كلمة الجمعة:الحديث عن مجمل ماجرى في المناظرة مع الشيخ البراك

تحدث سماحة الشيخ علي آل محسن في كلمة الجمعة عن مجمل ما جرى حول المناظرة التي حدثت بينه وبين الشيخ الدكتور محمد البراك في البالتوك الأسبوع الماضي.

يُذكر أن الدكتور البراك قد أعلن سابقاً عن رغبته في تحدي الشيعة على أن يأتوا بدليل واحد صحيح صريح يدل على  عقيدة واحدة شيعية خالف الشيعة فيها سائر المسلمين، وقد رصد جائزة مالية قدرها مائة ألف دلاور!

كما أوضح الشيخ آل محسن أن لغة التحدي التي استخدمها البراك ليست لغة القرآن، ولا أسلوب الأنبياء، أو العلماء، وأنها فراقيع إعلامية ليس إلا!

كما بينًّ سماحته للحضور أن سبب قبوله لهذا التحدي هو تكرار الشيخ البراك أن عدم قبول أحد من الشيعة لهذا التحدي هو دليل على ضعف مذهبهم.

وتطرق الشيخ عما جرى في جلسة التنسيق للحوار بينه وبين الشيخ البراك، حيثُ عرض الشيخ آل محسن على الشيخ البراك أن تكون المحاروة كتابية، وأن يسقط البراك تحديه للشيعة، ليكون الحوار بعيداً عن لغة التحدي والإثارة، إلا أن الشيخ البراك رفض ذلك، وأصر على بقاء التحدي كما هو.

  • ثم تم الاتفاق على تحديد معايير الحوار الثمانية، وهي كالتالي:

1- على كل طرف من المتحاورين أن يعاهد الله تعالى أمام الجميع على اتباع الحق، فإن الحق أحق أن يتبع، وعدم المجادلة بالباطل، وعدم إنكار ما ثبت بالدليل عناداً ومكابرة، وليعلم الجميع أن هزيمة كل طرف لا يدل بأي دلالة على هزيمة مذهبه، لأن كل واحد من الطرفين لا يمثل مذهبه، وإنما يمثل نفسه.

2- على كل طرف أن يحتج بالحديث الصحيح دون غير الصحيح، وكل طرف لا يأتي بتصحيح الحديث لا تكون حجته ملزمة للطرف الآخر، ولا يجب على الطرف الآخر أن يجيب عليها.

3- أن المعيار في تصحيح الأحاديث الشيعية وتضعيفها هو الضوابط المعروفة عند علماء الشيعة المشهورة عندهم، وكذا المعيار في تصحيح الأحاديث السنية، فلا يجوز لأي محاور أن يضعف حديثاً مروياً في كتب الطرف الآخر بمعاييره هو، لأن ذلك يستلزم ألا يسلم حديث عند أي طرف من التضعيف.

4- أنه إذا كان لواحد من الحفاظ أو العلماء المعروفين تصحيح أو تضعيف للحديث لا يعارضه تصحيح حافظ أو عالم آخر أو تضعيفه، فهو المعول عليه، ولا يجوز للمحاور أن يخالف ما قاله الحفاظ أو العلماء إلا إذا كان الذي صحح الحديث له مبنى في التصحيح والتضعيف مخالف للمعروف عند علماء مذهبه.

5- أن أقوال العلماء الآخرين الناشئة عن استنباطهم أو اجتهادهم لا تكون حجة لطرف على الطرف الآخر، لأن أقوال العلماء يُحتج لها، ولا يحتج بها، إلا ما كان في التصحيح والتضعيف.

6- أنه يلزم كل طرف ألا يخرج عن نقطة الحوار إلى نقاط خلافية أخرى، ومتى ما خرج المحاور إلى نقطة أخرى فإنه لا يلزم الطرف الآخر أن يجيب عليها.

7- لا يجوز للمشرف على الحوار أن يتدخل في مادة الحوار حتى لو خرج المحاور عن موضوع الحوار، لأن ذلك من وظيفة المحاور الآخر، وأما وظيفة المشرف فهي التنسيق في الوقت فقط.

8- على كل طرف أن يلتزم حدود الأدب في الحوار، ويتجنب التهجم على الطرف الآخر، بأي نحو، وعليه أن يتجنب استخدام الألفاظ المهينة للطرف الآخر، أو المهينة لمذهبه، أو علماء مذهبه.

وقد أضاف الشيخ البراك نقطة تاسعة، وهي: أنه لا بد من حمل النص على ظاهرة، من غير تأويل أو حمل على التقية.

وبالرغم من الاتفاق على هذه المعايير، إلا أنه  لوحظ أن الدكتور البراك قد خالفها في أكثر مداخلاته، فمن مخالفاته:

1ـ أنه كثيراً ما يخرج عن نقطة الحوار، ويصر على الحديث في موضوع آخر.

2- أن الشيخ البراك لم يستدل بما هو صحيح، بل كان يستدل بأي حديث يؤيد فكرته، كاستدلاله برواية في كتاب الاحتجاج، وبنصوص متعددة مذكورة في نهج البلاغة.

3- أنه استدل بأقوال علماء الشيعة، بل بأي قول لأي شيخ شيعي، مع أنه رفض الاحتجاج بالأقوال قبل المناظرة.

4- أن الشيخ البراك مع أنه اشترط عدم تأويل النصوص، إلا أنه أوَّل قول النبي : (إن الأمة ستغدر بك يا علي من بعدي)، بأن المراد بالأمة هم الشيعة، فأخرج أهل السنة عن أن يكونوا من أمة محمد .

5- أن الشيخ البراك لم يقبل تصحيح الحاكم والذهبي لحديث علي : (إن مما عهد إلي النبي أن الأمة ستغدر بي بعده)، وقدم تضعيف الشيخ الألباني على تصحيح الذهبي والحاكم، وهذا مخالفة للبند الرابع من معايير الحوار.

مع أن الشيخ الألباني ليس بحافظ، والذهبي حافظ، مضافاً إلى أنهم قالوا: إنه إذا تعارض قول المتأخرين وقول السابقين في التصحيح، فلا يعول على قول المتأخرين، مضافاً إلى أن الشيخ الألباني يضعف بعض الأحيان بسبب المتون لا بالنظر إلى الأسانيد، مع أن الألباني عنده أخطاء كثيرة في التصحيح والتضعيف، وقد ذكر جملة وافرة منها السيد حسن السقاف في كتابه القيم: تناقضات الألباني الواضحات.

و الجدير بالذكر أن الشيخ البراك أرتكب أخطاء كثيرة أثناء حواره، منها:

1- أن الشيخ البراك قال: (الأصل أن عليا بايع أبا بكر)، ولهذا طالب بدليل على أن عليا لم يبايع، وهذا غريب جداً، لأن المنكر لا يطالب بالدليل، وإنما الدليل على المثبت.

2- أنه خلط أموراً كثيرة لا علاقة لها بالحوار، مثل: دعاء صنمي قريش، وعقيدة الشيعة في أبي بكر.

3ـ أنه جعل ما ليس بدليل دليلا، مثل قوله: إن عليا سمى أبناءه بأسماء الخلفاء، وأنه عليه السلام كان ينصح الخلفاء ويشير عليهم، وقوله: إن ظننا بعلي أنه إمام ناصح للإسلام والمسلمين، وهذا يقتضي أن يبايع.

4ـ أن الشيخ البراك قال: (إن صحيح البخاري محكم)، وهذا عجيب جداً، لأن القرآن ليس محكما كله، وإنما فيه محكم وفيه متشابه، ومع ذلك قدم مرسل الشعبي الذي دلَّ على رضا فاطمة عن أبي بكر، وترك حديث عائشة التي قالت فيه: إن فاطمة وجدت على أبي بكر حتى ماتت.

5- أن الشيخ البراك خلط بين النصيحة والموالاة للكافرين، ولهذا استنتج من نصح علي بن أبي طالب عليه السلام للخلفاء موالاته لهم وأنه كان راضياً بخلافتهم، ويرى شرعيتها، وهذا غير صحيح.

6- أنه زعم أن عليا لا يرى أن  خلافته واجبة، واستدل على ذلك بقول علي : (أنا لكم وزير خير لكم مني أمير)، وهذا غير صحيح، فإن أمير المؤمنين قال: (دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول، وإن الآفاق قد أغامت، والمحجة قد تنكرت، واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب، وإن تركتموني فأنا كأحدكم، و لعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً).

وهو استدلال ضعيف، لأن علي كان يريد أن يستوثق من طاعة القوم، وعدم تقاعسهم عندما يبايعونه وينتدبهم للحرب أو غيرها.

و يُذكر أن المناظرة قد حضرها أكثر من خمسة عشر ألف مستمع من جميع أنحاء العالم، وقد نقلتها كثير من المواقع والغرف على شبكة الإنترنت.