الشيخ المصطفى يترأس الجلسة الختامية لمؤتمر (جدلية العلاقة بين الفقه والفلك)
ترأس سماحة الشيخ حسين المصطفى الجلسة الختامية لمؤتمر (جدلية العلاقة بين الهلال والفلك)، والتي تحمل عنوان: إثبات الهلال بين العلم والفقه.
وكانت البحوث المشاركة في هذه الحلسة هي:
1 - آفاق رؤية الهلال بين التضييق والسعة: سماحة الشيخ حسين المصطفى.
2 - إثبات الهلال طبقاً لقول الفلكي (إمكانية الرؤية): سماحة السيد جعفر فضل الله.
3 - دور حكم الحاكم في إثبات الهلال: سماحة الدكتور الشيخ رضا إسلامي.
وشارك في هذه الجلسة كل من: الدكتورة شايسته مهاني (إيران)، والدكتور محمد شوكت عودة مدير المشروع الإسلامي لرصد الأهلة (الأردن).
وشارك جملة من العلماء في التعقيب من أبرزهم: الفقيه السيد علي الأشكوري (أستاذ البحث الخارج في حوزة قم المقدسة)، والبروفيسور يوسف مروة عالم الفيزياء والذرة (كندا).
وفي بحثه ركز سماحة الشيخ المصطفى على أنّ منشأ الاختلاف بين المسلمين حول رؤية هلال رمضان والعيد والحج، ووقوع الخلاف حتى بين أتباع المذهب الواحد؛ لأنّ شهادة الشهود مقنعة للبعض دون البعض الآخر، ومعلوم ما لهذا الوضع من آثار سلبية تعكس عدم ثقة المسلمين ببعضهم البعض، وتوهين شهادة المسلمين فيما بينهم في أمر عبادي هام كأمر رمضان والعيد، الذي يفترض أنه عنوان وحدة المسلمين، تماماً كما هي الصلاة، وكما هو الحج.. فللهلال دور في توحيد الأمة في عباداﺗها وتوثيق عقودها وضبط عهودها، بما يرفع عنها الاختلاف ويزيد من قوة تماسكها روحياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً.
وتحاول هذه الورقة أن تسلط الضوء على المدركات العلمية للرؤية؛ فهي التي يدرك بها الماديات -تارة- عن طريق الرؤية بالعين، ويدرك بها -تارة أخرى- المعنويات وهي الرؤية العلمية..
ويسلط البحث أيضاً على أنّ الرؤية بالعين المجردة لم تكن هي الغاية، بل هي -في الماضي- وسيلة لإدراك الشهر الواقعي بأقرب وقت ممكن من الشهر الحقيقي الفلكي.
والإسلام الدين القيِّم المتفاعل مع علوم الإنسان، والمؤكد على التدبر والتفكر وإعمال العقل، لا بد أن ينسجم مع منطق العلم الذي أدرك من خلال وسائل الاستكشاف الحديثة القطعية اليقينية، والتي تتجاوز قطعية رؤية العين المجردة في إثبات الشهر، حيث عادة ما تنحصر الرؤية بعدد محدود من الشهود، وعادة ما يدور السجال والخلاف والتحقيق في اعتماد شهادة هؤلاء، ومعيار الثقة بهم، ومعيار عدم اختلاف النظر لديهم.
وأكدت الدراسة على أنّ الأمر باعتماد رؤية الهلال ليس لأنّ رؤيته هي في ذاتها عبادة، أو أنّ فيها معنى التعبد، بل لأنها هي الوسيلة الممكنة الميسورة -إذ ذاك- لمعرفة الوقت، فما الذي يمنع شرعاً أن نعتمد الحساب الفلكي اليقيني، الذي يعرّفنا مسبقاً بموعد حلول الشهر الجديد، ولا يمكن أن يحجب علمنا حينئذ غيم ولا ضباب!
وحذرت الورقة من الجمود أمام فهم النص، لا أمام النص نفسه، لأنه ملزم بالتأكيد -كالوقوف عند فهم تعبير الرؤية على الرؤية بالعين- فهو نوع من الجمود غير المبرر؛ لأنّ ما تدركه المراصد العلمية ينطبق عليه بالتأكيد مفهوم الرؤية، وتتيح لنا رؤية حقيقية بالصورة الواقعية.
في الوقت الذي نعي -تماماً- ما تقع فيه العين من أخطاء، وما يصيبها من خدع وأوهام بصرية، وخاصة في عصرنا الحديث وما أصاب الأجواء من تلوّث بالغبار والدخان، وما يجول في السماء من أقمار صناعية ومركبات فضائية وطائرات ومناطيد وغيرها، دون أن ننسى الإشارة إلى العوامل الطبيعية والفيزيائية وحتى البيولوجية والنفسية. واستشهدت الدراسة بكثير من أقوال العلماء والمختصين.
وفي الفصل الثاني ناقشت الدراسة، وبشكل علمي، مجموعة من الآراء والأقوال والروايات النبوية الصادرة عن مدرسة أهل البيت .
وخلصت الدراسة إلى: أنّ الرؤية لم تؤخذ على نحو الحصر في ثبوت الشهر، وأنّ شهر رمضان بوجوده الواقعي موضوع لوجوب الصيام فلا بد من إحرازه بعلم. وعلى هذا يمكن أن نقول بأنها إذا تحققت بالطرق العلمية الصحيحة والأجهزة الفلكية وأفادتنا العلم والاطمئنان تكون حجة ووجب الأخذ بها.. ثم ختمت هذه الورقة بمجموعة من المقترحات والتوصيات، من أهمها:
1- رعاية الدراسة الفلكية في الحوزة العلمية، ولو في حدود الضوابط التي تتعلق بإثبات الهلال ونحوه مما له تأثير في تشخيص موضوعات الأحكام الشرعية.
2- تأسيس مراصد للهلال بإشراف خبراء متخصصين بقرب الحوزة العلمية للإسهام في إثراء الرأي الفقهي والفلكي معاً.
3- تأسيس هيئة علمية تضم العلماء والخبراء الفلكيين تقوم بدور الرصد والتشخيص الصحيح للهلال ووضعه في خدمة المرجعيات الدينية.