المرجع المدرسي : الإمام الحسين سلام الله عليه هو القران الناطق
كلمة المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دام ظله الوراف بمناسبة عاشوراء عام 1433 هـ
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾.
آمنا بالله صدق الله العلي العظيم
تبقى نهضة الإمام الحسين خافية الأسرار إلا بعضاً مما رزق الله العباد معرفته من تلك الأسرار، لماذا؟
لان هذه النهضة متصلة برسالات الأنبياء، رسالات الأنبياء مبلغة عن الله، الله رب السموات والأرضين فكيف يمكن لبشر مثلي أن يحيط علماً بنهضة تتصل بهذه الرسالات العظمى، أو بنهضة تتصل برب العزة..
وحينما نقف خاشعين لله أمام مرقد السبط الشهيد ونقول السلام عليك يا وارث ادم يا وارث نوح يا وارث إبراهيم يا وارث موسى يا وارث عيسى يا وارث محمد فإنها كلمات تعبر عن واقعها يعني اختصرت معركة كربلاء كل تلك الرسالات، وتجمعت في شخص الإمام الحسين عليه السلام مبادئ وبصائر كل تلك الحركات الكبرى التي غيرت البشرية وأدبت البشرية..
ونحن حينما نريد أن نفهم بعض أسرار نهضة أبي عبد الله الحسين لابد أن نقرأ القران لماذا؟ لأن الإمام الحسين سلام الله عليه كان هو القران الناطق، فإذا أردت أن تعرفه فاقرأ القران الصامت وحاول أن تتدبر في آياته الكريمة، ثم حاول أن تجعل من هذا الكتاب الكريم كتاب رب العزة القران مرآة صافية لمعرفة خفايا قيام أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
ربنا وبكل صراحة ووضوح يقول لطائفة من المؤمنين هنا الخطاب ليس للناس الخطاب متوجه إلى المؤمنين معنى أن هؤلاء بلغوا درجات عالية مع ذلك يخاطبهم ربنا ويقول (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) وهذا إنذار عظيم..
لا تتصورا اللي يقول أنا مؤمن ويبلغ مستوى الإيمان يستمر مع هذا المستوى، قد يصل الإنسان إلى القمة قمة جبل ولكن هل يمكث طويلا فوق هذه القمة أم لا يلبث أن تدفعه جاذبية الأرض إلى الهبوط مرة أخرى؟
وكما جاء في حديث معروف (والمخلصون على خطر عظيم) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾ هناك يحتمل أن يكون ارتداد ! وليس عن جزء من الدين إنما عن الدين كله بالإطلاق..
ثم يقول ربنا ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ﴾ هذا القوم الذي يأتي بهم الله هم بديل عن هؤلاء الذين يرتدون عن دينهم يستبدل الله بهم أولئك يعني هؤلاء صفوة الأصفياء ما هي صفاتهم؟
ما هي هذه الصفات التي لو تشبث بها الإنسان وأوتي منها شيء يعني هذه الصفات ليست فقط يحصل عليها الإنسان بتمنياته ورغباته وحتى ليس بمساعيه فقط وإنما بفضل الله..
يعني هذه درجة لا ينالها كل إنسان إلا بفضل الله ﴿مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ﴾ الله اكبر أين وصلت بهم الدرجة العليا إنهم حظوا بحب الله خالق السموات والأرض ما هذا العبد الضعيف المسكين الله يحبه!
أنت تعرف ماذا الحب؟
الحب يعني انسجام مطلق بين الحبيب والحبيب، أين وصلوا هؤلاء إلى هذا المستوى يحبهم ويحبونه ولولا أن الله يحبهم لما حبوه !
يعني الله تعالى يحبهم ومن تجليات حب الله لهؤلاء العرفاء بالله المتفانين في الله من تجليات حب الله لهم أنهم يحبونه وصلوا إلى مستوى حب الرب تعالى إلى مستوى بعد ما يحبون الدنيا وما فيها هذا الشعر اللي ينقل على لسان الإمام الحسين ليس هذا شعر الإمام الحسين ولكن قد يعبر عن جانب :
تركت الخلق طراً في هواك وايتمت العيال لكي أراك
حقيقة أكثر من هذا، يعني هذا يقول تركت الخلق طرا في هواك.. المؤمن الحقيقي في مستوى الأولياء الحقيقيين لله هؤلاء ما كانوا قد تلوثوا بحب الخلق حتى يتركوه..
يعني فد واحد عنده شيء بعدين يتركه بس إذا ما ا خذ شيء لماذا يتركه ما وصل اجلس الإمام أمير المؤمنين العباس سلام الله عليه إلى جانب وزينب الكبرى إلى جانبه الآخر وما أداراك ما زينب يسأل العباس وهو يبدو كان صغير العمر قال بني قل واحد. قال واحد ثم قال له قل اثنين قال اثنين وكذلك ..
ثم قال لزينب سلام الله عليها يا بنية قولي واحد قالت واحد قال لها قولي اثنين، قالت إن اللسان الذي يقول واحد ما يقول اثنين!!!
من هو الثاني هو واحد الأحد الفرد الصمد هو الرب !!!
قال يا بنية إني احبك قالت أو تحب الله أيضاً قال بلا قالت حبان في قلب واحد لا يجتمعان!!
شوف عرفان زينب ! قال كيف؟
قالت إن كان فالله الحب وعلينا الشفقة ! ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ بعد شنو من تجليات هذا الحب الإلهي لهؤلاء؟ هذه الدرجة ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ حينما يصل إلى المؤمن يكون ذليل كالعبد يبسط جناح الذل من الرحمة..
لكن حينما يواجه الكافر تراه كالجبل الأصم ﴿أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ وجميل التعبير الإلهي هنا يقول ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ هذا ذل أخلاق لذلك استخدمت كلمة على..
﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ ومن صفاتهم أيضاً ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يجاهدون يعني يكافحون يبذلون قصارى الجهد، أنت تقرأ في زيارة العباس عليه السلام (اشهد انك قد بذلت غاية المجهود) يعني كل اللي كان عندك أعطيته..
﴿وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ ما يفكر الناس حكت ما حكت ,.. حسدته أو لا أو مدحته أو ذمته ما عليه بالناس لا يجعلون الناس معيارا لأنفسهم لا مدحهم ولا ذمهم خلي يمدح او يذم يحب او يبغض له..
إذا مدحني والله ما مدحني وما حبني ماذا اعمل بمدح الناس إذا ذمني والله يعرفني ويحبني شنو يضرني ذم الناس.. هؤلاء انسلخوا من مجتمعهم ولعمري هذا من ارفع مستويات الإيمان إن الإنسان لا ينظر إلى الناس يعني لا يأبه بما يقول أو لا يقول الناس ﴿وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ الهي كيف نحصل على هذه الصفة؟
الله يقول هيهات تحصلون على هذه الصفة بمجرد التمنيات ولا حتى بالمساعي تسعى لكن تسأل الله أن يوصلك إلى هذه الدرجة ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ الله يعرف أين يجعل رسالته..
ثم يقول ربنا سبحانه وتعالى إذا تريدون يا بشر تصلون إلى جزء من هذا المستوى توسلوا واعتصموا بالولاية بولاية أولياء الله سبحانه وتعالى..
يبدو لي والله العالم انه اغلب الناس لا يصلون إلى هذا المستوى بس يتصلون بمن وصل إلى هذا المقام فالله يرفعهم بهم بأولئك ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ تعرف من هؤلاء الذين ولايتهم ولاية الله حبهم حب الله ..
الله ورسوله وشخص واحد أعطى الزكاة وهو راكع وهو مولانا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.. ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ هذه نهضة الإمام الحسين هي ولاية الله أن يخرج الناس من ولاية أهوائهم، من ولاية شهواتهم، من ولاية وساوس الشيطان في أنفسهم، من ولاية شياطين الإنس، من ولاية شياطين الجن إلى ولاية الله تعالى، عشرات الحبال نحن تحيط بنا وقيود لازم نفكها قيد قيد، ولاية ولاية حتى نصل إلى ولاية الله هذه هي فلسفة وحكمة نهضة الإمام الحسين عليه السلام تخرج عباد الله من حيرة الضلالة..
التفسير الصحيح لثورة الإمام الحسين نجده في كتاب الله أنت اقرأ قصة نوح وحاول أن تنظر إلى قصة الإمام الحسين ما هي علاقته بقصة الإمام الحسين هذا القران ..
اسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يتفقه في الدين ويتبصر ويعرف حقائق الدين وممن لا يأبه بالدنيا انه ولي التوفيق ..
وصلى الله على محمد واله الطاهرين..