إيران ودعاة الحرية والديمقراطية
تداعيات أزمة نتائج الانتخابات الأخيرة في إيران التي فاز بها الرئيس احمدي نجاد، واعتراض المنافسين له، وخروج المتظاهرين في الشوارع..، لم تكن متوقعة بهذا الحجم لا للحكومة الإيرانية ولا لمن دعم التظاهر ولا لأصدقاء إيران أو أعدائها. وهذه الأحداث الخطيرة التي وقعت سيكون لها انعكاسات على داخل إيران والمنطقة والعالم. فإيران دولة لها مكانتها وتأثيرها على مستوى المنطقة والعالم، ولقد حاول البعض الاستفادة من الأحداث الإيرانية حسب أجندته، وتحويلها من قضية داخلية إيرانية تنافسية إلى قضية عالمية ساخنة، وهناك من حاول تحويلها إلى قضية ذات شأن خاص، وتعاطى معها وكأنها تابعة له، وبعض الدول أخذت تحلل الأوضاع وتستقدم المعارضين للجمهورية الإسلامية الإيرانية حسب توجهاتها وأهدافها في محاولة لزعزعة النظام الإيراني وتقديم التنازلات أو إسقاطه، باسم دعم الشعب والحرية والديمقراطية.!!
بلا شك إن الحرية والديمقراطية حق لكافة الشعوب، وهو مطلب إنساني وخاصة للشعوب المنطقة المحرومة كالعرب، ولقد استغل الغرب شعار دعم الحرية والديمقراطية، وحاجة أبناء المنطقة للحرية والديمقراطية بدهاء لتحقيق مصالحه فقط، بعدما حولها إلى ورقة للضغط على أنظمة المنطقة والتلاعب بمشاعر ورغبة الشعوب المحرومة.
ولابد أن نشير هنا إلى حقيقة راسخة وهي أن الشعب الإيراني شعب ثائر عاشق للحرية طوال التاريخ، وما هذه الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحالية إلا نتاج ثورة الجماهير لإقامة جمهورية على أساس الحرية والديمقراطية عبر صوت الشعب (الصناديق).
ان تعامل الغرب مع أحداث إيران يظهر مدى التناقض في العالم الغربي في التعاطي مع الأحداث في العالم وبالخصوص في منطقتنا وكشف حقيقة ما يردده زعماء هذه الدول من أكذوبة دعم الحرية والديمقراطية، فالغرب ومن يدور في مداره أصيب بالعمى والصم وفقدان الحواس والمشاعر لشدة كراهيته للنظام الإيراني ليتباكى على وضع الحرية والديمقراطية في إيران ويوظف إمكانياته الهائلة للإساءة للديمقراطية الإيرانية التي لها 3 عقود من الزمن، بينما يفضل الصمت وعدم التحرك لدعم الشعوب العربية المحرومة من قانون الحرية والمساواة وممارسة الديمقراطية لغاية الآن، أو الانصاف بالدفاع عن حق الشعب الفلسطيني الذي يتعرض يوميا لأقسى الانتهاكات الإنسانية من ضرب واعتقال وقتل وتدمير للمنازل والتهجير بدون ان يتحرك ضمير الغرب الرقيق والحساس جدا الذي يدعي الاهتمام بالدفاع عن الحرية والديمقراطية في إيران!!
والاسوأ من الغرب والأكثر غرابة موقف بعض الوسائل الإعلامية في العالم العربي التي نزعت ثوب الحياء والخجل ،وليس هناك في هذا العالم مخفي ومستور ومخجل، حيث ارتدت ثوب الدعاة المزيف للحرية والديمقراطية ورسخت إمكانياتها ومكائنها وأقلامها للتشكيك في نزاهة العملية الديمقراطية الإيرانية، والحديث عن التضييق على ممارسة الحرية والديمقراطية والتظاهر، واتخذت موقفا منحازا لدعم طرف محدد وللأسف كان ذلك الطرف هو الخاسر في الانتخابات، ليؤكد على سقوط العرب وتكبدهم للخسائر لاعتمادهم على الحصان الخاسر دائما.
من المخجل والمعيب أن تقوم هذه الصحف بالتشكيك في نزاهة الانتخابات والإساءة للعملية الديمقراطية والتقليل من مساحة الحرية في إيران رغم حجم المظاهرات والتعبير عن الرأي حول النتائج والأحداث، لاسيما أن شعوب دول هذه الصحف التي تقرأ ما ينشر فيها بالخط العريض (انتقاد الحرية والديمقراطية الإيرانية) تعاني في الواقع من افتقاد أبسط الحقوق الإنسانية ومنها الحرية وممارسة الديمقراطية والانتخابات واختيار أعضاء للمجالس..، وغياب نظام استغلال السلطات الرئيسية في البلد.
لماذا بعض الصحف والفضائيات العربية فجأة أصبحت ترفع راية الدفاع عن الديمقراطية والانتخابات والحرية (المزيفة) وتشكك في نزاهة نتائج عملية الانتخابات الإيرانية وتتباكى على الجرحى في المظاهرات، بينما هي تلتزم الصمت عن غياب الحرية والديمقراطية والانتخابات، ومنع المظاهرات السلمية التي تعتبر جريمة وطنية في دولها، ألا تستحق الشعوب العربية من هذه الصحف أن تتحرك للمطالبة والضغط على الحكومات - التي لا تعترف بالديمقراطية والانتخابات وتبادل السلطة ـ بفرض تجربة ديمقراطية ولو كانت بمستوى الديمقراطية الإيرانية؟.
عيب على من يعيش الأسوأ والحرمان أن ينتقد ما هو أفضل و يرميه بالحجر، وصدق من قال اللي ما يطول العنب حامض عنه يقول!!