سماحة المرجع الشيرازي دام ظله:

العلم بلا تقوى سلاح مدمّر ويبعد صاحبه عن الله تعالى

شبكة مزن الثقافية
سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله
سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله

قال المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في توجيهاته القيّمة التي ألقاها بجمع من طلاب حوزة كربلاء المقدسة (مدرسة العلاّمة ابن فهد الحلّي قدّس سرّه) وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة يوم الثلاثاء الموافق للسابع من شهر رجب الأصبّ 1430 للهجرة:

إن العلم سلاح عظيم، فإذا كان قرينه التقوى والعمل فسيكون علماً نافعاً وصالحاً ويكون صاحبه كالشيخ المفيد وكالشيخ الأنصاري وكالسيد بحر العلوم وأمثالهم رضوان الله تعالى عليهم.

أما إذا لم يقرن مع العلم تقوى ولا عمل فإنه يكون سلاحاً مدمّراً، وخير للإنسان أن يموت على جهل دون أن يكون عنده علم غير مقرون بالتقوى والعمل الصالح. فإن الذي أبعد الشيطان عن الله تعالى هو العلم غير المقرون بالتقوى.

يقول مولانا الإمام زين العابدين صلوات الله عليه: «...فَإِنَّ الْعِلْمَ إِذَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِ لَمْ يَزْدَدْ صَاحِبُهُ إلاّ كُفْراً وَلَمْ يَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ إلاّ بُعْداً»(1).

وأوضح سماحته: إن مثل العلم كالطود الشامخ وكالجبل العظيم، ومثل صاحب العلم كالواقف على قمة الجبل وحوله الوديان العميقة، فإذا لم يحسن عملاً وضع أقدامه ورفعها فإنه سينزلق ولا يجني لنفسه إلاّ الهلاك. فالذين أسّسوا الأديان والمذاهب المنحرفة كانوا علماء ولكن لم يكن علمهم مصحوباً بالتقوى ولا بالعمل الصالح.

إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا علماء بحسب ما أخذ كل واحد منهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله. فالذين أقرنوا علمهم بالتقوى والعمل الصالح منهم صاروا من الذين مدحهم القرآن الكريم كراراً، وأما الذين لم يقرنوا علمهم بالتقوى ولا بالعمل الصالح صاروا من الذين أنزل الله تبارك وتعالى في ذمّهم آيات عديدة ومنها آيات سورة المنافقون.

وشدّد سماحته بقوله: يلزم على أهل العلم أن يقرنوا العلم بالتقوى وبالعمل الصالح كي يوفّقوا في الدنيا ويسعدوا في الآخرة، ويسعد بهم الكثير من الناس في الدنيا والآخرة. فعلى الطالب الشاب مثلاً أن يزداد تقوى وعملاً صالحاً كلما ازداد علماً.

أما إذا لم يقرن أهل العلم علمهم بالتقوى ولا بالعمل الصالح فسيشقون ويشقى بهم الكثير من الناس في الدارين.

وأكّد دام ظله: إن الطريق السهل لإقران العلم بالتقوى والعمل الصالح هو ما ورد عن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه وما ورد بالنصّ نفسه عن باقي الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم، وهو الحديث الشريف التالي:

«ليس منّا من لم يحاسب نفسه كل يوم، فإن عمل خيراً حمد الله واستزاده، وإن عمل سوء استغفر الله» (2). فيجدر بأهل العلم وبالمؤمنين جميعاً أن يحاسبوا أنفسهم كل يوم ولو لدقائق معدودة ويتداركوا ما قصّروا فيه من الطاعات والأعمال، حتى تكون صحيفة أعمالهم التي تعرض كل يوم على مولانا الإمام المهدي المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف مفرحة. وليعلم أهل العلم أن محاسبة النفس توجب أن يكونوا دائماً على بوابة العلم الصالح، فسيتفيدوا ويفيدوا غيرهم.

 

1) أصول الكافي/ ج1/ باب استعمال العلم/ ص 44/ ح4.
2) عدّة الداعي/ ص 239.