الشيخ العوامي: القرآن يؤسس للمبنى الذي يمثّل قاعدةً للاختلاف نظرياً وعملياً

سماحة العلامة الشيخ فيصل العوامي
سماحة العلامة الشيخ فيصل العوامي
تحدّث سماحة الشيخ فيصل العوامي عن تأسيس القرآن الكريم للمبنى العلمي والأخلاقي/الاجتماعي الذي يمثّل أهم ركيزةٍ ثقافيةٍ لترسيخ حالة التعايش بين المختلفين.
 
حيث أشار سماحته -في خطبته لهذا الأسبوع- ومن خلال الآية الكريمة: ﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً  (الإسراء:84)، إلى أن القرآن يؤسس للمبنى الذي يمثّل قاعدةً مهمةً أخلاقياً وعلمياً للوصول إلى حياة التعايش بين المختلفين سياسياً واجتماعياً وثقافياً و...، هذا المبني يقوم على قاعدة القبول بالآخر مهما اختلفت معه.
 
وأضاف أيضاً: إن القرآن لم يكتفِ بالتأسيس للاختلاف النظري وحسب، بل تجاوزه إلى ما هو أبعد، بما يشمل الاختلاف العملي، من خلال التعبير القرآني الدقيق في قوله: ﴿يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ، فالمراد هنا مطلق العمل، سواء العمل بين الناس أنفسهم، أو بينهم وبين الله.
 
وتابع بالقول إن نجاح المجتمعات بالتثقف بهذه الثقافة يعني إن هناك عشرات العُقد ستنحل وتتلاشى، وعلى العكس من ذلك، إن الفشل في ذلك يعني بروز الكثير من هذه العقد وتفاقمها وتكريسها.
 
واستهجن العوامي ما يقوم به البعض من تصنيف للآخرين المختلفين معه وفق ما يراه هو، مخرجاً بذلك إياهم في كثير من الأحيان حتى من دائرة الإسلام، وكأنه لا يمثّل الإسلام أحدٌ إلا من سار وفق رأيه هو وفقط.
 
ومن أجل تلافي الوقوع في هذا الإشكال نوّه الشيخ العوامي إلى متطلبات ينبغي الالتفات إليها وهي: أن يكون الإنسان قابلاً -نفسياً وعقلياً- لوجود طرف آخر يختلف معه نظرياً وعملياً، كما ينبغي عليه أيضاً أن يعطيه الحق الكامل للتعبير عن رأيه بكل حرية، ولا خيار أمامنا جميعاً إلا الحوار العلمي، هذا بالإضافة إلى أنه ينبغي أن لا نجعل هذا التعدد سبباً للفرقة والتمزق الاجتماعيين، بل مدعاةً للتعايش السلمي ونبذ كل أشكال الخصام والتفرّق.
 
واختتم العوامي حديثه بإشارةٍ قرآنيةٍ لطيفةٍ في الآية السالفة، هي أنها لم تقل إن الله أعلم من المهتدي ومن الضال، وإنما قالت: ﴿فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً، أي بين مهتدٍ وأهدى منه في رتبة الهداية