مؤكداً على أن قيم النهضة الحسينية تمثل هوية التشيع الرسالي
الشيخ السعيد: المنبر لا بد أن يكون امتداداً لقيم النهضة الحسينية
دعا إمام وخطيب الجمعة بالعوامية سماحة الشيخ عباس السعيد-حفظه الله- خطباء المنبر الحسيني إلى ضرورة تطوير المنبر بما يحفظ التوازن بين العبرة والعِبرة.
وأشار سماحة الشيخ السعيد في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام الحسين بالعوامية بتاريخ 1/1/1431 إلى أن الإمام الحسين قدح بثورته الإلهية شرارة التغيير في روح الأمة، حتى تتعاظم هذه الشرارة تدريجياً فتبعث للأمة هويتها وشخصيتها الرسالية. وقد توقف سماحته متسائلاً: كيف تساهم النهضة الحسينية بشكل جذري في بلورة شخصية الأمة وفقاً لقيم الرسالة؟
فأجاب قائلاً: "هنا يأتي دور المنبر الحسيني، فالنهضة الحسينية إنما تتعاظم أدوارها من خلال الوسائل التي تحمل رسالتها إلى الأمة".
ثم أكد السعيد بأن النقد البناء للخطابات الدينية في عاشوراء يعدُ أمراً غاية في الأهمية من أجل الصعود بالخطابات الدينية إلى المستوى المأمول. ثم تعرض سماحته إلى صفات ثلاث يرى من الأهمية بمكان أن تتوفر في المنبر:
أولاً: أن يكون المنبر الحسيني امتداداً لأهداف النهضة الحسينية، وهو لا يكون كذلك إلا من خلال بلورة الثقافة الحسينية التي تنهض بالمجتمع والأمة. وألفت سماحته إلى أن: ما تعيشه الأمة من تخلف واستعباد ليس إلا لغياب قيم النهضة الحسينية عن شخصيتها ومسيرتها.
ثانياً: المعاصرة وملامسة هموم الأمة، حيث أن مسيرة الأمة نحو الإصلاح والتغيير تكتنفها كثير من التحديات الثقافية والاجتماعية والسياسية. والأمة بحاجة إلى تتنور ببصائر القيم الحسينية. وذكر الشيخ السعيد: أن قيم النهضة الحسينية هي بمثابة الشمس، التي تشرق في كل يوم على يوم جديد، وهي في كل يوم تشرق على واقع الأمة وما فيه من تحديات، لتنير للأمة واقعها ومسيرتها.
ثالثاً: العمق والجدية في الطرح، حيث أن أن الذي يعالج الإشكاليات ويرقى بالمجتمع ثقافياً هو المقاربات الثقافية المعمقة، وليس الخطاب البسيط المُسطح.
وفي سياق كيفية تطوير المنبر وضرورة النهوض به أكد الشيخ السعيد بأن من يتحمل مسؤولية ذلك هما خطباء المنبر الحسيني مضافاً إلى المجتمع، حيث أن نزوع المجتمع نحو العبرة قبل العِبرة يحمل الخطباء مسؤولية شاقة ومزدوجة، مضافاً إلى أنه يحرم الساحة من كثير من الطاقات والكفاءات المفكرة القادرة على الاستجابة لمتطلبات الساحة الثقافية والاجتماعية.
ولذا دعا الشيخ السعيد في ختام خطبته الأولى المجتمع وخطباء المنبر إلى ضرورة إعادة النظر في النزعة نحو العبرة على حساب العِبرة، أو طرح المنبر بصيغة جديدة تحفظ التوازن بين العبرة والعبِرة.
وفي خطبته الثانية ذكر الشيخ السعيد بأن النهضة الحسينية بما جسدته من قيم ومبادئ ليست ظرفاً طارئاً وحالة استثنائية، وإنما هي امتدادٌ لحركة الأنبياء وجوهر الرسالات الإلهية، وأضاف بأن: قيم النهضة الحسينية لها الدور الأكبر في الحفاظ على هوية المذهب والتشيع الرسالي.
موضحاً بأن الهوية الرسالية للأمة لا تحفظ إلا إذا كان هناك انفصال بين خط الإيمان وبين خط النفاق، وبين بأن: مشكلة الأمة إبان النهضة الحسينية هي في علماء البلاط ووعاظ السلاطين الذين يشرعنون للظالم ولايته على العباد وحكمه على البلاد، ويبررون له الظلم والاستبداد، ولذا جاءت النهضة الحسينية بقيمها ومبادئها دفاعاً عن هوية الأمة، فكانت هوية الأمة تتمثل في التشيع الرسالي الذي حافظ على الانفصال التام بين خط الإيمان وخط النفاق.
وقد شدد سماحته "بأن الأمة الإسلامية اليوم لم تفقد هويتها وشخصيتها إلا حينما ابتعدت عن قيم النهضة الحسينية، وهكذا التشيع لا يمكن له أن يحافظ على هويته إلا بتجسيد قيم النهضة الحسينية".
ثم استعرض الشيخ السعيد نظرتين للنهضة الحسينية، فهناك من يجعلها جوهر الرسالات الإلهية؛ وبالتالي تكون الميزان لكل الثقافات والأفكار والمواقف، وهناك من ينظر إليها بأنها حالة استثنائية وظرف طارئ ينبغي ألا يُعمم على كل الأحوال. وختم خطبته الثانية بالتعقيب على ذلك حيث قال بأنه ينبغي التمييز وعدم الخلط بين الأصيل والاستثناء في النهضة الحسينية، فقيم النهضة الحسينية ثابتة أما المواجهة العسكرية فنعم هي حالة استثنائية تفرضها الظروف ومصالح الأمة القيمية.