المرجع المُدرّسي"دام ظله : ينتقد رواسب الثقافة "الجاهلية التي تستضعف المرأة
مؤكداً على دورها في المجتمع وضرورة إقتدائها بالزهراء في أدوراها الاجتماعية والرسالية
المرجع المُدرّسي"دام ظله " ينتقد رواسب الثقافة "الجاهلية" التي تستضعف المرأة و تسلبها كرامتها وحقوقها
اكد سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرسي " دام ظله" على ضرورة وعي المجتمع للدور الهام والحقيقي للمرأة والأسرة في الحفاظ على تماسكه وقوته أمام التحديات والهجمات التي تستهدف زعزعة كيانه، معتبرا أن الاسرة والمرأة هما اللبنة الاساسية في البناء الاجتماعي والتماسك الحضاري وبناء الأجيال، محذرا في هذا الشأن من مغبة تشويه مكانة ودورالمرأة الحقيقي في المجتمع، مبيناً أن أضرار غياب هذا الدور. ومؤكدا على "القدوة الصالحة" للمرأة المسلمة وهي الصديقة فاطمة الزهراء . وفي محاضرة القاها سماحته بمكتبه في مدينة كربلاء المقدسة الاسبوع الماضي تزامناً مع إحياء الأيام الفاطمية"ذكرى شهادة الزهراء" عليها السلام، اشار سماحة المرجع المدرسي الى خطأ وسلبية محاولة أن تتقمص وتقتحم المرأة ادوار الرجل لتكون مثله في كل تفاصيل حياتها !، وذكر لذلك مساوئ عديدة منها، انها تفقد دورها كإمرأة وتفشل في لعب دور الرجل، ومن ثم عجزها عن إيصال رسالة الحضارة من جيل الى آخر ،فضلا عن خطر السقوط في مهاوي الرذيلة وإتخاذ المرأة وسيلة للربح الحرام وملهاة للرجل، وهو ما تنتهجه الحضارة الغربية، وقال سماحته إن الحضارة البشرية أمام تحدٍ كبير يتمثل بغياب القيم وتحول الحضارة الى حضارة قشرية ومصلحية سيكون مصيرها الى التلاشي والزوال، يضيف سماحته موضحاً:
إن الاسلام وجميع رسالات الله تعالى، لها رؤية أخرى للرجل والمرأة، حيث بيّنت لكل منهما دوره وكرامته، ولا يمكن تبادل الأدوار بينهما، و لكن لابد أن يتكامل دور الرجل مع دور المرأة لبناء الحضارة، وأضاف سماحته مستطرداً: لابد أن تكون المرأة محور البيت الحضاري وحاضنته ووسيلة لتواصل القيم بين الاجيال المتعاقبة ووسيلة لاضفاء العواطف الجيّاشة على الأمم والشعوب.
وفي سياق متصل اوضح سماحة المرجع المدُرسي"دام ظله" الى وجود ترسبات الثقافة الجاهلية في بعض مجتمعاتنا، حيث مازال بعض الناس يهينون المرأة ويستضعفونها ويحاولون سلب كرامتها وحقوقها، مشيرا الى أن ذلك ربما يتم في كثير من الاحيان بإسم الدين، وضرب مثلا على ذلك بالفتاوى والفكر السلفي المتشدد، وقال :يتسائل بعض الناس عن جدوى سياقة المرأة للسيارة مثلا؟!.
وأضاف: اذا كانت المرأة قادرة اليوم على أن تجلس خلف ماكينة الخياطة وتغسل الثياب وتعمل على جهاز الحاسوب، فما الذي يمنعها من قيادة السيارة؟!. وتابع بالقول: كما ان البعض يشككون في دور المرأة في الانتخابات، وألاّ تنتخب ولا تُنتخب وترشح نفسها، لماذا؟. وانتقد سماحته بشدّة أولئك الذين يسيئون الى شخصية المرأة ويحالون احتقارها والتقليل من شأنها.
وتسائل سماحة المرجع المُدرسي عن الكيفية التي استطاع بها الاسلام ان يبني تلك الحضارة المتوازنة التي تعطي للمرأة دورها كما يعطي للرجل دوره، وقال: ان ابرز ما في الاسلام هو القدوات، وهو ما يبينه لنا في القرآن الكريم. وأورد سماحته أمثلة عن القدوات التي يحدثنا بها القرآن الكريم ضمن سيرة الأنبياء العظام مثل نبي الله موسى وعيسى، حيث أشار سماحته الى أم موسى وأخته، وأيضاً أم مريم زوجة عمران، والصديقة مريم ، ومشيرا بهذا الخصوص أيضا اختيار الله تعالى الصديقة فاطمة الزهراء ، لتكون قدوة صالحة لهذه الأمة، ويضيف سماحته: ان فاطمة كانت أم أبيها، وكانت محور بيت الرسالة، ذلك البيت الذي أذن الله له ان يرفع "في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه"، فقد كانت محور هذا البيت، لانها الرابط بين النبي وبين عليٌ والذرية الطاهرة الحسن والحسين . وفي هذا الإطار انتقد سماحة المرجع المُدرسي المشككين والمستخفين بأمر الغيب، وقال: كما جعل الله سبحانه وتعالى مريماً قدوة صالحة من عالم الغيب، وسيدةً لنساء عالمها، كذلك اراد ان يجعل من فاطمة الزهراء تلك القدوة ومن عالم الغيب أيضاً، وأضاف بالقول: أن بعض الناس يحاولون ان يخففوا من دور الغيب في كل الامور، ويشككون في بعض الاحيان في كرامات الانبياء ومعاجزهم ويشككون في بعض الاحاديث الواردة في مدح النبي الأكرم أهل بيته، وهذا أمر خطير لان من لايؤمن بالغيب لا يؤمن بالدين، فشرط الايمان هو الايمان بالغيب ومن لا يؤمن بالغيب لا يفهم حتى الشهود ولايفهم الحياة، لان الحياة المشهودة التي نراها من حولنا تدار من قبل الغيب.وأشار سماحته في جانب آخر من حديثه الى أبعاد دور الصديقة فاطمة الزهراء ، وقال: إن الزهراء، إضافة الى دورها كزوجة وأم وبنت، كان لها دورها الانساني والرسالي، وذلك بدفاعها عن أمير المؤمنين وجوهر ومعالم هذا الدين الحنيف عبر تصدّيها لهذه المهمة الكبرى بخطاباتها ودفاعها المستميت.