تحية تساق لأهل الوفاء

عقيلة آل حريز *

كنا نتأمل فرح صغير تهديه لنا الأيام حين بدأنا نقرأ مفردات الحياة .. الخير .. الجمال .. الوفاء .. العدالة .. الرحمة .. الإنسانية بمفهومها الجميل .. كنا نفعل حين بدأنا نفهم بعض الأمور البغيضة  من مثل ماذا يعني التعجرف .. الخبث .. الغدر .. سوء النوايا ..

فهمنا هذا حين تعلمنا  أن نكره الشر فأنفته أنفسنا، وانسحبت تحرر بعض أفكارنا عن الوفاء ومصداقيته  بأطيافه السبعة، الوفاء كلمة خفيفة تحمل معان عميقة تعني أننا كائنات متزاحمة في ضباب الحياة تصنعنا سلوكيات ضخمة نتخيرها ونسير إليها بملئ إرادتنا ، لكننا نتوه في ترحال طويل ومحطات متسعة تهوي بجل مفاهيمنا نحو التصلب، فتتكلس رواسب قبيحة داخل مفرداتنا لتعتم القراءة فتستغلق علينا الرؤية ..

 وهنا تمتد بنا مساحات الحياة في رحلة سير لا تنتهي .. ربما نتكبد مشقتها وحدنا ونعالج فيها الوحدة والصمت والغربة أو الإغتراب والخواء .... لكننا حتماً نحظى بفرص راحة تمررنا عليها الأقدار، فنجد في طريقنا نجوم تحتضن سقف الليل المعتم ، تنتشر متباعدة بمسافات واحدة لتجلو عتمته ، وكأنها تتلو سورة الحمد لتحصننا وتحفظ علينا باقي يقيننا ..

هذه النجوم تحمل صياغة واحدة لا تتبدل .. تبرهن على أنه ثمة ما يبعث على مواصلة المشوار .. فلولا وجود أطياف أخرى نبيلة تشغل الحياة بأنفاسها وتشعل فوانيسها بالداخل .. تمنحنا إحساس باليقين تجعلنا نقتات من ضوءها فنصافح شموس الكون .. لولاها لانتفت من روح الأرض كل الفرص الممكنة للمعايشات فضلا عن العيش أحياناً ..

 لعل وجودها يمنحنا قوة معنوية على الصمود لاختبارات الأيام ، فتسهل لنا المرور على أشواك الطريق وتترفق بنا عن تدافع أحزان الحياة فتجلو جوهرها الأصيل .. لتبدو تماماً كمظلة تحمينا من صواعق الدهر وغدر الزمن .. وحين نبصرها نجد أن مشاعرنا أصبحت ممتنة للأنفس التي حملتنا للسلام مع هذا العالم الغريب .. والمقلق .. المليئ بالتناقضات ...

 لحظة واحدة صيرتنا هكذا تائهون أو مبعدون عن فهم كنه الفلسفات السائدة .. لسنا نعرف حجم الشرود بداخلنا بالضبط لكننا بكل تأكيد ندرك أن نوافذنا تصفق لوجودهم بيننا ، فتجعلنا قادرين على أن نصيغ حكايات جديدة نعيش فصولها كل مرة لنباعد الضيق عنا .. فيزهر صمت الأشياء حولنا ونطوف مع الذات في سكون مترع  بالضوء الذي يصوغ النور من أعماقه ليهديه لنا عن طيب خاطر فنستدل على أسباب الرحمة بتواصل إنساني شفيف، وإحساس متفرد عذب يسمو عن مكدرات الحياة وطفحها البغيض .

 حركة الريح الهادئة التي تجلو الغبار هي كل ما نعشق فهي تقفز بهالاتنا نحو فطرة سليمة تحاول أن تجنبنا تجرع كؤوس الألم بفعل المشاحنات المستمرة .. فتمنحنا الصمود في وجه أعاصير الحياة دون أن نضيع الدرب ، لذا يصبح لضوء النهار معنى مختلف حين نتأكد من صحة وجهتنا على امتداد أضواء النجوم التي تسطع في سمانا فترسخ بداخلنا الإحساس بالأمان، ونستمد منها العون كي نقاوم الإنهيارات والتصدعات التي تزاحمنا وتباغت أمننا .. ودائما في الحياة منح وجوائز تأتي بها السماء على هيئتهم المضيئة تقترب منا لتمنحنا مزيدا من اليقين يوازي طلوع الصبح بضوئه الوفير . 

 

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
أم ليث
[ البحرين - المنامة ]: 3 / 2 / 2010م - 6:01 ص
تحية لك يا استاذة عقيلة على هذا الطرح ..
كاتبة وقاصة (سعودية )