حقوق الطائفة بعبع مخيف....!


 الحديث عن حقوق الطائفة الشيعية في المملكة العربية السعودية ، وما عانته وتعانيه من اضطهاد وحرمان وظلم وتسلط في ابسط حقوقها حديث ذو شجون وآلام ، الطائفة الكريمة تحملت المآسي والحرمان وصبرت وتابعت حياتها مع نزعة التفرقة العنصرية والنظرة الدونية والقمع السياسي والحرمان المذهبي والتسلط الإعلامي ، عاشت واستمرت في وسط هذه الأجواء العنصرية ومازالت وهي مؤمنة وملتزمة بنظم وسياسة الوطن ، وبما أنها تحمل اسم وهوية هذا الوطن الكريم فالمواطنة هي ابسط حقوقها في هذا البلد الحبيب ، والمؤسف أنه يشكك في وطنيتها مع كل عاصفة تمر على هذه المنطقة وتلتقي معها في نفس الرؤى والأهداف ، وتتهم بولائها ووطنيتها ويطلق عليها التعابير مثل...(الطابور الخامس والولاء لغير الوطن ) و ما شابه ، ليس لأنها قامت بشيء مخالف أو معادي  بل لكونها تناصر إخوانها الموالين معنويا ، علما بأن هناك من يناصر ماديا ومعنويا علنا كل الحركات السلفية في العالم ولا ينسب لهم الشيء نفسه.

 هذه الطائفة الكريمة تتواجد في جميع مدن ومناطق المملكة ولا يكاد يخلوا منها مكان ، وعندما يتحدث عنها يشار بالبنان للمنطقة الشرقية حيث أنها مركز تجمع الشيعة في المملكة ، هذه الطائفة الكريمة نسبة لا بأس بها في حجمها الواقعي والحقيقي والإحصائيات الرقمية المختلفة التي دونت من قبل الباحثين في هذا المجال والتي تمثل حجم هذه الطائفة الكريمة  تتراوح بين (17إلى 25 بالمائة) إن لم تكن أكثر من سكان المملكة العربية السعودية. بعض الموالين من هذه الطائفة الكريمة يجاهر بتشيعه ولا يخشى بذلك لومة لائم والبعض الآخر يخفيه خوفا من التسلط والجور عليهم من قبل الوهابيين الحاقدين ، كما قام البعض تزويرا بالعمل على تفريقها وتصنيفها وتقسيمها إلى فئات ومجموعات مختلفة حتى تحجم بما يتناسب مع أذواقهم ، لكنها حقيقة بارزة وواضحة رغم انف كل من يحاول تغييرها.

 هذه الطائفة الكريمة الثابتة على شريعة المختار وولاء أهل البيت الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بطبيعتها طائفة مسالمة مع كل ما عانته وتعانيه ، لم نسمع أو نقرأ... أنها في يوم من الأيام استخدمت السلاح لتحقيق مطالبها الحقوقية ، أو كما في يومنا الحاضر قامت بتفجير أو تخريب لهذا الوطن العزيز الغالي لتحقيق هدف من أهدافها ، مع إصرار البعض بإلصاق التهم بها وبأبنائها جزافا ، هناك من هم اشد فتكا وإجراما منها وهي الفئات الإرهابية المتشددة والغوغائية والتي تنتمي للوهابية ، كونها تعمل بصورة واضحة وعلنية على ضرب مصالح الدولة بكل وقاحة وتعلنها على الملا وهي معروفة الانتماء ، لا تجد من يتطرق إليها من قريب أو بعيد ، ويغطى عليها بتواطؤ مقصود وواضح ، وتحول التهم أحيانا إلى هذه الطائفة الكريمة التي لا سند لها إلا الله وأهل بيته الطاهرين ، والغوغائية المتشددة لا تجد غبار عليها ، مع أنها وكل ما تقوم به تحتل الصدارة والترحيب مع ضررها الواضح على المجتمع وأبناءه.

          أكد علماء هذه الطائفة الكريمة قديما وحديثا بعدم استخدام القوة للتغيير ، بل متابعة الأمور بطريقة سلمية رافضين لغة العنف والقوة رفضا قطعيا ، وفي نفس الوقت أكدوا على المطالبة والإلحاح بالتغيير تدريجيا حتى نصل لمطالبنا المشروعة ، وكون أبناء الطائفة هم أبناء هذا الوطن المعطاء ، وأصحاب الأرض ورعاتها ، والمسئولية عن حماية هذه الطائفة وأبنائها هي مسئولية الدولة ، لذا تطالب من الدولة التعامل مع أبنائها كأبناء لهذا الوطن لهم حقوق وعليهم التزامات وواجبات ، وقد أدوا وبكل أمانة ما عليهم من واجبات والتزامات وبقى على الوطن والدولة القيام بدورها حيالهم.

الوهابية والشيعة:

 أما حديث الوهابية والشيعة فهو حديث يطول ويتشعب والحديث عنه يحتاج إلى صفحات ، ما تقوم به هذه الشرذمة الحاقدة من دور مشبوه ومبرمج لتشويه صورة هذه الطائفة الكريمة ، تعمل جاهدة على تزوير الحقائق ورميهم بالشرك والكفر والإلحاد وهم براء من ذلك ، وتجهد على زعزعة الوضع المستقر بين الدولة والشيعة وتغييره لوضع ملتهب لإشعال الفتنة بينهما ، وكذلك ضربهم في معتقداتهم بتشويه وتغيير الحقائق ودس الدسائس كل ذلك بأسلوب واضحا ومدعوما دعما علنيا ، وكأن الشيعة أبناء الضرة ويستحقون كل ذلك من دون المطالبة بأبسط حقوقهم أو التحدث بمآسيهم ومناقشتها ، كل هذا على مرأى ومسمع من الدولة ورجالها ، ورعات الحقوق في هذا البلد أبعد ما يكون عن وقفة وطنية مناصرة لمثل هذه الدور لأنها إما لا تعنيهم أو تتضارب مع مصالحهم.  استمرار هذه الشرذمة من دون رقيب زاد في تماديها حتى طالت تراث آل محمد بالتدمير ، فهدمت المساجد التاريخية التي من المفروض أن تشيد وتعمر وتكون منارا وعلما وتذكار لأحداث الرسالة يتذكرها الأجيال ، لكنها ساوت بها الأرض... لا لسبب ما وإنما فقط لأنها تنتمي لأهل البيت ولها علاقة بالشيعة.... ، وما لغيرهم يشيد ضنا منها أنها بذلك ستمحو ذكرهم وآثارهم.

 وقصص هذه الشرذمة مع الموالين وغير الموالين من إخواننا أهل السنة كثيرة ، نقل الكثير منها عبر الإعلام المرئي والمقروء داخل المملكة وخارجها ، ولو قدمت هذه المآسي لحقوق الإنسان أو المحاكم الدولية في كل مرة تحدث لحولت المسئولية للجنة دولية تراقب وتدير هذه البقع الطاهرة بدلا منهم ، والأكثر غرابة أن الدولة تنظر بعين المتفرج ولا تفعل أدنى شيء حيال هذه التجاوزات الواضحة على مواطنيها وكأن الأمر لا يعنيها. هذه الشرذمة غير قادرة على التعامل مع الوفود المختلفة من الزائرين ، وعاجزة عن استعمال روح المحبة والإخاء القرآني الذي أمرنا الله به ورسوله في التعامل مع الناس ، خصوصا أنها تحمل العناد والضغينة والعنصرية والحقد على الطائفة الشيعية بالذات ، كونها تحمل هذا النوع من العدائية ولا تفهم من الدين إلى هذه اللغة السليطة والجافة فهي بهذا بعيدة كل البعد عن الدين وأوامره ونواهيه ولا تأخذ من الدين إلا القشور وتترك المضمون ، هذا النوع من الجفاء والخشونة غير مرضي ويتنافى مع خلق القرآن الكريم والرسول الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم. 

  • مطالب الطائفة الشيعية:

 الطائفة الكريمة لا تطالب بتغيير الحكم ، أو تطالب بمطالب مستحيلة من خارج الكوكب ، ما تطالب به أمر بسيط للغاية ، هو إنصافها وإعطائها حقها الشرعي في المواطنة التي كفلها لها دستور البلاد ونظامه ، والمشاركة إداريا وسياسيا حسب حجمها الحقيقي في نظام الدولة ، وأن تمارس جميع طقوسها الدينية بحرية كاملة ، وأن تفتح لهم أبواب العلم والمعرفة أكاديميا وعقائديا بحرية تامة وعدم إغلاق مواقعهم الشيعية وحجبها ، وإعطائهم حق الرد في ما ينسب إليهم ، وفتح أبواب التوظيف التي لا يسمح لهم بها مع أهليتهم على غيرهم ، وهذه المطالب هي دعما لرفعة شان الوطن والرقي به ووضع الأنسب في مكانه وليس لها أدنى تأثير في نظام الدولة وحكومتها.

 هذه المطالب مطالب شرعية وقانونية ، والمطالبة بها ليس خروجا على القانون ، نعم خروجا على المألوف للسكوت المتعارف ، وينبغي عدم التعامل مع المطالبين بمثل هذه الحقوق وكأنهم مجرمين وموالين للغير ، أبناء هذه الطائفة هم الأكثر ولاء لأوطانهم عن غيرهم ، وقد ثبت ذلك في تجارب مختلفة ، ومنها على سبيل المثال تجربة حرب الخليج فالكل غادر المنطقة وبقيت خالية ، أما الطائفة وأبنائها فلم يغادر منهم أحد في جميع مدنهم حتى في الكويت التي هي أم الماسي آنذاك ، والشيعة في السعودية هم أقرب الناس لموقع الحدث ، والمسافة بينهم وبين مصادر الغازات السامة في راس تنورة و الجبيل مسافة يسيرة جدا ، وهم أول من سيتأثر لو حصل أي أمر مكروه لا سمح الله ، مع هذا أصروا على البقاء رافعي الرؤوس وغيرهم مضى في سبيله.

 وما جرى ويجري لأحداث العوامية الحبيبة مع سماحة الشيخ النمر حفظه الله ، إلى دليل واضح على أن هذه الطائفة الكريمة بعيده كل البعد عن مصدر القرار ، وغير مسموح لأبنائها بالحديث أو المطالبة بأي حق ، فبمجرد مطالبتهم ببعض حقوقهم الشرعية والمتفقة تماما مع حقوق الإنسان عالميا من القنوات الرسمية  ، قامت عليه القيامة ولم تقعد ، وكأنه ارتكب الجرم الكبير ، هذا غير صحيح فالوضع اليوم تغير عن الأمس ، وما يجري بالجوار من روح الديمقراطية والحرية.... إلا عطر جميل ورائحة طيبة نتمنى أن نتعطر بها جميعا ، وكذلك انتشار العلم والمعرفة بشتى أنواعها حتى أصبح العالم كقرية واحدة إلى سببا رئيسيا للانفتاح ، والمطالبة بالحقوق هي أحدى رؤى الانفتاح والتطور لهذا نحن نطالب بحقوقنا ومطالبنا الحقوقية في هذا البلد ، وهذه المطالب ما هي إلا أمر شرعي وواقعي لا بد منه ، ولا يوجد مبرر لاستخدام هذه القوة المفرطة في متابعة شخص معزول السلاح ، لا يملك إلا لسان الوعظ والإرشاد......

  • اتهام الشيعة بالعمالة:

          من الأمور التي تحاك لهذه الطائفة الكريمة وتشنع عليها دائما ، يراد منها تشويه ولائها وإخلاصها لوطنها ضربها بتهمة التشكيك ، عامل التشكيك في الولاء للوطن وتر حساس يراد به التفريق بين الدولة وأبنائها ، وتصوير الأمن القومي أنه في خطر كما حصل مع الإرهاب في العالم ،  وهذا الاتهام ناتج عن سوء فهم الرابط العقائدي القوي بين الشيعة ومراقد أئمتهم التي تتواجد خارج أوطانهم ، وكون مراقد أهل البيت تتواجد في العراق وإيران وكذلك مراجع التقليد والحوزات العلمية ، فهذا يزيد في التوجه الروحي لتلك الأماكن ، الانتماء والعلاقة الروحية والدينية والثقافية التي تربط الطائفة الكريمة بهذه الأماكن المقدسة علاقة عقائدية مقدسة لا سياسية ، وهذه العلاقة قوية ومتينة لا حدود لها لأنها مربوطة بالمذهب مباشرة ولا يمكن أن تنحل أو تضعف بل تقوى وتشتد مع اشتداد الأزمان والأحداث ، أما الانتماء السياسي فهو واضح كوضوح الشمس وجلي لمن عنده لب ، هو لأوطانهم الحقيقية التي يسكنوا فيها ويحملوا جنسيتها حتى لو كانت غير مسلمة ، وهذا جزء من عقائدها الدينية ، فمن اتهم أبنائها بهذه التهمة المزورة والملفقة كان يسعى وينفذ أجنده مشبوهة تخدم أعداء الإسلام كما حصل في لبنان ، ومثل هذه الأجندات والأدوار باتت معروفة الانتماء فحرب لبنان عرت المنافقين والعملاء والصهاينة من العرب ، من هنا تجد أنظار الشيعة تتجه نحو هذه الأماكن لا حبا في المكان ولكن حبا في المكين.

  • ممارسات الهيئة ضد الشيعة:

 الدور المشبوه الذي تقوم به هذه الشرذمة المتشددة من أعمال وممارسات عدائية وغوغائية تهدف منها حرف الخط الرسالي لهذه الطائفة الكريمة ، وهذا من سابع المستحيلات ، فمدرسة أهل البيت تعمقت وتغلغلت في أعماق أهلها ومحبيها وأبنائها ، وهم على استعداد تقديم أعلى ما عندهم فداء لها ، وهاهي أنوارها العرفانية تبث عبر القنوات الإعلامية والأقلام الموالية ممزوجة بعطر المحبة والولاء والإخلاص ، وتنير الآفاق مضيئة شعلة الإيمان بعلوم مدرسة أهل البيت ، محاولة البعض قديما وحديثا لإيقاف هذه الشعلة المضيئة ما هي إلى هباء منثورا ، وهاهي تعطي أكلها في كل حين ، الدماء الحمراء الخالدة بين ظهرانينا هي إلهامنا وطريقنا إلى الخلود ، تجدد فينا الروح يوما بعد يوم وجيل بعد جيل وزمان بعد زمان وفي كل آن ومكان لن تبرد أبدا هكذا كانت مشيئته وإرادته سبحانه وتعالى ، حتى يأذن الله لقائم آل محمد (عج) بالقيام بدوره في إصلاح الأمة.
 حسد المعاندين والناصبين وبغضهم أوصلهم لهذا المنطق وهذا الأسلوب المرعب ، ونقول: هذه علوم أهل البيت وخيراتهم تغزوا العالم بأكمله ، وتظهر بركاتهم لتغطي الظلمة شيئا فشيئا وتطرق البيوت وتدخلها رغم أنوف من يحاول إيقافها. 

 ثبتنا الله وإياكم على ولايتهم في الدنيا والآخرة واستغفر الله لي ولكم إنه سميع مجيب.