أماكن مقدسة !!!

حسين أحمد بزبوز *

  مكة ... المدينة ... النجف ... كربلاء ... مشهد ... الخ، أسماء نعرفها جميعاً ... أليس كذلك؟؟؟!!!.

 إنها ... أسماء مقدسة ... لأماكن ... مقدسة.

 يجمع بينها جميعاً ... بالتأكيد ... أن عدداً كبيراً من المسلمين ... يجمعون على قداستها جميعاً ... وأن كل المسلمين تقريباً ... يجمعون على قداسة بعضها ... أقلاً ... أيضاً ... ولا شك في ذلك.

 لكن سؤالنا ليس هنا ... فالسؤال هو: هل ... تصيب تلك المناطق المقدسة الأمراض الخطيرة وتنتشر فيها الأوبئة؟؟؟!!! أم لا؟؟؟!!!.

 أو بصيغة أخرى ... - أكثر اختصاراً وعمقاً ربما -: ... هل يجتمع فيها ... المقدس ... والمدنس ... معاً؟؟؟!!! أم لا؟؟؟!!!.

 لأن هذا السؤال ... هو السؤال الذي يطرحه بعض الناس على أنفسهم في مثل هذه الأيام.

 والجواب هنا هو كما يلي: ففي عقولنا المسلمة المستسلمة ... طبعاً ... لا.

 وفي قلوبنا المؤمنة ... طبعاً ... لا.

 أما في واقعنا الطبيعي - المر والحلو معاً - ... فطبعاً ... نعم.

 ثم ... نعم.

 ثم ... نعم.

 فالوباء ... أصدق منا.

 والوباء ... أصدق من أن يجاملنا.

 والوباء ... أصدق من عواطفنا.

 والوباء ... لا يعرف ... كذبنا.

 والوباء ... لا يعرف ... تلفيقنا.

 والوباء ... لا يعرف ... تفرقتنا.

 والوباء ... لا يعرف ... أهواءنا.

 فتلك كلها ... من صفاتنا نحن البشر.

 والتاريخ ... يعرف تلك الصفات وذلك الواقع وتلك الحقيقة ... جيداً.

 فمن منا ... يريد معرفة تلك الحقيقة ... التي عرفها التاريخ مراراً وتكراراً؟؟؟!!!.

 من ... منا ... يصبر ويبحث ويقرأ ويسأل التاريخ جيداً ... أو قد صبر فعلاً فبحث وقرأ وسأل التاريخ جيداً عن: وباء مكة المكرمة عام 1865م؟؟؟!!!.

 أو وباء ... عام 1877م؟؟؟!!!.

 أو وباء ... عام 1881م ... أو عام 1893م ... أو عام 1902م ... أو عن وباء عامي 1907م - 1908م ... حين انتشر هذا الوباء الأخير فحصد لوحده من أرواح الحجاج في ذلك الزمان حوالي 4739 روحاً من الأرواح الطاهرة لحجاج بيت الله الحرام ... فلم يعترف بحجهم ولا بنسكهم ولا بركنهم؟؟؟!!! ولا بأي شأن ديني أو عقائدي آخر خاص بهم؟؟؟!!!.

 ثم من منا بحث وقرأ عن: وباء كربلاء المقدسة ... عام 749 هـ ... أو عام 774 هـ ... أو عام  1101 هـ ... أو عام 1152 هـ ... أو عام 1186 هـ ... أو عام 1236 هـ ... أو عام 1246 هـ؟؟؟!!!.

 أو عن: وباء النجف الأشرف ... عام 774 هـ ... أو عام 1186 هـ ... أو عام 1247 هـ ... أو عام 1298 هـ ... الخ؟؟؟!!!.

 وليس عن تلك الأوبئة وحدها فحسب ... بل وعن: (بقية الجوائح الطبيعية الأخرى التي لا تعرف مشاعرنا ولا أحاسيسنا ولا آلامنا ولا آمالنا ولا تعترف بها ... أبداً) ...، ومن باب التذكرة والعبرة مثلاً فعلينا أيضاً أن لا ننسى البحث في أحداث عام 1673م، حين حدث زلزال كبير مدمر في مدينة مشهد المقدسة فدمر ثلثها، واضر زلزالها هذا حتى بالقبة الشريفة المباركة أيضاً ... - على ساكنها آلاف التحية والسلام - ... ثم بقيت المدينة ... المقدسة ... مقدسة ... بعد زلزالها اللامقدس هذا ... (ولله الحمد) ... وهكذا؟؟؟!!!.

 ثم ... فلنسأل هنا - أنفسنا وأنفسكم - سؤالاً آخراً بطريقة أخرى: ألا تعترف الفيروسات والبكتيريا والجراثيم والزلازل والأوبئة ... الخ، ... بحرمة الأماكن المقدسة؟؟؟!!!.

 والجواب (اللامقدس) هنا هو طبعاً: نعم ... ومن ينكر ذلك ... فعليه أن يعيد تنظيم أفكاره جيداً أولاً ... قبل أن يطلق تنظيراته تلك في الفضاء الإسلامي العام لتفتك بالأبرياء بعد أن يزرع فيهم التراخي والإهمال بأفكاره الخاطئة ... فهو بلا شك حينها كمن يدعي أن الشياطين والقذارات الجسدية والمعنوية ... تحترم الأماكن المقدسة ... أو تقدرها وبقوة!!!.

 وهذا بالتأكيد ... هراء.

 هذا بالتأكيد ... مخالف لقوانين الله سبحانه وتعالى ... وسننه عز وجل في الطبيعة والحياة ... إذ ليس هناك أي قانون إلهي تكويني (هكذا).

 فالأماكن المقدسة وإن كانت في قلوبنا ... مقدسة ... وهي حقاً - إن شاء الله - كذلك ... لكنها في قاموس الجراثيم والأوبئة والأمراض ... ليست كذلك ... إطلاقاً ... وبتاتاً ... وجزماً ... وتحقيقاً ... وتحققاً.

 ومن يدعي أن الأوبئة غير ذلك ... فهو واقعاً واهم وقد وقع في مغالطات كبرى وعليه أن يعترف بالخطأ ويتدارك الأمر قبل أن يستفحل الداء ... حيث سمح للأوهام بالنفاذ من بوابات عقله الواسعة ... وهو بالتأكيد هنا ... لم يستقريء التاريخ جيداً قبل أن يطلق هذا الحكم العاطفي الجزاف.

 إن ... هذا ... هراء.

 إن ... هذا ... تخبط.

 وأيضاً ... خلط رومانسي بين العواطف المجنونة ... ومعادلات الحياة الصعبة.

 وهو بالتأكيد ... مضر.

 وبالتالي فلا ينبغي أن نسمح به ... ولا أن نتمادى فيه.

 فرغم دوره الكبير في كبح المشاعر السلبية وتهدئة المخاوف العارمة ... إلا أن ضرره أكثر من نفعه ... حين يتحول من أداة تخدير فحسب ... لأداة تضليل للتفكير والرأي العام.

 لذا ... أتمنى بصدق وحب ... أن نقلع عن هذا النوع من التفكير والتخدير السلبي ... وأن نتوب منه ... (وأنا لكم من الناصحين) - إن شاء الله -.

لذا فلنقف مع أنفسنا قليلاً ... وقفة صادقة ... من أجل الحق والحقيقة الناصعة ... لنسمح خلالها لعقولنا المقتدرة بالكلام والتفكير المنطقي الجيد ... يا فلان ... ويا فلان.

 وقبل الحكم والتقرير ... على كل الأشياء ... أو على معظم الأشياء ... أو على المهم فقط من الأشياء - أقلاً - ... علينا أن ننجز مهمة البحث والاستقراء كاملة غير منقوصة أولاً ... أو شبه كاملة أقلاً ... وإن كانت المهمة متعبة ومضنية ... - وذلك من باب الاعتراف بالواقع والانطلاق من الحقائق المنطقية الواقعية - ... تمهيداً فيما بعد لولوج عالم التأمل والتفكير والتفسير الحقيقي المحكم والجيد والصحيح ... الضروري لهذه الحياة.

 وهذا أشد ما نرجوه ... وأهم ... ما نتوخاه ... ونتمناه.

 لكن ... يبدوا ... - من الناحية الأخرى، ومن باب الاعتراف بالحقيقة المرة ربما - ... أن أمة اقرأ ... (كما يقولون) ... تصر على ... أن لا تقرأ ... أي شيء!!!.

 حتى لو كان ذلك الشيء ... مهماً وضرورياً ... لها ... لأبعد حد.

 وبذا تدعونا ... لعدم المبالغة في الآمال.

 فكيف والحال هكذا ... سنمهد أرضنا إذاً... (للمعرفة والتفكير) ... بعد كل ذلك الإهمال والتقصير؟؟؟!!!.

 ربما ... في المستقبل ... (ربما) ... - هذا إذا فتحنا باب كل الآمال، ... وفتح الله علينا الخير كله من السماء -.

 لكن ... ربما ... لا ... - فما يدرينا ماذا سيجري في مستقبل الأيام، أو ماذا تخبئ لنا الأقدار؟؟؟!!! -.

 لذا سيبقى السؤال المطروح هنا هو: هل ... حقاً ... ستقرأ أمتنا ... يوماً ما - وأنا لا أقصد هنا طبعاً تلك القراءات المكرورة ... وفي نفس الاتجاه - ... ثم سيتغير الحال؟؟؟!!!. أم ... أن أمتنا ... تلك ... كانت تقتات ... ولازالت تقتات ... وستظل تقتات ... على نفس ما ... كانت عليه قد تعودت ... أن تقتات؟؟؟!!!.

 وهو: ... (خربطة الكلام ... بعقول لا تعرف إلا أن تنام).

 نتمنى ... حقاً ... أن يتغير الحال للأفضل ... بفضل ثورة الإنترنت الحقيقية ... القاهرة للظلام ... بإذن الله.

 وأخيراً ... ندعو الله سبحانه وتعالى أن يتم التغيير ... بسرعة ملائمة ... ونودعكم بحب وحرارة ... وبقبلة موضوعة على الخد ... ونقول: إلى اللقاء وفي أمان الله.