كيف تحولت من نجف صغرى....؟
ما وصلت إليه منطقتنا الحبيبة وبلادنا الآمنة ، التي كانت مضرب المثل في العفة والأمان والخير ، أو ما أوصلنا إليه الغير هو أمر مأساوي للغاية ، فالوضع السلوكي والأمني والاقتصادي أصبح في غاية حرجة ، ومأزق صعب ، وتعدى وتوسع حتى صوب على العرض والمال والنفس.
هذا الانحدار الأمني وتفاقمه ، والبطالة المتسببة من عدم التوظيف لأبناء هذه المنطقة كان من أهم أسباب الانفلات ، وإذا استمر الوضع بهذا الطريق فالوضع مما لا شك فيه سيتعدى الخطوط الحمراء إن لم يكن تعداها منذ زمن بعيد.
علينا جميعا واجب ديني ووطني ودور أخلاقي وذلك برفع الصوت عاليا للتغيير ، والإصرار على تكرار الرفع مرارا وتكرارا حتى نسمع الصم والبكم ، وبكل الوسائل والطرق المشروعة والغير مشروعة ، لأن السكوت على مثل هذا الانحلال غير مقبول وغير صحيح ، فما لا يدرك كله لا يترك جله ولا يسقط الميسور بالمعسور .
ربما يرى البعض أن هذا الدور صعب للغاية أو شبه مستحيل ، لكن حقيقة الوضع ليس كذلك ، فالأمر بحاجة إلى عزم وصدق وتوجه وإصرار بجد للتغيير ، والتغيير قادم علينا قهرا ولا حول لنا ولا قوة فيه ، وهو قادم للخير كان أو للشر ، فلنسعى بجهدنا لنجعله للخير بدلا من استفحاله في الشر ، وإن لم نستطع فنضع أيدينا مع أيدي من يحاولون التغيير والوقوف معهم ، وندعمهم بكل جهد ورغبة وتسديد ، فقد أتفق رجالات المنطقة في كل مدينة وقرية على التواصل بلجنة رئيسية تخدم هذا الدور ، وهذه اللجنة مع أنها وليدة جديدة إلا أنها أصرت لتلعب هذا الدور ، وطموحها وبعدها اكبر بكثير من حدودها ، والمطلوب من الجميع سهل وبسيط للغاية ، فالتواصل هو المطلوب ، وهذا التواصل قناة التقاء مع أبناء المجتمع ، ودعمك وتواصلك مع هذه اللجنة هو في ذاته تواصل وتغيير ، ولا يمكن نجاح أي دور دون الدعم والوقوف من المجتمع بأكمله معه ، أعضاء هذه اللجنة نذروا أنفسهم للإصلاح ، وعملوا من أجله وحملوه على عاتقهم فلنكن جميعا جزءا من هذا التواصل ومن هذه المجموعة....
سياسة التغيير والمتابعة والدعم والإصلاح هي غاية هذه اللجنة وهدفها ، كما أنها تسعى بشتى الوسائل والطرق الشرعية والأخلاقية والاجتماعية لخلق مجتمع آمن للجميع ، وأن هذا الدور ليس متعلق بشخص أو بلد أو منطقة بل هو دور الجميع ومهمتهم أين ما كانوا ، وعليهم جميعا السعي بهذا الجهد ، وأقل الأدوار التي يمكن تقديمها لهؤلاء التنسيق مع اللجان والأفراد في المنطقة والبلد التابعة لهم ، أو مخاطبة شخص بعينه لإيصالها لهم ، وطرح الأمر بأي صورة وترك الآخرين متابعته.
هذه البلاد الآمنة والمستقرة مستهدفة بصورة خاصة ، ومطلوب تغييرها وتحويلها من الخط الملتزم والثابت على نهج أهل البيت إلى بؤرة من الفساد والخراب ، بنشر السلاح والمخدرات وما شابه ، والأكثر إيلاما هو استخدام أبناءها للقيام بهذا الدور المهين والمفسد ، بدلا من القيام بدور البناء والإصلاح والإعمار ، وقد سعت بعض الأيادي الآثمة في محاربة أبناءها في قوتهم اليومي ورزقهم بالإبعاد والإقصاء.
هذا الدور المشبوه الذي أوصلنا إلى هذه الصورة المعكوسة عن هذه المنطقة التي كانت مثالا للإيمان والزهد والتقوى ، وكانت تلقب بالنجف الصغرى لشدة التزام أهلها بالدين والولاء ، اليوم أصبحت محطة انحراف والعياذ بالله ، ففي كل يوم نسمع بخبر يسيئنا عن الوضع العام لهذه المنطقة ، من القتل والسرقة والاختطاف والمخدرات والأسلحة وما شابه ، كما أصبحت من الأمور التي تتردد على أسماعنا وبصورة واضحة علنية بمسمع ومرأى من الجميع في وضح النهار ، بما فيها القوة التنفيذية والتشريعية في مختلف مناطق المنطقة ، وقت تعدت وانتشرت لتعدي من خارج أبناء المنطقة من دون الخوف والحذر ، فمن أمن العقوبة أساء الأدب.
أتوجه وأقول بكل أمل ومحبة لرجالات المنطقة عامة وأبنائها خاصة وبكل ثقة وصلابة القول المنسوب لمولانا أمير المؤمنين سلام الله عليه ( إذا خفت شيئا فقع فيه ، فان توقيك منه أعظم من الوقوع فيه ) .. وهذا هو الحل الأمثل لمثل هذه الظواهر ، ومواجهتها بروح العزيمة والقوة والشجاعة ، وعدم السكوت عليها ، ومحاربتها بكل الوسائل والطرق المحببة والمقبولة والمستحسنة بالروية والحكمة والموعظة الحسنة ، فالتفرج والاستماع لها لن يغير في الوضع شيء ، لكن الوقوف والتكاتف مع بعضنا البعض والتنسيق في كل المدن والقرى ، بكل ما نجيده ونحسنه سيجعل من التغيير أمرا سهلا وبسيطا وممكنا ، لا نريد التفرج وقول هذا لا يعنيني فمثل هذان القولان ما أوصلنا إلى هذه الحالة المريضة الميئوس منها.
وضع أيدينا مع بعض يعيننا على إعادة وضعنا الأمني إلى حالته الأولى وأحسن وكذلك العمل لخلق وظائف لأبنائنا ببلورة مصانع محلية وفرص صناعية وأعمال حرفية والاهتمام بشبابنا المقبل لأنهم هم عصب هذه الأمة وبهم ترتقي الحياة وبهم تنتكس ، وأن العمل لخدمتهم ما ينبغي السعي إليه والعمل لأجله.
وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح .