تأملات في لحظات ألم ( 1 )
هل نحن نعني ما نقول؟
لا يوم كيومك يا أبا عبد الله يا ليتني كنت معكم هل نعرف حقاً معنى كلماتنا هذه ؟ تذكرت أم المصائب عليها السلام حين أفقت من صدمة الخبر المفجع " قتل شاب " وقفت مع هذه الإنسانة التي تعرضت لكافة أنواع المصائب في يوم واحد إنها الأم الفاقدة و الأخت المفجوعة و العمة المحزونةوالخالة الحنون والأخت المواسية . لقد قامت بجميع الأدوار ومثلت جميع الشخصيات فهي التي ورثت مصائب أمها و قابلتها بصبر أبيها.
لقد جسد الشعراء معظم ما حدث ولكن بنظرة متشابهة و من زاوية واحدة رغم أن بعض الشعراء الآن يحاولون إطلاعنا على مزيد من الصور المؤلمة و التركيز على مختلف الزوايا و لكنني اتمنى أن يخبرنا أحدهم بلقاءها مع زوجها بعد عودتها للمدينة و أن يركز على ألمها كأم فاقدة و ليس فقط كأخت و عمة كما أن البعض أهمل السيدة الجليلة أم كلثوم التي كانت زوجة البطل مسلم و لم أجدمن يصور حزنها حين علمت بمقتله بل ركز الشعراء على ما جرى بين إمامنا عليه السلام و ابنتها حميدة .
طلبت من ابنتي أن تواسي صديقتها اليتيمة بذكر صاحب هذا الشهر الحزين وما تعرض له لأنهم سلوتنا ونحمد الله كثيراً على معرفتنا بهم وقد شاهدت باسم الكربلائي مؤدياً قصيدة " يا قلبي يا صابر" و هي لشاعر أهل البيت عليهم السلام جابر الكاظمي المبدع و استمعت للعليلة سلام الله عليها تشتكي ألم اليتم و تخيلت ابنة المغدور تشاركها شيئاً من الإحساس و الحزن.
و يستوقفني سؤال آخر هل نتمنى حقاً أننا شاركنا في واقعة الطف؟
إن رضاءنا بالقضاء و القدر يتوافق مع كلماتنا" يا ليتني كنت معكم" و كذلك صبرنا على ما نتعرض له و بالأخص فقد الأحبة و حمد الله سبحانه وتعالى في السراء و الضراء و على كل حال.
أرسلت لي إحدى صديقاتي إعلاناً عن حملة " بادر " في القطيف و هي تدعو إلى مشاركة جميع أفراد المجتمع في الحفاظ على الأمن و الأمان و عدم تجاهل ما نرى بدعوى أنه لا يخصنا كأفراد و تناقشت معها متمنية منهم محاربة العنف بشتى أشكاله خصوصاً بعد تعدد الحوادث التي تحمل صفة الكارثة كقتل الأخ لأخيه و الصاحب لصاحبه و الإبن لأبيه و في المساء سمعنا بما جرى في قريتنا الصغيرة و عليه فإنني أناشد أصحاب العقول و العزيمة من أهل هذه القرية الفاضلة أن يساهموا في حملة داخلية ضد العنف بجميع أشكاله و تدريب الأطفال و الشباب على كظم الغيظ و حسن التصرف عند الغضب أرجوكم تداركوا ما حدث حتى لا يزداد عدد الضحايا.
إلى كل من آلمه و أحزنه فقد " أبي أحمد" كلما تذكرتموه إقرأوا لروحه سورة الفاتحة و تذكروا أن له رباً رحيماً يشفق عليه أكثر من أمه التي أنجبته و لن يترك أطفاله و زوجته فهو الوحيد القادر على أن يخفف عنهم.
كل شيء يولد صغيراً و يكبر ما عدا الحزن فهو يولد كبيراً و يصغر لكنه لا يموت إلا بموت صاحبه.لكل شيء يحدث حكمة نجهلها غالباً و يذكرنا بهذا اعتراض نبي الله موسى عليه السلام على ما قام به العبد الصالح .