المنتدى ... والمدرسة
تجربة تستحق الإشادة والتشجيع ... (عندما ... يكون للمدرسة موقع ومنتدى). وحتى لو لم يكن ذلك المنتدى ... الأول من نوعه ... أو الفريد من جنسه ... لكنه يستحق بالتأكيد التشجيع لأنه ... خطوة إيجابية ... وعمل مميز ... وفاعل ... ويستحق التقدير.
ولست أعني هنا فقط ... أن يتجمع الطلاب في ... شيءٍ ما اسمه (منتدى) ... بحيث ينشئه بعض الطلاب بمجهوداتهم الحرة فقط هنا أو هناك على ضفاف أو هوامش ذلك العالم الرقمي الكبير ... دون أي مسؤولية أو التزام ... أو حضور فاعل لأولياء الأمور والإدارة المدرسية والمعلمين، إنما أعني ... أن يتجمع الطلاب والمعلمون وأولياء أمور الطلاب ... تحت قبة واحدة منضبطة (أي منتدى رقمي واحد ... رسمي) ...، أي أن تؤسس ذلك المنتدى وتشرف عليه إدارة المدرسة أو من يمكن أن يكون كفوءاً ومسؤولاً من أولياء أمور التلاميذ ... ليكون ذلك المنتدى في الأخير بيتاً يجمع الجميع ... وبحيث يكون لهذا التجمع صفة رسمية ومصداقية ورقابة ومسؤولية تحتضن الجميع ... وتغذي الجميع ... وتضبط الجميع ... وتطور الجميع.
وأنا هنا ... لا أتكلم عن مثل ذلك المنتدى ... فقط بوحي من الخيال العلمي ( أو الـ Science fiction ) ... ولا فقط بتحريض من الرغبات والآمال النفسية ... ولا بدفع من الأوهام أو التخريفات أو هلوسات آخر ساعة من ساعات نهار صيف شاق ومتعب ورطب وممل يضغط على إنسان مريض وتعبان. بل ... أنطلق في حديثي هذا من حيز التحقق ... ومن واقع تجربتي المدرسية الخاصة ... التي تخوضها مدرستنا في هذه الأيام.
هنا ... عندما انطلق موقع ومنتدى المدرسة هذا ... والذي كنا نتمنى وجوده فعلاً من قبل بفارغ الصبر ... أحسست فعلاً بالفرق ... فبادرت فوراً بطرح سؤال حيوي ... على نفسي أولاً ... ثم على الآخرين في نفس ذلك المنتدى ثانياً ... ثم أخيراً قررت أن أعيد طرح ذلك السؤال نفسه هنا أيضاً ... - عليكم جميعاً هذه المرة - ... لنكمل بذلك مسيرة ومشوار التطوير ... وحلقة تبادل الأفكار ونشر التجارب وصناعة التغيير، وكان ذلك السؤال - بعد شيءٍ يسير من التعديل - كما يلي:
- ما هي الفوائد المتوقعة والمرجوة من وجود هكذا موقع وهكذا منتدى خاصين بالمدرسة ... على الطلاب ... وعلى المعلمين ... وعلى الأسرة ... وعلى المجتمع .... الخ؟.
طبعاً الإجابات كانت متعددة ... وفي ذهني إجابات كثيرة ومتنوعة ... بل أيضاً متجددة ... وأكاد أزعم أنه لا حصر لها ... لكنني سأطرح عليكم هنا فقط ... بعض تلك الآراء والأفكار والإجابات والملاحظات والقناعات، كما يلي:
أولاً- تعرف التلاميذ وأولياء الأمور والمتابعين والمهتمين ... على أخبار التلاميذ والمدرسة عن قرب وأولاً بأول وبالتفصيل ... بل يمكن القول أن وجود موقع خاص بالمدرسة يجعل حتى المعلمين في نفس المدرسة أكثر إطلاعاً على كثير من أخبار المدرسة ... والتي قد تغيب عنهم في زحمة العمل الرسمي في نفس تلك المدرسة.
ثانياً- خلق الحميمية وتقوية روابط العلاقات والصداقات وزيادة التفاهم بين المعلمين والطلاب وأولياء أمورهم أيضاً - كما أفاد بعض الطلاب - ... خصوصاً أن ظرف العمل في المدرسة قد لا يتيح الفرصة الكافية لكل ذلك التواصل النفسي والروحي والاجتماعي في ظل انشغالات الجميع بهموم المدرسة تارة أو بظروف عمل خاصة بأولياء أمور الطلاب خارجها تارة أخرى، وبملابسات ذلك كله ... وضيق وقت الفراغ والتلاقي الحر.
ثالثاً- التلاقي المعرفي والفكري وإتاحة الفرصة لاستفادة التلاميذ من معلميهم وزملائهم وأولياء الأمور وبقية أعضاء المنتدى بشكل أفضل في مختلف الأيام والأوقات والمناسبات والنواحي والمواضيع مهما كانت الانشغالات والظروف والملابسات، خصوصاً في شؤون وقضايا الدراسة والتعليم ... وأيضاً كذلك في مواضيع الثقافة والمعرفة العامة ... وهكذا.
رابعاً- خلق بيئة تنافس قوي بين جميع الأعضاء في المنتدى والمدرسة ودعوتهم جميعاً لإبراز المواهب وتفجير الكفاءات وتحقيق الذات ... عبر تنافس جماعي حر بشكلٍ واسع.
وطبعاً ... هناك فوائد أخرى كثيرة ... لست هنا بصدد الحديث عنها جميعاً أو حصرها ... بل سأتركها للتأمل والتفكير ... لتحريك الأذهان وترك الفرصة للفاعلية والإبداع وفرز الخصوصيات. لكنني من جهة أخرى أيضاً، سأتحدث عن نفسي قليلاً رغبة في نشر مزيد من الإفادة: فقد بعث في المنتدى - محل حديثنا - من جديد، رغبة قديمة ظلت خاملة وكامنة في نفسي وفي ذهني لسنوات، أو بشكلٍ أدق ... منذ أن صممت أول برنامج لعبة كمبيوترية تعليمية خاصة بي - حين كنت طالباً في المرحلة المتوسطة-، ثم عادت هنا تلك الرغبة العارمة في تصميم برامج تعليمية مخصصة للطلاب وللأغراض التثقيفية والتعليمية مع انبثاق منتدى المدرسة بقوة، فقمت بتصميم لعبة لتعليم الأعداد ... لتكون (نواة برنامج قابل للتطوير ليشمل الحروف الهجائية والأشكال الهندسية وجداول الضرب ... الخ) (*).
وهنا على العموم ... وفي الختام ... أتوقع أن مجرد وجود موقع أو منتدى رسمي خاص بكل مدرسة ... حلم كبير ... وإنجاز مهم ... وقد يساوي تبعاً لفاعلية ودور ونشاط ذلك الموقع أو المنتدى ... افتتاح مدرسة أخرى تكميلية لها نشاط مفتوح تقدم العون وتقوم بسد النواقص وتكميل دور المدرسة التعليمي والاجتماعي والتربوي لتعزز عبر جهدها الإضافي عمليات التعليم والتقويم ورفع مستوى الطلاب وخلق الحميمية بين كلٍ من (الطلاب وأولياء أمورهم والمعلمين) ... وتجعل الجميع أمام فرص كبرى للتلاقي المثمرة والمميز.
لذا أتمنى أخيراً هنا ... أن نرى لكل مدرسة ... أقلاً ... موقع رقمي ومنتدى ... أو أن يكون لكل مدرسة نوع من النشاط الإلكتروني الفاعل والمميز ... وأن تستفيد المدارس من تقنيات العصر قدر المستطاع ... لتصبح جديرة بحق أن تعيش في هذا العصر.
والسلام
