ماذا أفعل إن اقترب مني شخص غريب؟؟
ربي هل تسمعني..، من أنا، شعور غريب، لا مستحيل، الله في كل مكان، فخورون بمشاعرنا، يوم ترك بابا البيت، التاءات الثلاث، مدبرة منزلنا الأجنبية، نعيش في سيارة، البنت مثل الولد، والدة سامي مريضة، أين أمي، من يخاف عصاماً، سارة ترسم وتعزف موسيقى، وسلمى تعرف حقوقها.
هذه العناوين وغيرها ما هي إلا مجموعة أسماء لقصص أطفال وفقت في اقتنائها من معرض الكتاب الذي أقيم مؤخرا في مملكة البحرين، وقد حوت تلك القصص العديد من الأهداف ذات الطابع التربوي.
وبما أن القصة كنوع من أدب الأطفال تعد يداً مساعدة في بناء وتكوين شخصية الطفل.. فكثيراً ما اعتمدتها كوسيط ناقل لرسائلي، فالجميع يعلم الدور الفاعل الذي تلعبه القصة في نقل الرسائل الموجهة من المرسل وهو ( الأب، الأم، المعلم ) إلى المتلقي وهو الطفل بصورة غير مباشرة.
فهي الوسيط والناقل المثالي الذي يقوم بنقل الأهداف على اختلاف أنواعها للطفل، سواء كانت تلك الأهداف تخدم السلوك التربوي، أم هي مفاهيم تعليمية سواء كانت علمية أم لغوية أم نحو ذلك، خصوصاً إذا ما اقترنت بالصور المؤثرة والتي تعبر عن الحدث، أضف إلى ذلك الأسلوب المشوق والجذاب في طريقة العرض والتقديم.
واحدة من بين تلك القصص التي جندت نفسي والآخرين من حولي منذ فترة طويلة للبحث عنها في جميع المكتبات المحلية تمكنت مؤخراً من العثور عليها في معرض الكتاب الذي أقيم مؤخراً في مملكة البحرين.
لقد وجدت نفسي مضطرة وبقوة لاقتنائها لتفعيلها كنشاط وقائي للأطفال و مضاد في نفس الوقت نتيجة للمتغيرات الدخيلة التي بدأت تطفو على سطح مجتمعنا المحافظ والتي ما هي إلا مفرزات للكبت الذي فجره الإعلام المنفتح، أضف إلى ذلك تداعيات الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى التفكك الأسري وبالتالي الفساد الأخلاقي والجريمة بكافة أنواعها.
تلك المتغيرات بما حوته من أفعال لا أخلاقية التي طرأت على طبيعة سلوك البعض من الذين يتعامل معهم الطفل الذين قد يكونون غرباء عنه أو ممن هم حوله ويحتك بهم سواء في الشارع أو المدرسة أو المتجر أو الحديقة أو المنزل... بحيث لا يمكن توصيف شخصية مرتكبي تلك الأفعال إلا بأنهم أناس بلا إنسانية بل نزعت الرحمة من قلوبهم وانزلقوا في سلوكهم الآدمي نحو القاع من الدناءة والحقارة والوحشية.. وبناءاً على ضوء تلك المعطيات تغير المحيط الذي يعيشه الطفل الذي أصبح فريسة سهلة ولقمة سائغة في فم أصحاب الأفعال السيئة.. يشبعون بها نزواتهم وغرائزهم الحيوانية متى شاءوا وفي أي زمان ومكان.
في ظل الأوضاع السائدة وتداعياتها المأساوية أصبحنا أكثر خوفاً وقلقاً على أطفالنا من قبل.. أصبحنا نشعر بأن أطفالنا في غير مأمن وبأنهم أصبحوا أكثر عرضة لحوادث الاعتداء والخطف ونحوه، بدأنا نعيش واقعاً جديداً يفرض علينا تحمل المسؤولية نحوهم أكثر وأكثر، وحمايتهم من الخطر الداهم الذي يتربصهم بتزويدهم وتسليحهم بما نراه مناسباً، ليتوخون الحذر والحيطة وليتمكنوا من حماية أنفسهم.
وقبل التعريج عزيزي القارئ على محتوى القصة لا بد لنا من التعريف بها..
القصة من تأليف ليندا والفورد جيرارد، ورسوم هيلين كوغانشيري، وهي من إصدارات دار العلم للملايين، القصة مترجمة وتقع فيما بين إحدى وثلاثين صفحة، أما محورها الأساسي فهو حسن التصرف، وتحمل القصة اسم "ماذا أفعل إن اقترب مني شخص غريب".
تبدأ القصة بمقدمة تتفرع منها عدة محاور، وكل محور له هدف محدد وهي كالتالي.. من هو الغريب، ماذا أفعل إن اقترب مني شخص غريب، الغرباء في الأماكن العامة، الغرباء على الهاتف أو عند الباب، إياك أن تفعل هذا، الهدايا والوعود والأكاذيب، إلى أين أستطيع الهرب، أسئلة أستطيع أن أطرحها على والدي أو معلمي ومنها.. من هم الغرباء الذين أستطيع أن أثق بهم؟ ومتى يجوز لي ألا أطيع الكبار؟.
وتنتهي القصة بتمرين وهو عبارة عن مجموعة من الأسئلة المفتوحة واقتراحات حول الأجوبة، وسأضع هنا مقتطفات كنماذج لتلك الأسئلة..
- ذات يوم وبينما كنت عائداً إلى منزلك من المنتزه، راكباً الدراجة، رأيت رجلاً اعتدت رؤيته في الحي يقود سيارته، فيعرض عليك أن يقلك في سيارته وأن يضع دراجتك في صندوقها. هل تستطيع أن تذهب معه؟
- قمت بالرد على اتصال هاتفي حين لم يكن والداك في المنزل، فتقول لك المتصلة: " مرحباً! اسمي سمر وأنا عضو في الجمعية الوطنية للمعلمين"، ثم تطرح عليك بعض الأسئلة عن البرامج التلفزيونية التي تشاهدها. هل المتصلة غريبة؟ ماذا يجب أن تفعل؟
- كنت في المتجر وكانت والدتك بعيدة عنك بضع خطوات، فتقترب منك سيدة وتقول لك: " أيتها الصغيرة، أنا بائعة السكاكر، واليوم نقدم السكاكر مجاناً لكل الأطفال الموجودين في المتجر، رافقيني إلى سيارتي لتأخذي بعضاً منها " هل هي شخص غريب؟ ماذا يجب أن تفعلي؟.
ما أود قوله هو إن الأطفال عادة قليلي الخبرة والتجربة، لذلك لا يحسنون التصرف تجاه المواقف المختلفة التي قد تصادفهم، فهم في غير منأى عن أي خطر ، وهذه القصة تتيح لنا كمربين من آباء وأمهات ومعلمين تعريفهم بأهم المواقف التي يمكن أن تواجههم والتي قد يتعرضون فيها للخطر، ومن تلك المواقف الخطف والاعتداء كما تتيح لنا تعريفهم بأهم القواعد الوقائية التي ينبغي الالتزام بها عند وقوع أي من تلك المواقف.
وختاماً لنتذكر جميعاً بأننا إذا أردنا أن نحقق الأمان لأطفالنا علينا أن نؤمن بأن " الوقاية خير من العلاج ".