جامعة يا وطن (2)
الأرقام لا تجامل أحدا، لذا فإن كثيرا من الناس يكرهونها عندما لا تقف في صفهم، بل وينظر بعضهم إليها نظر الموظفين إلى يوم السبت أيام عزه وسلطانه، أو يوم الأحد حاليا بعد سحبه البساط من شقيقه وتنكره له. فالموظفون عندنا – والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه- لديهم حساسية شديدة من يومين فقط!! من أيام العمل الأسبوعية الخمسة، أي أول يوم وآخر يوم. وعليك بعد ذلك أن تتوقع الأرقام العالية لإنتاجية الموظف السعودي في ضوء هذه المعادلة التي هي من خصوصياته طبعا.
ولأن الأرقام لا تجامل، وتضعنا أمام حقائق موضوعية لا تتدخل فيها العواطف والأهواء، فإن حديثنا اليوم سيكون بالأرقام عن استحقاق محافظة القطيف لجامعة تقام عليها، وتخدم أبناءها وبناتها.
قلنا في المقال السابق بأن الجامعات في المملكة تُنشأ بالاعتماد على خمسة معايير هي:
- الحجم السكاني
- حجم المجتمع الطلابي
- الموقع الجغرافي
- مدى توفر التعليم العالي الأهلي
- احتياج سوق العمل
فما هو مدى انطباق هذه المعايير على القطيف المصنفة ضمن المحافظات من فئة (أ) بلغة الأرقام؟
1- الحجم السكاني:
القطيف هي رابع أكبر تجمع سكاني للسعوديين بين المحافظات فئة أ بعد جدة والأحساء والطائف، بحسب "مصلحة الإحصاءات العامة 1431 هـ". وتحتل المرتبة الأولى متقدمة على العاصمة الرياض وغيرها في نسبة السعوديين (87%) من بين أكبر عشر تجمعات سكانية في المملكة. ودائما بحسب الإحصاءات الرسمية.
2- حجم المجتمع الطلابي:
تحتل القطيف المركز السابع على مستوى المملكة من حيث المجتمع الطلابي للمرحلة الثانوية. والمفارقة العجيبة أن المحافظات الست التي قبلها والثلاث التي بعدها في الترتيب أنشئت في كل واحدة منها جامعة، بينما مُنعت هي من الصرف دون ذكر علة المنع. ولو كان سيبويه حيا لانتحر لعجزه عن كشف العلة.
3- الموقع الجغرافي:
تتوسط محافظة القطيف كامل المنطقة الشرقية بشكل عام، وتربط بين رأس تنورة والجبيل شمالاً وحاضرة الدمام جنوباً )الدمام، الخبر، الظهران(. وهذا يمكنها من استيعاب من لديه رغبة من طلاب هذه المحافظات في حال أنشىء بها جامعة.
4- مدى توفر التعليم العالي الأهلي:
من غرائب هذا الملف الشائك، وكله غرائب، أنه لم يتم السماح حتى الآن ببناء صرح واحد للتعليم العالي الأهلي في محافظة القطيف.
5- احتياج سوق العمل:
لا يجادل أحد أن المنطقة الشرقية هي العاصمة الاقتصادية للملكة، حيث النفط والغاز اللذان يمثلان عصب الاقتصاد الوطني، بالإضافة للصناعات البترولية والبتروكيماوية وصناعة التعدين وقطاع الكهرباء وتحلية المياه والصناعات التحويلية والأسماك والزراعة.
وهذه تحتاج لكوادر بشرية مؤهلة من أبناء الوطن، خصوصا في ظل التوجه نحو السعودة. وكما ذكرنا فإن القطيف هي الأعلى في نسبة السعوديين من بين أكبر عشر تجمعات سكانية في المملكة.
هذه نظرة سريعة لبيان مدى مطابقة القطيف للمعايير المتبعة رسميا في استحقاق إنشاء جامعة. ولكن رغم هذا الاستحقاق، فإن محافظة القطيف ومنذ العام 1997 تحمل ملفها الأخضر العلاقي باحثة عن موافقة لإنشاء جامعة عليها، ولم تجد من يوقع المعاملة. يبدو أن الجميع يخرج في إجازة عندما يحضر ملف القطيف.