احتفالاتنا .. مسؤوليتنا


" رحم الله شيعتنا , خلقوا من فاضل طينتنا , وعجنوا بماء ولايتنا , يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا "     بهذه الكلمات  رسم لنا إمامنا الصادق العلاقة (علاقة الانتماء) , في إحياء ذكرى أهل البيت فما أروعها من كلمات  , وما أشد وطأها في قلب المؤمن الموالي لأهل البيت   . لو تدبرنا أكثر في هذا الحديث لسألنا أنفسنا هذا السؤال :  هل يقتصر إظهار الفرح أو الحزن كما جاء في الحديث السابق على تلك الدقائق التي نحضرها في المأتم وفقط ؟ وما الفائدة الدنيوية والاجتماعية التي نحصدها من هذه المجالس ؟

إن من أجمل وأصدق مظاهر الولاء هي تلك المجالس والمآتم والندوات والمحاضرات والأهازيج  التي تصب في رافد أهل البيت , حيث يُذكر أهل البيت ويُذكر تاريخهم الزاخر بكل معاني الفضيلة والكرامة والعزة . فعندما نعيش هذه المناسبات ونحييها فإننا نعرف كيف كانوا يعيشون العبادة مع الله سبحانه وتعالى , ونعرف كيف كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر , ونعرف كيف أن المعصوم يمثل القدوة في كل مراحل ومعتركات الحياة التي عاشها في زمانه ,  ونتعرف على كيفية تعامل الإمام مع الحياة في الشدة والرخاء , و كيفية تعامل المعصومون مع أسرهم و مجتمعاتهم و محيطهم .

فنرى أن التاريخ يسرد لنا قصصا كثيرة عن الإئمة عليهم السلام ,  منها الاجتماعية و العقائدية والعلمية  والعجيب أن بعض تلك القصص - وخصوصا الاجتماعية-  تروي بعض المشاكل التي تشبه إلى حد كبير تلك التي نعيشها اليوم  ولا نستطيع التعامل معها ..مع وجود الحل في صفحات التاريخ المجيد لأهل البيت ..

وبالمقابل نجد أن الكثيرمن الناس عزفوا عن الحضور لهذه المجالس بحجة أنها تقليدية ولا تخدم وضعنا اليوم !!!

أولسنا بأمس الحاجة لأن نقتفي أثر المعصوم في كونه القدوة والمصدر الذي يرجع له الإنسان العاقل من خلال سماعه للتاريخ الجميل من خلال هذه المجالس ؟
و حق للمتأوه أن يتأوه لما وصل إليه مجتمعنا من تفشي الجرائم والسرقات والانتهاكات وغيرها , فابتعادنا عن القرآن الكريم و أهل البيت هو سبب رئيس في انتشار تلك الجرائم في المجتمع .

وعليه فإن حضورنا في هذه المجالس وتشجيعنا لها ومحاولة تكثيرها هي أحد الحلول المنطقية  لبداية نهاية الجرائم الموجودة في المجتمع حيث يعلو فيها صوت العقل ويخبو صوت الباطل وصوت  النفس الأمّارة بالسوء   , فمجالس إحياء أمر أهل البيت هي مفتاح الإصلاح في المجتمع للكثير الكثيرمن  المشكلات .

فما أجمل أن تتسع دائرة إحياء الشعائر وجعلها أكثر شمولاً ووضوحاً للناس , وما أروع أن يسعى المسؤولون عن هذه الاحتفالات لجعلها أكثر جاذبية وأكثر ملامسة للواقع من خلال عدسة ومنظار أهل البيت عليهم السلام والنظر إلى بعض القضايا من خلال سيرة المعصومين عليهم السلام  وإظهارها للمجتمع .

فكم هو جميل أن نسيح في عالم الرسول الأكرم محمد وأهل بيته من خلال هذه المجالس حتى تتجسد مواقفهم في مواقفنا, ونستمد عظمة من عظمتهم , ونرتقي في سماء المعرفة التي تُغنينا عن كل معرفة , فهم الكمال الذي نحاول السير إليه خطوة بخطوة في هذه الحياة .

ومبارك عليكم ميلاد السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام ..