في مشاركته في اللقاء الحواري الفكري بالرياض

الشيخ العوامي: المحافظة على الهوية والخصوصية لا تعني الانغلاق

الشيخ العوامي: المحافظة على الهوية والخصوصية لا تعني الانغلاق
الشيخ العوامي: المحافظة على الهوية والخصوصية لا تعني الانغلاق

شارك سماحة الشيخ فيصل العوامي في اللقاء الحواري الفكري الذي نظمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بالرياض، واستمر ليومين، في الفترة بين 18-19 من الشهر الجاري، وكان تحت عنوان: (الهوية والعولمة في الخطاب الثقافي السعودي).

هذا وناقشت جلسات اللقاء ثلاثة محاور: خصوصية المجتمع السعودي، والمواطنة في الخطاب الثقافي السعودي، و العولمة والمجتمع السعودي في الخطاب الثقافي السعودي.

وفي معرض مشاركته أشار سماحة الشيخ العوامي إلى "أن الحفاظ على الهوية يشكل هما لكل أمة ومجتمع، ولذلك حذر علماء الحضارة من العبث بالرموز والعلامات الوطنية، غير أن هناك إفراطا لدى البعض عند الحديث عن الهوية قد يصل إلى الانغلاق. ونحن كمجتمع سعودي – لا كأمة إسلامية- لا نملك موروثاً حضارياً خاصاً، لأننالم نصبح يوماً حضارة عريقة لها موروثها الخاص، فموروثنا الوحيد يتمثل في الهوية الدينية، والدين بطبيعته اقتحامي ولم يأت ليصبح معزولاً عن الأفق الانساني، وإنما ليصبح فاعلاً فيه (لتكونوا شهداء على الناس).

واقتراحي يتلخص في (التقليل من الحديث عن الخصوصية، وتقعيد ثقافة تعلم مجتمعنا على فنون الانفتاح على العالم الإنساني، مع التأكيد على أن هويتنا الدينية ذات طابع انفتاحي على جميع الديانات والانتماءات الأخرى). وذلك لأمرين:

1. المبالغة في الحديث عن الخصوصية أورثت مجتمعاً منغلقاً تشاؤمياً في نظرته للآخر.

المجتمع السعودي في حاجة ماسة لاكتساب بعض العناصر من هويات حضارية أخرى ليطوِّر ذاته، وهذا ما أفهمه من قوله سبحانه (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا )(الحجرات: من الآية13). فمجتمعنا مجتمع بدائي وليس من الصحيح أن يتكلم دائماً عن الخصوصيات".

وفيما يتعلق برؤيته للمواطنة فقال: "أرى أن المواطنة (تفاعل نفسي وواقعي بين الفرد والمحيط)، وهو يتجلى في عنصرين أحدهما حق والثاني واجب، وهما:

1. حصول الفرد على كرامته وحقوقه بصفته عضواً أساس في المحيط وهو الكيان الاجتماعي العام الذي ينتمي إليه.

2. الالتزام بالنظام الاجتماعي العام واحترام القانون، أي الصدق في الانتماء.

والأصل هو الحق والنظام شرط، أي الحق بشرط المحافظة على النظام، وليس العكس بأن يكون النظام هو الأصل بشرط تحصيل الحق كما هو شائع في كثير من البلاد العربية، وذلك أن الأصل هو الإنسان وليس القانون، والنظام والقانون ما شُرِّعا إلا لتحصيل حقوق الإنسان والمحافظة عليها، وهذا ما أفهمه من قوله سبحانه ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ (الأعراف: من الآية157)".

وفي معرض إجابته على التساؤل التالي: كيف نعمق ثقافة المواطنة؟

فقال: "إذا أشعرنا كل مواطن بمساواته مع غيره من ناحية الفرص، ولمس له مشاركة فعلية في الحياة العامة، وأن له قيمة في وطنه، من غير أن يكون هناك مؤثرات لأي ضغط مناطقي أو قبلي أو مذهبي، فإن التزامه بالنظام والقانون سيأتي طوعياً وبشكل تلقائي. ولا شئ تعنيه المواطنة إلا هذا".

كما أنه وبعد أن قسّم العولمة إلى قسمين إحداهما تتعلق بالدول وأخرى بالشعوب وأكّد على ضرورة عدم الاستسلام للعولمة في بعض تعريفاتها غير المقبولة، كانت لنا هوية أو لم تكن. أشار أيضاً إلى أنها في بعض التعريفات ضرورة إنسانية رائعة.

خاتماً الكلام بقوله: "وكلمتي الوحيدة هنا: إن البحث فيه بمعنى القبول أو الرفض أو التحفظ النسبي لا طائل منه، لأنه سيصلنا لا محالة شئنا أم أبينا، وخيارنا ما جاء في المثل الصيني: نحن لا نستطيع أن نمنع العاصفة لكننا نستطيع أن نقوي الشجر. أي وظيفتنا رفع مستوى الهوية كما قال بعض المفكرين.

وأخيراً: العولمة قد تكون لنا فرصة، فليس كل ما في العالم الإنساني من أفكار وممارسات هو ضدنا، وما علينا إلا أن نحسن الاستفادة منه".

هذا وقد أعرب سماحته عن ارتياحه الشديد للأجواء الحوارية التي سادت جلسات اللقاء، حيث كانت متسمةً بالعلمية والهدوء والطرح الناضج، كما أنها شكَّلت فرصةً للتلاقي والتعارف بين الكثير من النخب المثقفة من مختلف التوجهات الفكرية والمذهبية على مستوى الوطن.