سوء تطبيق القوانين في بلادنا مسؤولية من؟
من المسؤول عن حدوث التجاوزات للقوانين والأنظمة، وانتهاك حقوق المواطنين، وانتشار الفساد في معظم أركان حكومات بلداننا العربية، هل أجهزة الحكومات بسبب سوء الإدارة والتطبيق والاستغلال لعدم كفاءة المسؤول، أم المواطن الذي يجهل معرفة حقوقه وآلية المطالبة والصامت عن حقه؟
لا شك ان المسؤولية مشتركة؛ ولكن الأمر الفادح - ورغم السنوات الطويلة من تأسيس الدولة الحديثة – وجود وتجدد مشكلة متجذرة، تبدأ بعدم احترام القوانين والأنظمة التشريعية من بعض الجهات، والمشكلة الأكبر هي مزاجية فهم القرارات والتخبط في آلية تطبيق تلك القوانين والأنظمة من قبل الجهات المنفذة، يدعم أولئك المواطن المغيب والمهمش والغائب في وضع التشريعات، واتخاذ القرارات المصيرية، بسبب ضعف الوعي بالثقافة الحقوقية الوطنية لديه؛ الناتجة لغياب التوعية – الذاتية، المدرسية، والإعلامية، ومؤسسات المجتمع المدني – توضح له بنود الدستور والأنظمة والقوانين بالتفصيل.
فالمواطن بحاجة أن يعي بنود وقرارات الدستور التي تحدد حقوقه وواجباته، وتحدد صلاحيات السلطات والمسؤولين، ومحاسبة المسؤولين والمتجاوزين للأنظمة والمعتدين على حقوق الآخرين، وفتح ملف قانون من أين لك هذا؟ لكل مسؤول، والسماح للمواطن برفع الشكاوى على المقصرين مهما كانت مناصبهم، وتشجع المواطنين على المطالبة بحقوقهم. والتعامل مع الجميع حسب القانون وليس حسب صلاحية وأمر فلان، والتعامل مع المواطن بان له قيمة وان جميع المسؤولين والدوائر الحكومية في خدمته، بالإضافة إلى عدم فعالية المجالس النيابية والشورى، وعدم قيام جمعيات وهيئات حقوق الإنسان بدورهما المطلوب.
هذا الوضع وغيره أدى إلى عدم تطبيق بنود الدستور كما يجب على ارض الواقع، والنتيجة تعرض حقوق الكثير من المواطنين للانتهاك، والاستغلال من قبل البعض. وانتشار ظاهرة الفساد في جسد الدولة، وعدم حصول المواطنين على الحياة الكريمة التي تناسب الدخل، وتفاقم ظاهرة الفقر والضعف، والخوف والقلق والشعور بالتفرقة والتمييز لدى بعض المواطنين، وبروز شريحة ممن يدعون أنهم أوصياء على المجتمع لأنهم يملكون القدرة على التواصل مع الجهات العليا في الوطن، كل ذلك يعود بشكل رئيسي إلى المواطن الذي يجهل حقوقه ويفتقد الوعي والإرادة والمبادرة للمطالبة واستعادة حقوقه المنتهكة!!.
من المعروف انه في دولة القانون واحترام الأنظمة الواضحة والشفافة كل مواطن يعرف حقوقه وواجباته ما له وما عليه، ولهذا يتعامل ويتحرك بحرية تامة وبشفافية وباطمئنان، إذ باستطاعته وعبر القوانين أن يفعل ما يريد في ظل القانون، ويطالب بحقوقه عندما تتعرض للانتهاك من أي جهة، والتقدم بشكوى عليها، بدون اللجوء إلى وسطاء أو وجهاء أو الاستجداء والتوسل وتقديم التنازلات والتعرض للاستغلال. كما يقع في العديد من بلداننا للأسف الشديد!!.
بلداننا العربية لن تتطور ما دام المواطن لا يشعر بأنه شريك حقيقي في وضع واتخاذ القرارات التشريعية، ويشكل اكبر وأهم قيمة في وطنه، لك الله يا مواطن يا عربي!.