المرجع المدرسي : التفكر في ايات الخلقة سبيل تجاوز الغفلة ..
ملخص تفسير(بينات من فقه القرآن الكريم) ليوم السابع من شهر رمضان المبارك1431هـ
الجهل والغفلة و الكفر حجب ثلاث تمنع الانسان من الفلاح في دار الدنيا. اكد سماحة المرجع الديني اية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دام ظله في الليلة السابعة من شهر رمضان المبارك من خلال تدبره في الآيتين السادسة و السابعة من سورة الروم على ضرورة مواجهة هذه الحجب الثلاثة حيث، شرع ببيان هذه الحجب الثلاثة و طرق محاربتها في دار الدنيا.
و في سياق حديثه قال سماحة المرجع المدرسي: "قد فتح الله سبحانه وتعالى لنا ابواب معرفته، لكن واجبنا ان نقابل الجهل و الغفلة، و نجهد بجميع جوانحنا من اجل ذلك"
و في اطار حديثه بين سماحته ان الغفلة حالة عامة في الدنيا، فكأن جميع الناس غافلون عن حقيقة الاخرة و قال: " حينما تحدث القران عن الجهل قال (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) و حينما تحدث عن الكفر قال (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ) و لكن حينما تحدث عن الغفلة قال (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)، فهناك كان الكلام بـ (كثيرا من الناس) ، و (اكثر الناس).. اما حين التحدث عن الغفلة يقول (و هم بالاخر هم) ، و تكرار كلمة (هم)، تدل على عمومية الغفلة وشموليتها"
- التفكر طريق الخلاص
وحث سماحته على ضرورة التفكر في ايات الخلقة و في النفس من اجل الخلاص من الحجب الثلاثة وقال: " ربنا سبحانه وتعالى يقول (أو لم يتفكروا في انفسهم) فيمكن من هذه الاية ان نستفيد عدة معاني:
اولا: من اهم الطرق للخلاص من الحجب الثلاثة هي التفكر، و لكن التفكر في ماذا؟ ربنا سبحانه وتعالى يقول (مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى) فالتفكير يكون في امرين: ان الخلق حق و أن فيه اجل مسمى، و سنتحدث عن هذا الموضوع في الليالي القادمة.
ثانياً: حينما يقول ربنا سبحانه وتعالى (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ) فعبارة (في انفسهم) تدل على معنى دقيق، فبخلاف بعض المفسرين الذين قالوا انها تعنى ان جزء من التفكير يجب ان يكون في النفس و في ايات الخلقة، لكن حسب بعض المفسرين و حسب رأيي فإن كلمة (في انفسهم) هنا تدل على التفكير الفردي، اي ليجلس الفرد مع نفسه و يفكر. واذا كان المعنى كذلك فان الحكم الالهي و السنة الالهية المستنبطة من هذه الاية هي ان الانسان يجب ان يحصل على هذه الامور بنفسه، لا ان يقلد الاخرين بها. فالايمان بالله و معرفة ان (مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى) لا يكون الا عبر الوجدان الشخصي وعبر التفكر و التأمل.
فمن واجباتنا ان نتفكر بالخلق، و نجد انه (حق) و من معاني ذلك انه لم تخلق ولو ذرة منه من دون هدف، فمن معاني الحق ان الدنيا قائمة و موجودة – و ليس كما يتصورها البعض عبارة عن اوهام- ثم ان لها خالقا و مدبرا نظمها و انشأها وفق سنن و انظمة الهية دقيقة، فكل شيء في هذا الخلق – من اصغر ذرة و اصغر خلية في الجسم الى اكبر كوكب و مجرة في الفضاء الرحيب- لا يكون الا لهدف و لسبب و يؤدي دورا معينا ، فإذا كان كذلك – و هو كذلك - فلابد ان يكون الخلق باجمعه اُنشئ لهدف و هذا الهدف (حق) وليس لهوا او لعبا (أفحسبتم انما خلقناكم عبثا)."
وفي نهاية كلامه ذكر سماحته أنّ الائمة عليهم السلام وصلوا من خلال التفكر في ايات الله الى تذكر الاخرة، و كيف ان النبي كان يقوم كل ليلة فينظر الى السماوات و يتلو الاية المباركة (و يتفكرون في خلق السموات و الارض ، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) فكيف وصل النبي و الائمة و يصل المؤمنون الى حقيقة النار من خلال التفكر في خلق السماوات و الارض. و ذكر مثال الامام زين العابدين عليه السلام حيث استذكر عصر عاشوراء اغلال يوم القيامة و بكى على اثر ذلك.
يذكر ان سماحة المرجع الديني اية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دام ظله قد اغنت تأليفاته في جميع الحقول المعرفية المكتبة العالمية بالكثير من الأفكار و الاطروحات الجديدة، التي يستفيد منها العلماء و الخطباء كما يستفيد منها المثقفين و الشباب الرساليين. حيث تتسم افكاره بالدقة و الموضوعية و العمق من جانب و بسهولة الطرح من جانب اخر، و تتميز جميع هذه التأليفات بالطابع القراني، حيث لا يكاد ان ترى فكرة الا ولها شواهد قرانية. و من جملة تأليفاته كتاب "التشريع الاسلامي اصوله و مناهجه" حيث يعد ابداعا جديدا في الفقه والأصول. كما له تأليفات قرانية ابرزها "تفسير من هدى القران" و "بينات من فقه القران" و كتب قيمة اخرى في شتى حقول المعرفة.