انتفاء (لا ضرر) في الممارسات الحسينية
شعيب نبي الله بكى من حب الله سبحانه وتعالى حتى أُصيب بالعمى أربع مرات، ويعقوب الصديق بكى على فراق ابنه يوسف إلى أن أُصيب بالعمى (وابيضت عيناه من الحزن)، ويحيى النبي بكى وهام في الأرض لابساً المسوح عندما ذكر أبوه زكريا النبي بعض الحقائق عن نار جهنم حتى خاف عليه أبواه من الهلاك.
وبالنظر البَدْوي كل هذا ضرر، فلماذا لا يُحْرَم بناء على قاعدة لا ضرر؟ وكيف يمارسه العظام مع علمهم بحصول الضرر؟
بدايةً كل العقلاء وليس الذين فقط يرون إلحاق الضرر بالنفس من قبل الإنسان من أجل فضيلةٍ من الفضائل من الأمور الحسنة والمحبوبة، كما هو الشأن بالنسبة لإلحاق الضرر بالنفس للدفاع عن الدم أو العرض أو المال.
وما قام به الأنبياء العظام داخل ضمن هذا السياق، بل هم لا يرونه ضرراً من ناحية الموضوع أصلاً.
هذا المنطق هو وراء الممارسات الحسينية، هو من أجل فضيلةٍ من الفضائل تتمثَّل في إعلاء شأن الدين وإحياء أمر أهل البيت ، ولهذا فهو محبوب، بل كلما كان أكبر كانت درجة المحبوبية أكبر ما لم يؤدِ إلى الهلاك، ولهذا ورد عن الثقة الجليل محمد بن مسلم قال: قال لي الإمام الصادق : هل تأتي قبر الحسين ؟ قلت: نعم على خوفٍ ووجل، فقال: ما كان من هذا أشد فالثواب فيه على قدر الخوف.
وفي الحقيقة هذا النمط وشبهه - كأنواع العزاء - ليس ضرراً بناء هذا الكلام، وإنما هو فضيلة من الفضائل، وبناءً على ذلك ينتفي موضوع الضرر من رأس بالنسبة للممارسات المعهودة.