة اتصال عقل المثقف والنتاج المعرفي المكوَّن