الشيعة والسلفية ... والتجربة الإيرانية

حسين أحمد بزبوز *

إذا كنت عزيزي القاريء، ستقرأ هذا الموضوع حتى نهايته التي تتناول بالبحث (موضوع شرطة الأخلاق الدينية في إيران) ... فيمكنني حينها إذاً أن أقول لك في هذه المقدمة: أنني توقفت كثيراً في نهاية مطافات البحث في تخلف العالم الإسلامي، وأنا أسأل نفسي - دون مكابرة - عن نصيبنا نحن الشيعة كحالة دينية إسلامية يعكس تفكيرها في المساحة الدينية صنفاً من صنوف ذلك التفسير البشري للدين غير المعصوم من الخطأ، من تركة التخلف والتأخر وعداء التحضر ورفض قيم الحرية ورفض مبادئ حقوق الإنسان، وإشاعة القيم المناقضة والمناهضة لقيم العدالة والتسامح والديمقراطية، المثقل بها عالمنا الإسلامي.

 في هذه الصورة من محاكمة النفس تحديداً بدا المشهد في ذهني بعد سلسلة من المتابعات والقراءات المستمرة المهووسة بالأوهام والخرافات الدينية وأبعادها وما تنتجه للكائن البشري في واقع مجتمعاتنا الإسلامية من مآزق وويلات وبلاء. وهنا بدأ التفكير يتركز في المنطقة الحساسة من قضايا الخرافات والأوهام والمغالطات، فبعد أن جاوزت مسألة التأمل والتفكير في الخرافات منطقة السطح ومرحلة البحث في القشور، توغلت الأفكار الناقدة أكثر لتصل لمنطقة اللباب وروح البحث لتناقش وتحاسب ما تكتنزه خرافات الساحتين الدينيتين الشيعية والسنية في عالمنا الإسلامي من أسرار.

 ورغم ملاحظتي لذلك المحور المهم في البحث، الذي مفاده أنه يمكن القول ببساطة أننا على صعيد الخرافات والإيمان بها، لسنا وحيدين - كأمة وكمجتمعات بشرية طبيعية، يسهل أن يعتريها الجهل وأن يصيبها مس الخرافات وجنونها -، ولسنا حالة فريدة من نوعها من بني البشر ضمن هذا السياق، إذ أن كل أمم الدنيا في المشرق والمغرب وفي الشمال والجنوب لا تخلو فيها ثقافة وفكر وممارسات الأفراد والجماعات من شيءٍ من تلك القناعات الساذجة والاعتقادات الباطلة والأوهام والخزعبلات والخرافات المجنونة والغبية والبلهاء ... التي تعتبر نتاجاً بشرياً طبيعياً ومألوفاً في كل مكان، فحتى المجتمعات الغربية المعاصرة التي هي اليوم في قمة سلم التقدم والتطور والتحضر، لم تسلم من ذلك الغباء. وحيث كانت - في نفس ذلك السياق - مقولة عدم تبرئة المسلمين السنة والشيعة - كفئات بشرية جاءت من الأرض تماماً كغيرها من فئات البشر ولم تنزل من السماء - من تهمة تبني بعض الخرافات والأوهام والخزعبلات، مقولة واقعية لم تخرج عن كونها وصفاً لأمرٍ طبيعي معقول ومقبول لا غبار عليه ولا تجني فيه، حيث أنه كما قلنا سابقاً أن الواقع الإنساني يشهد أن ابتلاء الفكر البشري بتلك الخرافات يعتبر منقصة سائدة وصفة رائجة حتى اليوم في مختلف ثقافات الشعوب والمجتمعات البشرية ... وذلك له شواهده العديدة، وربما يأتي ذلك كله مصداقاً مناسباً لقوله سبحانه وتعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)، أو على أقل تقدير يمكننا القول أن ذلك كله منسجمٌ لحدٍ ما مع تلك الآية الشريفة في شكلها الظاهر بما يحققه ذلك الوصف في الآية الشريفة من مطابقة لحالة الغفلة البهيمية السائدة لدى الخرافيين والغير لائقة طبعاً ببني البشر وبقدراتهم العقلية والفكرية المتطورة.

 إلا أنه ومن ناحية أخرى، فإن تمايزنا الحضاري السلبي الفريد من نوعه الفاضح لرجعية وتخبط وتخلف وغباء مجتمعاتنا الإسلامية في العصر الحاضر وبذلك المستوى الكبير من الامتياز الذي لا نظير له ولا شبيه في واقع بقية الأمم المعاصرة، كان كفيلاً أن يبعث فيَّ الرغبة في إعادة التنقيب في ثقافة مجتمعاتنا وخرافاتها بحثاً عن مبرر جوهري آخر غير مبرر مجرد وجود بعض تلك الخرافات والأوهام الفكرية الهامشية المتكررة والمنتشرة بأنماط وأشكال مختلفة في مختلف أرجاء الكيان الفسيح لهذه الأرض الجميلة الواسعة الملونة بمختلف ألوان الطيف بل والمتزينة بذلك وبتنوع وتباين عقول بني البشر. فأخذت محركات البحث تدفع هنا الرغبة في التفتيش في الثقافة الإسلامية المعاصرة بجهد أكبر، وتدعو لنبش الأفكار الرائجة بقوة، وتصر على تفحص الخرافات المنتشرة بدقة وعمق. وكل ذلك طبعاً في ظل حضور وعدم غياب المقارنة والمقاربة مع ما هو موجود عند بقية أمم الأرض وبقية أبناء المعمورة من خرافات ليست قادرة أو لم تعد قادرة على الأقل في هذه الأيام أو في هذا العصر - بحسب ما يؤكده الواقع - على أن تعيق تقدم تلك الأمم والشعوب فوق أرض الواقع، مما يؤكد أن الخرافات والأوهام - كما سبق ذكره - في نمط ما من أنماطها أو بيئة ما من بيئاتها يمكنها أن تكون هامشية الدور، فتقبل التعايش مع الحضارة المعاصرة ومبادئها وقيمها الإنسانية والأخلاقية والتنظيمية، حتى لو كانت عكس ذلك كله في بعض مراحل التخلف والجهل. ولهذا السبب كنت هنا في المقابل على استعداد تام - حين تكفي الأدلة للإقناع بأن خرافاتنا بريئة كل البراءة من فعل التخبط والتأخر في عالمنا الإسلامي في العصر الراهن كما هي خرافات غيرنا بريئة تماماً من فعل تقدم وتحضر ذلك الغير الفاضح بعلمه وتقدمه لجهلنا وتأخرنا - أن أعترف بالنقيض وأن أنقلب بنتيجة سلبية نافية تماماً لمسؤولية خرافاتنا عن جريرة تخبطنا وتخلفنا وضياعنا. وحينها ربما كنت سألقي اللوم كله على لعنات السياسة وحدها لو اعتقدت أن الخرافة لا دور حيوي لها ... أو فقط كنت سأكتفي بجعل السياسة شريكاً حيوياً مع بقية الأسباب الأخرى المحتملة والواردة. لكن الخرافات والأوهام في واقعنا الإسلامي رغم تنوعها ورغم هشاشة وضعف بعضها، بقيت تثبت لي باستمرار عبر الشواهد الواقعية المتنوعة أن بعضها أقلاً مسؤول بقوة عن كثير من مآسي ومعانات البشر عندنا، سواءً الأفراد منهم أو الجماعات على حدٍ سواء.

 وهنا بعد قناعتي أن الخرافات ليست جميعها مؤذية بنفس الشدة خصوصاً من حيث قدراتها في التأثير في الواقع العام والقضايا الكبرى، عدت أتساءل عن حقيقة وجود وعن هوية وعن سر نوع واحد محدد فقط من جملة كل تلك الخرافات والأوهام الكثيرة المتنوعة والمنتشرة في عالمنا الإسلامي الواسع، وعن دور ذلك في واقعنا ومدى تأثيره في عقولنا وقوة فعله في قراراتنا. فتحدد جواب ذلك كله عندي فقط في وجود تلك الخرافات القادرة تحديداً وحقيقة على أن تعيق بكفاءة وقوة وفاعلية بناء وتنمية الحضارة الإنسانية الإسلامية المعاصرة الراقية والعادلة والمتسامحة التي تدعم قيم التحضر العصرية المعروفة لأنها تناقضها تماماً.

 وهنا عدت أسأل نفسي، هل لدينا حقاً كمسلمين شيءٌ يمكن فعلاً أن نعتبره من ذلك الصنف المؤثر في الحياة العامة؟ وهل يمتلك الشيعة - في الدائرة الأخص إسلامياً - شيءً من ذلك الصنف الخطير من الخرافات والأوهام والمتاهات الفكرية المدمرة والمهلكة للتحضر، والتي تتصف بقدر عالٍ من مستوى الإضرار بالمجتمع ككل، بحيث تكون مربكة حقاً لمسير التطور الإنساني، ويمكنها أن تعيد الذاكرة بنا لنستحضر عصور أوروبا المظلمة ومرحلة هرطقات رجال الكنيسة في فترة محاكم التفتيش فيها؟!!!.

 وإجابة على السؤال السابق، ومن خلال ملاحظاتي وقناعاتي الشخصية، وتحاشياً للدخول مع كثير من القراء في متاهات استدلال فكرية لا تخلوا من كثير من المزالق والمتاهات والضغوط النفسية والعاطفية، والتي أثبت الكثيرون أنهم لا يحتملون ثقلها، فإنني أقول بصدق وصراحة أنه لا يمكنني إخفاء ما وصلت إليه وما أنا متمسك به منذ أمد بعيد من قناعات، بأننا كمسلمين عموماً مهما كانت لدينا أوهام أو خرافات أو قناعات هامشية ركيكة الدور والتأثير على الرقي والتحضر، فإن لدينا في النهاية في المجموع خرافات كثيرة تنقض وضوء الحضارة وحضورها الفاعل وجاهزيتها للصلاة المقبولة باتجاه قبلة التقدم والتطور. ولست أخفي هنا أيضا قناعتي أن ما ساعد مثل تلك الخرافات في إمساكها بزمام أمتنا وتحضرها مدة أطول، أن السياسة أيضاً بألاعيبها القذرة ومصالحها الخاصة، لم تسعفنا بتاتاً يوماً من الأيام على الخلاص من ذلك المأزق الخطير، بل الأدهى والأمر أن السياسة بلعبتها القذرة على وتر الدين والخرافات زادت الطين بلة، فأصبحت متاهة المسلمين هي نفسها في أجواء الوهم والخرافة في متاهة، أي أصبح المسلمون يعانون ويلات الخرافة ضمن متاهات وتأزمات السياسة.

 وهنا أقول بصراحة أكبر، أنني أعتقد أننا نحن أيضاً كمسلمين شيعة تحديداً - ومهما تصور البعض خلاف ذلك -، كان لنا كذلك ما لبقية المسلمين عموماً وعلينا ما عليهم، فنحن جميعاً كمسلمين نعاني أزمة أفكار خرافية خطيرة جداً من النوع نفسه تقريباً، كما أن تلك الخرافات المناقضة والمناهضة للحضارة تتصف بقوة حضورها وتجذرها بقوة في عقولنا وثقافتنا الإسلامية المشتركةً، لتمتد بقوة فيكون لها حضورها الكثيف في مختلف الدوائر الإسلامية الأضيق والأخص، ومن ذلك بوضوح دائرة الثقافة الشيعية الخاصة.

 وهنا قبل الخوض في نقاش أعمق حول الخرافات والأوهام داخل البيت الشيعي تحديداً، والذي هو جوهر هذا البحث، فإنني أحب أن أؤكد للجميع أيضاً - عل البعض يحاول أن يفهم وأن يستوعب بجدية معنى النقد والبحث الموجه هنا تحديداً نحو البيت الشيعي دون سواه - أنني لازلت أفضل بل أصر على أن ننشغل نحن الشيعة بنبش ثقافتنا الخاصة بدلاً من الانشغال بتشويه أو شتم أو تعرية ثقافات الآخرين، لأن البحث والنقد والنقاش ضمن هذا الإطار بالتأكيد هو الأفضل والأجدى للجميع من ذلك التهريج والعراك والسب والشتم المتبادل. ولهذا فما زلت منذ مدة طويلة وحتى اليوم مصراً - رغم اعتراض الكثيرين علي - على الإنشغل بهم نبش ونقد الفكر والتراث الشيعي تحديداً دون سواه، حتى لو كان سواه كما أعتقد أحق بالنقد منه. فالأفضل لمصلحتنا جميعاً - كما سبق ذكره - أن ننشغل بذواتنا، والأفضل لمصلحة الجميع والأجدى لهم جميعاً أن ننشغل جميعنا بالنقد الذاتي عوضاً عن (الشجار والعراك والسب المتبادل) ... الخ، رغم أن المسألة هنا طبعاً لا تخلوا من نقاش مفصل ووجهة نظر تفصيلية، تفتح الباب بالتأكيد لمساحة للمداخلات التحريضية الجانبية العاقلة والموزونة، التي تستهدف بث النشاط الفكري وتحفيزه وبعث حراكات التفكير والنقد العقلي الواسعة في كامل جسد الأمة المسلمة.

 وعند هذه النقطة، بالعودة لداخل البيت الشيعي، فإننا عندما نتحدث عن التركيز على منظومة الثقافة الشيعية وعلى خرافاتنا وأوهامنا الخاصة المعيقة للنهضة والحضارة، فإننا لا شك سنتذكر أو سيتذكر لنا البعض أقلاً ذلك النموذج الإيراني الرائع الماثل أمامنا كحالة دينية شيعية نموذجية كفيلة برد التهمة كاملة عن الشيعة بما وصل إليه ذلك النموذج الشيعي المعاصر من تقدم وتطور. وهنا قد يدفعنا ذلك التطور المشهود فعلاً والمتسارع بقوة فوق أرض الواقع، للتسرع في رفض التهمة الملقاة على كاهل الشيعة وفكرهم جميعاً، واقتلاع تلك التهمة من الجذور. بحجة أن ما أنجزه الشيعة فوق أرض الواقع من تميز وتطور كفيلٌ بنفي وتوهين ورد كل التهم الموجهة إليهم، لأنه دليل على عدم وجود عناصر جدية في فكرهم تناهض وتناقض قيم التطور والتحضر. وهنا سنعود اضطرارا لنتساءل: من المسؤول إذاً عن تخلفنا وتأخرنا نحن الشيعة الباقون المنتشرون في بقية بقاع المعمورة في ظل هذا الواقع الإسلامي العام المتأخر والمتخلف والمتردي بالتأكيد، والذي نعيش نحن الشيعة أيضاً ضمنه؟. أو قد نتساءل أقلاً: هل حقاً يعد النموذج الشيعي الإيراني دليلاً كافياً لرد التهمة؟!!!.

 ورغم ما قد يفتحه هذا الإشكال والنقاش من مجال واسع للعودة لنقاش أصل الفكرة وما يحرضه من توجيه السهام باتجاه العودة لعوامل أخرى كالعوامل السياسية مثلاً عوضاً عن المسببات الدينية والثقافية، إلا أن القضية معقدة جداً بالنسبة للعقل المحلي بحيث تبقى بحاجة ممن يحاول الوصول لنتيجة في هذا الموضوع للتركيز أكثر والاستمرار في البحث وجمع الأدلة بجدية وبذل جهد فكري ونفسي أكبر مضاعف ومركز. لكن باختصار، يمكنني القول أن التقدم الصناعي - من وجهة نظري - ليس دلالة حقيقية دائماً على التقدم القيمي والأخلاقي، كما أن الأمم التي سبقتنا من جهة أخرى في الواقع المعاصر لم تسبقنا فقط في علوم الذرة أو في صناعة الطائرات أو السيارات فحسب، بل أيضاً سبقتنا - رغم أخطائها الكثيرة والكبيرة - كثيراً في ميادين الكرامة والحرية الإنسانية وفي مجالات مفاهيم قيم العدالة والمساواة، التي يدرك أغلبنا حضورها فوق أرض الواقع - والتقدم هنا بالطبع في هذا الميدان يمكن أن يكون أهم بكثير من تقدم كافة أشكال الصناعة وأهم بكثير من تطور مختلف المعارف والعلوم التقنية، فشيءٌ قليل إضافي من رغيف الخبز لا يكفي بالتأكيد للمساومة على القدر الكافي والضروري من الحرية والعدالة والعزة والكرامة وحقوق الإنسان -، ولو كان التقدم الصناعي والتقني هو بعينه التقدم الأخلاقي وتقدم قيم الكرامة والعدالة والحرية لما كان هناك أي مجال أصلاً للاعتراض أو النقاش في حقيقة ومدى مصداقية تقدم الحريات وحقوق الإنسان وقيم العدالة والكرامة في كيانات كالإتحاد السوفييتي المنحل سابقاً، أو في أنظمة محتلة كالكيان الصهيوني - القائم بلا شك على مبدأ النهب والاغتصاب -. لذا فإنني أؤمن كثيراً هنا أننا كمسلمين لن نستطيع مهما حاولنا أن نجب عن أنفسنا تهمة التخلف والرجعية بمجرد فقط خلق شيء من التطور والتقدم الصناعي فوق أرض الواقع - رغم ما يمكن أن يحفزه التطور الصناعي من تطور محكوم بالتقنية في مجالات القيم الإنسانية والحريات -، أو الانقلاب فقط على بعض الأنظمة السياسية، ما لم يكن هناك تحول جذري في منظومتنا الفكرية في عالمنا الإسلامي. فنحن كمسلمين لا نعاني فقط من الظلم والجور السياسي، أو من ويلات سياسات الاستبداد والاستعمار فحسب، ولا فقط من تفشي الجهل وغياب الصناعة والتقدم التقني والعلمي فقط، بل أيضاً والأسوأ من ذلك كله هو التأخر القيمي الماثل في غياب ثقافة الحريات والعدالة والمساواة وغياب ثقافة احترام الإنسان لأخيه الإنسان كإنسان بعيداً عن مزايدات اللون أو العرق أو المذهب أو القبيلة أو الدين أو التوجهات أو الآراء - وهذا ما يعرفه ويدركه ويدرك أسبابه ودعائمه كثير من المثقفين، وما كنت ولازلت أحاول المشاركة بجهدي القليل وطريقتي وقناعاتي الخاصة ضمن أمواج التوعية والتثقيف والتنوير لتجليته وتعريته باستمرار أمام أنظار البقية الباقية من أبناء أمة المسلمين - ... وأتصور هنا أن الأحداث والممارسات اليومية التي نعرفها ونسمع بها كثيراً جميعها أو بعضها قد يسعفنا بل يغنينا كثيراً عن كثرة الاستشهاد لإثبات التخلف الثقافي والفكري الكبير لبعض أو لكثير من أبناء المسلمين، فالأدلة المستمرة والمعروفة والمشهورة كفيلة بتجاوز كل تعقيد ونسف كل مغالطة واختصار كل الطرق الملتوية وفي النهاية بيان ذلك المأزق الخطير الذي تعيشه الأمة في فكرها وعقلها ومنطقها ... لمن كان له عينين أو ألقى السمع فهو شهيد.

 من الناحية الأخرى، إذا ما سلمنا نحن الشيعة بوجود تخلف ثقافي وفكري خطير في مجتمعاتنا الإسلامية بالشكل العام، فقد نكتفي بإلقاء التهمة بعيداً عنا لتقع على بقية المذاهب الإسلامية الأخرى المسيطرة والمتنفذه في كثير من بقاع العالم الإسلامي خصوصاً المتطرف منها والمتشدد المشهور بذلك الكم الكبير من العداء والكراهية للقيم الإنسانية العصرية النبيلة والمعادي للآخر المخالف والمغاير، وحتى مع اعترافنا نحن الشيعة أن لدينا أخطاء ومغالطات قد تتمثل في بعض قضايا التبرك أو بعض أشكال الخيرة أو بعض نماذج تفسير الأحلام ... الخ، مع ذلك وفي ظل غياب أدلة تثبت مدى نجاعة بعض خرافاتنا في تضليلنا وقمع قيم التسامح والحرية والعدالة والكرامة والمساواة، فقد تبهر أبصارنا بما لدينا في المقابل - كما ذكرنا سابقاً - من نموذج لمجتمع شيعي (في جمهورية إيران الإسلامية) استطاع أن يكوِّن ويصنع أمة تستقل سياسياً وتتطور وتتقدم علمياً وتقنياً وصناعياً، وبما لدينا أيضاً من نموذج آخر لمجتمع شيعي (في لبنان) استطاع أن يوّلد تجربة مقاومة وطنية فريدة من نوعها متزنة وعاقلة ومعتدلة منظمة وراقية، أو على أقل تقدير مقاومة ناجحة وحكيمة. فهنا أين سنضع أنفسنا بالنظر لما سبق؟ وأين سنضع وكيف سنقيم خرافاتنا وخزعبلاتنا ونحن أمة تترقى وتتطور وتتقدم؟ وكيف سنتقبل التهمة ونرد عليها؟ فهل يكفي مجرد وجود بعض الخرافات الهامشية لدينا نحن الشيعة الطبيعية في حياة كثير من مجتمعات البشر، لاتهامنا بأننا أمة متخلفة قيمياً مهما تقدمنا وتطورنا تقنياً وصناعياً؟ و أليس من الظلم القول بذلك لفئة من البشر كل همها - بحسب شعاراتها الدائمة - نصرة المظلومين والمستضعفين في كافة أرجاء المعمورة؟ وفئة من شعاراتها الدائمة كذلك قول الإمام الحسين :"كونوا أحراراً في دنياكم" ... وقوله عز من قائل:(إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلَّكم تذكرون)؟. وأمة تردد أيضاً ليل نهار في انتشاء بالأخلاق الحميدة قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً* إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً)، فهل يعقل أن تكون هذه الأمة في النهاية بعد كل هذا، أمة ظالمة باغية حاقدة مبغضة تعادي قيم الحرية والعدالة والمساواة وكرامة كافة بني البشر؟.

 وبعد محاولة لفت الأنظار وتحريض الأفكار للتوجه للتفكير الجدي والمتوازن هنا في الجوانب السلبية والجوانب الإيجابية في الواقع الشيعي، يحق لنا أن نتساءل عن حقيقة واقعنا وفكرنا وعن مصداقية التهمة الموجهة لنا كطائفة، فهل نحن كشيعة أمة تعارض الحضارة والحرية والتقدم وحقوق الإنسان؟ وهل في تراثنا أو ثقافتنا الحالية شيء من ذلك القبيل؟ أم أننا أمة كبقية الأمم القابلة للتطور والتقدم رغم وجود بعض الأخطاء وبعض الخرافات التي لا تضر بالنهوض والرقي والتقدم الحضاري الصناعي والقيمي معاً، فيمكننا أن نتقدم كما تقدمت بعض الأمم الأخرى ولازالت تتقدم رغم وجود خرافات وأباطيل في ثقافتها من قبيل خرافة الثالوث المقدس (الأب والابن والروح القدس)، أو خرافة الأطباق الطائرة وخرافة مثلث برمودا ... وغيرها؟.

 وهنا حتى  لو كنا جادين فلن يمكننا الإجابة بسهولة عن مثل هذا السؤال المعقد والصعب الموجه للذات الناقد لها بقسوة، دون فحص وبحث شامل وتأمل ودراسة موسعة ودون وجود معطيات كثيرة حقيقية ملائمة ومناسبة وواضحة فوق أرض الواقع.

 وعلى فرض غياب تلك المتطلبات الواقعية، فيمكن لنا حينها القول في عجالة ببراءة الشيعة من كل ذنب ومن كل مسببات إعاقة حراك التطور والتحضر في مجتمعاتهم براءة الذئب من دم يوسف . وحينها سنلقي اللوم في مسألة التخلف الحضاري الإسلامي، خصوصاً في بعض مجتمعاتنا الإسلامية كالمجتمعات الخليجية مثلاً، على بقية العوامل الممكنة كالمعضلة السياسية أو أزمة الثقافة الدينية السنية المتشددة السائدة خصوصاً مع وجود الشيعة في مجتمعات لم يستطع فيها الفكر والوجود الشيعي أن يفرز نفسه كتجربة أو كثقافة مستقلة تعبر فقط عن نفسها وعن هويتها الفكرية والثقافية فحسب، إذ كانت الحالة الشيعية دائماً هنا واقعة في ظل الحالة السنية السائدة والمهيمنة والفارضة لذاتها وفكرها ووجودها ومحاطة بها وبهيمنتها.

 ولا بد من الإشارة أيضاً أن هناك من المفكرين والمثقفين أيضاً من يميل لإلقاء كامل اللوم على الأوضاع والعوامل السياسية بمفردها، في تجاهل تام أو شبه تام لدور العوامل الثقافية والدينية. وأنا أرى أنه لا يمكن واقعاً اتهام الحالة السياسية بذلك وإلقاء كامل اللوم عليها بشكل محكم وتام ما لم تتم تبرئة الساحة الدينية تماماً من ذلك الاتهام خصوصاً في المناطق التي تكون فيها للتيارات الدينية هيمنة واضحة وأكيدة. ونحن نعرف جميعاً أنه لا يمكن واقعاً تبرئة الكثير من الحركات والتيارات الدينية المتطرفة والمتشددة المتخلفة  الحاضرة بقوة في كثير من مجتمعاتنا الإسلامية كلياً من تهمة تبني مفاهيم ورؤى وأفكار فاسدة تربك تفكير وخيارات المسلمين في الساحة الإسلامية حين تفرض نفسها في الساحة الإسلامية لتقف تماماً في الوجه المقابل لقيم الحرية والعدالة والتسامح والمساواة وحقوق الإنسان وكرامته.

 وطبعاً، لا شك أن الحالة السنية السلفية تحديداً من بين مختلف التوجهات والتيارات والمدارس والمذاهب الإسلامية في الساحة الإسلامية، هي أبرز حالة في الواقع الإسلامي يمكن أن يلقى عليها كم هائل من اللوم فيما يخص تهمة مناقضة قيم التحضر والتحرر والتسامح والتطور والرقي والعدالة وحقوق الإنسان ... والشواهد اليومية على ذلك والحاضرة في الأذهان كثيرة وليس لها حد.

 وكلنا يعرف من خلال أفكار وممارسات جماعات وأفراد وفئات التطرف ضمن تلك الحالة الدينية المتطرفة إلى أي حد وصل التشدد بها، فهي تميل في إطار المتشددين والمتطرفين من أبنائها أكثر من غيرها من المدارس الإسلامية الأخرى لتكفير المخالفين وقد اشتهرت بذلك التكفير، ونحن نعرف أنها مدرسة تمتلك جهاز قمع ديني يراقب الناس بصرامة وحدية مفرطة، كما نعرف أن تلك المدرسة ترفض مفاهيم المواطنة المعاصرة، وتقف كذلك ضد الأنظمة الديمقراطية كمناهج للحكم، ومن جهة أخرى تبرز إلى أي حد وصل التطرف بهذه المدرسة فمعلوم أن هذه المدرسة تحرم أو كانت على الأقل قد حرمت فيما مضى من الزمن تعلم اللغة الإنجليزية بحجة أنها لغة الكفار، وأيضاً فقد حرمت السفر لبلاد الغرب بحجة أنها بلاد كافرة، كما أثبتت هذه المدرسة أنها تقف ضد التقنينات العصرية حتى في إدارة بعض أجهزة الدولة كما في قضية تقنين القضاء، ويمكن أن نضيف مواقف تلك المدرسة الصدامية مع حقائق العلوم المعاصرة إذ تصر تلك المدرسة على تبني مقولات جاهلة مثل القول بعدم كروية الأرض، وتنفي أيضاً هبوط الإنسان على سطح القمر، كما وترفض حتى الأشكال البسيطة للابتكار والتطوير في حياة الناس وعاداتهم كالأكل بالملاعق والشوك ... الخ، وهذا كله معروف ومشهور ... ولم نأت عليه إلا لضرورة التأكيد عليه ضمن سياق المقارنة والمقاربة مع الوضع الشيعي الذي نريد أن نتجه إليه لاحقاً.

 إذاً، فهكذا تقف المدرسة السنية السلفية الكثير من المواقف التي تبرزها على أنها أكثر مدرسة إسلامية تشدداً وتطرفاً ومعاداة لقيم الحضارة المعاصرة وأكثر مدرسة إسلامية تملك رؤى حادة مقاومة للأنسنة وقيم الحضارة الراقية ... ويحصد تنظيم القاعدة في تلك المدرسة نصيب الأسد من سلة التطرف والإرهاب والكراهية ليبرز حالة من التشدد والتطرف لا نكاد نرى نظيراً لها في بقية المدارس الإسلامية الأخرى، بل ولا في بقية أرجاء المعمورة. فهل يمكن بعد ذلك كله نفي التهمة عن التيارات الدينية وإلصاق العيوب فقط بالساسة والحكومات والعوامل السياسية. أم أن القضية هنا ليست سوى قضية مشاركة وتكامل عيوب؟!!!.

 وهنا في الجهة المقابلة وفي مقابل هذه الحالة السنية، نعود لنكرر السؤال الخاص بنا نحن الشيعة، فهل نحن الشيعة براء في المقابل من كافة أشكال ذلك التشدد والتخلف المتصف بمجانبة الحضارة والمنهج الإنساني المتصف بالعدالة والتسامح والحرية، والموظف للدين في مشاريع الخرافة والغلو والتطرف، الذي وقع فيه الآخرون؟ كما يمكن أن نسأل أيضاً - تدقيقاً في البحث - هل تشدد الشيعة الذي نشهد ملامحه بين الفينة والأخرى فوق أرض الواقع هو فقط وليد ردود أفعال واستجابات مستمرة لممارسات المدرسة السنية السلفية المتشددة، ولا يحدث فقط إلا في إطار تلك الحالة السلفية المتشددة؟؟؟!!!.

 هذا السؤال سيفرض علينا رغم إيماننا بقوة مقومات الاعتدال داخل البيت والمنهج الشيعي، البحث - من باب الإنصاف -  ضمن الحالة الشيعية عن مقاربات ولو بسيطة مع تلك الحالة السنية السلفية المتشددة للبحث أقلاً في مقومات (وجود أو ولادة) تيارات شيعية متطرف حاضراً أو مستقبلاً على غرار تلك التيارات المتشددة الموجودة والمشهودة داخل المدرسة السلفية تحاكي ذلك التفكير وذلك السلوك المشوه لصورة الإسلام والمسلمين في كل أرجاء الدنيا، لكن هذه المرة من رحم المدرسة الشيعية التي تعتقد نفسها أطهر وأنقى مدرسة فوق وجه الأرض ... بل تكاد تصل في شعاراتها ومقولاتها حد القول أن الشيعة هم: "شعب الله المختار" ... كما يفعل بعض السلفيون.

 وهنا سنختار نموذجاً شيعياً يمكن إدراكه وتمييزه بوضوح فوق أرض الواقع، وتمكن دراسته وفحصه بدقة ومصداقية، وهو: (شرطة الأخلاق الحميدة في إيران)، كنموذج قابل للمقارنة مع جهاز (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الموجود في السعودية ... المذموم والمكروه لدى الكثيرين بسبب كثيرٍ من أخطائه وتصرفاته، وذلك عبر بعض النقاط السريعة المختارة التي أعتبرها (مجرد إضاءات) قد لا نعول عليها كثيراً في الوقت الحاضر، لكن يمكن أن تكون بادرة ونواة تمهيدية لقراءة مستقبلية فاحصة موسعة قد تكون أدق وأعمق، وهو ما يمكن أن يكون بوابة لإثبات أن الشيعة أيضاً كغيرهم من المسلمين يحملون نفس القابلية والاستعداد ويمكن أن يكون لديهم شيءٌ من نفس ذلك الاستغلال السلبي المشين لقداسة الدين في تمرير بعض الأوهام والخرافات والخزعبلات والمغالطات الناشرة للظلم والكراهية والتطرف وضيق الأفق وتضييق مساحة الحرية والعدالة التي يحق أن يستمتع وينعم بها كافة بني البشر مهما اختلفت أجناسهم وألوانهم وأيضاً أديانهم ومذاهبهم. فهنا هيا إلى تلك النقاط الكاشفة للتشدد والتطرف وممارسة الوصاية الدينية المفرطة التي تخلق من بعض بني الإنسان أوصياء ونواب عن الله يحكمون قبضتهم بسم الله وباسم الشرع وباسم الدين على بقية الناس :

 أولاً: تحدثت بعض المواقع الإلكترونية عن قلق الشرطة الدينية من قدرة "الفيس بوك" على تسهيل قيام طلاب الجامعات بتنظيم ثورة ديمقراطية، وأرجعت المصادر نفسها أسباب حظر الموقع لهذه المخاوف من قبل رجال الدين والشرطة الدينية(1).

 بينما أشار أحد المصدر إلى أن حظر الموقع رسمياً قد تم في سبتمبر عام 2007م، في توقيت تزامن مع افتتاح مجموعة إلكترونية على "الفيس بوك" تطالب بإلغاء الرقابة على المطبوعات(2).

 ثانياً: تحدث موقع الـ (بي بي سي) ومواقع أخرى كثيرة عربية وأجنبية، عن قيام شرطة الأخلاق الدينية في إيران بشن حملات لفرض النظام على النساء اللاء يستهن بقوانين اللباس الإسلامية الصارمة(3).

 كما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط (4): "أن قوات الشرطة شنت على مدار اليومين الماضيين حملة كبيرة على المراكز التجارية في طهران واصفهان واعتقلت عشرات الشابات (غير المحجبات جيدا)، والزمتهن بحضور دروس في الأخلاق الإسلامية مرة واحدة في الأسبوع، كما صادرت معاطف قصيرة من المتاجر".

 ثالثاً: نقل موقع وكالة رويترز الإخباري على الإنترنت في إطار تغطيته لبدء حملة لشرطة الأخلاق الحميدة في إيران، أن الشرطة ستعتقل الذكور من أصحاب القصات الغربية(5).

 ومن ناحية أخرى علق الكاتب في صحيفة القبس الكويتية إقبال أحمد، على دور الشرطة الدينية في رفض منه لوجود شرطة من هذا النوع في الكويت، بالقول: "شرطة الأخلاق الحميدة في إيران، وهي بالمناسبة الشقيقة الكبرى للجنة الظواهر السلبية في الكويت وأخت لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية..وجدت في شباب طوّل شعره وصففه بالجيل.. مجرمين يستحقون الاعتقال والمحاكمة، والحكم عليهم بشتى أنواع العقوبات"(6).

 رابعاً: ذكرت صحيفة الشرق الأوسط عام 2007 م، أن الشرطة أغلقت 68 مخزنا تبيع أجهزة الأطباق اللاقطة، وصادرت 27 ألف جهاز استقبال واعتقلت 535 شخصا لتعاملهم بها (7). وذكرت مصادر أخرى أن شرطة الآداب تقوم باقتلاع أطباق التقاط القنوات الفضائية من على أسطح المنازل.

 وفي خبر سابق ذكرت الصحيفة نفسها أن الشرطة الإيرانية أطلقت في منتصف أغسطس (آب) عام 2006م، حملة واسعة على الصحون التلفزيونية اللاقطة في طهران ومدن إيرانية عدة (8).

 خامساً: ادعى موقع مدونة (rotten gods) الإيراني المعارض، أن شرطة الأخلاق في الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقوم بإهانة ومضايقة الناس، مستشهداً على ذلك بمقطع فيديو لمشادة بين امرأة ورجل شرطة إيراني منشور على موقع (اليوتيوب) تحت عنوان (Hijab In Iran).

 وذكر الموقع نفسه أن شرطة الأخلاق في إيران تمنع أخذ الزوج يد زوجته. حيث لا يمكن التفريق بين المتزوجين من غيرهما. وهذا يسبب تعرض الزوجين للإهانة. لذا حرصاً على سلامة الزوجين يوصى بعدم القيام بمثل ذلك الفعل(9).

 سادساً: يواجه ضباط وأفراد في الشرطة الدينية الإيرانية، اتهامات من بعض النساء بممارسة الرذيلة مع الفتيات المعتقلات - مع ذلك قد لا تكون هذه التهم سوى شائعات أو تضخيم لحوادث نادرة تعمل زمر المنافقين المعارضة للنظام الإسلامي في إيران على نشرها وترويجها- (10).

  سابعاً: يشير موقع "نيوز ديسك" (newsdesk.org) أن الشرطة الدينية في إيران تستهدف النساء راكبات الدراجات، حيث يعتبر بعض المسؤولين في الدولة أن حركة جسد المرأة فوق الدراجات مصدر للإغراء. ويشير المصدر نفسه لسعي رجال الدين لتصميم دراجات بمقصورات تغطي الجزء الأسفل من جسد النساء(11).

 ثامناً: يشير المصدر السابق نفسه أيضاً إلى أن المطاردة والمحاسبة تطال حتى من يسيرون بكلابهم في الأماكن العامة. كما يتم أيضاً إدراج مقاهي الإنترنت المختلطة والمباني العامة ذات النوافذ المضللة التي تمنع الرؤية من الخارج، ضمن الممنوعات.

 تاسعاً: بحسب موقع إذاعة هولندا العالمية، فإن طلاء أظافر إصبع القدم مع استخدام حذاء مفتوح دون استعمال جوارب، قد لا يكون مسموحاً به في بعض الأماكن، وقد يصعب التنبؤ بما هو مسموح وما هو محظور في إيران بسبب تغير القوانين وبسبب عدم وضوح الضوابط غالباً(12).

 عاشراً: تداولت المصادر الصحفية خبر تبرئة المحكمة العليا في إيران لستة أعضاء في شرطة الأخلاق الإيرانية كانوا قد قتلوا خمسة أفراد بتهمة الفساد الأخلاقي (13).

 *** نماذج لبعض حوارات الشرطة الدينية الإيرانية مع الناس في الشارع، منقولة عن عدة قنوات تلفزيونية إيرانية (14):

 ** المشهد(1): (فتاتان من الشرطة الدينية النسائية الإيرانية ترتديان العباءات، في وجود رجل أمن إيراني بالزي الرسمي، كان يقوم بمهمة تفحص المارات، مقابل فتاتين إيرانيتين ... تنضم لهما فتاة ثالثة لاحقاً بأمر من رجل الشرطة).

* المكان: (الشارع العام على جانب أحد الطرق العامة أثناء عبور المشاة).

* الحوار:

 -فتاة شرطة الأخلاق الحميدة:  إن معطفك الذي ترتدينه ضيق، وبه (شق فتحة طويل) ... ألا تعتقدين أن ذلك ينتهك عاداتنا الاجتماعية؟. وأنت تعيشين في بلد إسلامي، أليس كذلك؟. كما أن رأسك غير مغطى بالكامل، وماكياجك كثيف جداً.

 ... ينتهي المشهد.

 * المشهد(2): (فتاتان من الشرطة الدينية النسائية الإيرانية ترتديان العباءات، في وجود رجلي أمن بالزي الرسمي، وكان أحدهما يقوم بمهمة تفحص المارات، مقابل فتاة ترتدي ملابس ضيقة ... تنضم لها فتاتان بأمر من رجل الشرطة فيما بعد).

* المكان: (الشارع العام على جانب أحد الطرق العامة أثناء عبور المشاة).

* الحوار:

 - فتاة شرطة الأخلاق الحميدة: كمواطنة إيرانية، هل تعتقدين أن طريقة لبسك مناسبة؟.

 - الفتاة الإيرانية: بنطالي ليس قصيراً، وكذلك معطفي أيضاً.

 - فتاة شرطة الأخلاق الحميدة: لكن شعرك مكشوف، وذلك الوشاح الذي ترتدينه ... هل تعتقدين أنه مناسب؟.

 - الفتاة الإيرانية: إذاً هل المشكلة فقط في شعري؟.

 - فتاة شرطة الأخلاق الحميدة: طبعاً شعرك غير مغطى، رجاء أعيدي ترتيب طرحتك.

 ... (تقوم الفتاة هنا بمحاولة ترتيب الوشاح) ...

 - فتاة شرطة الأخلاق الحميدة: إن ما ترتدينه يعتبر بلوزة، وفي القانون الإسلامي فإن هذا اللباس غير مقبول كحجاب مناسب.

 - الفتاة الإيرانية: لماذا؟ ... إن له أكمام ... وهو غير قصير.

 - فتاة شرطة الأخلاق الحميدة: لا، إن ما ترتدينه هو بلوزة، ألا تعترفين أنه بلوزة؟.

 - الفتاة الإيرانية: حسناً، ما الفرق بين البلوزة والمعطف؟.

 ... هنا ينتهي الحوار مع الفتاة الأولى، ويبدأ حوار آخر مع الفتاتين الأخريين. وفي المقابل يبدأ حديث بين رجل الشرطة الإيراني والفتاة الأولى ... وهنا ينقطع المشهد.

 ** المشهد(3): (فتاة من الشرطة الدينية النسائية الإيرانية ترتدي عباءة، تقوم باستدعاء امرأة من المارة ... ثم تنضم لها فتاة ثانية فيما بعد بطلب من فتاة الشرطة الدينية، وذلك في وجود رجل أمن بالزي الرسمي).

* المكان: (الشارع العام على جانب أحد الطرق العامة أثناء عبور المشاة).

* الحوار:

 - سيدة شرطة الأخلاق الحميدة: تعالي هنا من فضلك ... يوماً سعيداً ...، أنت مواطنة إيرانية مقيمة في طهران مثلي، ألا تعتقدين أن ما تلبسينه سبب للإشكال مع مراعاة العادات الاجتماعية الإسلامية؟.

 ... (هنا تستدعي سيدة شرطة الأخلاق الحميدة سيدة أخرى من المارات) ...

 - سيدة شرطة الأخلاق الحميدة، موجهة الخطاب للسيدة الثانية هذه المرة: هل تعتقدين أنها في موضع إشكال أم لا؟. هل توافقين أنها في وضع يسبب الإشكال؟.

 وتواصل الشرطية كلامها: إن وشاحك شفاف، وشعرك مكشوف. وقميصك قصير وضيق. رجاء كوني أكثر انتباهاً. عندما تخرجين، تأكدي أنك تتبعين الأعراف الاجتماعية لهذا البلد.

 ... وينتهي هذا المشهد.

 * وقفة تأمل ونقاش:

 إن وجود هيئة أو شرطة أو مؤسسة للأخلاق وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولتعزيز الفضيلة، بلا شك لا يمكن أن يكون بحد ذاته مذمة وعيباً يستحق النقد والذم. بل العكس هو الصحيح، فكل أمم العالم تؤيد وجود مؤسسات تدعم الأخلاق وتدعو للفضيلة والآداب الحميدة. فذلك واجب من الواجبات الحياتية الضرورية لصحة أي مجتمع أخلاقياً وسلوكياً ... بل وحتى سياسياً واقتصادياً.

 لذا فإن وجه الاعتراض هنا على شرطة الأخلاق الحميدة في جمهورية إيران الإسلامية أو على غيرها من الهيئات المشابهة في بقية الدول الإسلامية، ليس بسبب ممارستها دور رعاية الفضيلة وحراستها وتنميتها، بل بسبب قيام تلك الجهات بالتوظيف الخاطيء لسلطة الله من خلال فرض هيمنة صارمة لبعض البشر من ذوي الميول الدينية المتطرفة على بقية البشر بحيث تقتحم خصوصياتهم الفردية ومساحات الحرية الضرورية في الحياة الإنسانية. لذا هنا ضمن هذا السياق يمكن أن نطرح عدة ملاحظات وعدة تساؤلات على ممارسات شرطة الأخلاق الحميدة في إيران مرتبة كما يلي:

 - هل فعلاً يجب في الشريعة الإسلامية على المؤمنين والحكومات الملتزمة، مطاردة كل الممارسات المحرمة، حتى وضع طلاء الأظافر عند الخروج للأماكن العامة؟. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا يتم التركيز على النساء أكثر من الرجال؟!!!. ولماذا لا يستوقف ويحاسب حليق اللحية مثلاً؟!!!. أو لماذا لا يطارد من يكذب أو من يغتاب أو من يضرب أطفاله بعنف وقسوة غير مشروعة وغير مقبولة لا عقلاً ولا منطقاً؟!!!.

 - هل من الجيد أو الصحيح أن يفسح المجال لتفحص رجال الشرطة (الذكور) - تحديداً - لأجساد وعورات النساء والفتيات المارات في الطرقات، ليقوم هؤلاء من ثم بممارسة دور مهم في عملية الاستدعاء والمحاسبة؟!!!. وهل ترضون ذلك لنسائكم وفتياتكم بذريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!!!.

 -هل يصح منع تصفح مواقع مثل الفيس بوك  رسمياً، بدل خضوع تصفح مثل هذه المواقع واستخدامها للرقابة الذاتية من قبل الأفراد؟!!!. ألا يعد ذلك انتهاكاً لحريات الناس؟!!!.

 - هل تجب مطاردة قصات شعر الشباب ... أم يكفي أن تكون هناك توجيهات أخلاقية عامة وتوعية إعلامية جيدة تحرض وتدعم القيم الأخلاقية خصوصاً في مثل هذه المسائل البسيطة والهامشية؟!!!.

 - أليس من المضحك والمخجل أن تقمع حرية الناس في هذا العصر حتى في اقتناء الأطباق اللاقطة للقنوات الفضائية (الدشات)،  بحجة أن تلك الأطباق قادرة على التقاط بعض القنوات أو كثير من القنوات الفاسدة أو التي تحتوي كثيراً من المفاسد الأخلاقية؟؟؟. ألا توجد مساحة حتى داخل المنازل للرقابة الذاتية والأسرية ... أم يجب أن يخضع كل شيء للحساب والعقاب من قبل الدولة وأجهزتها الرسمية حتى لو تم تحويل الإنسان إلى "كائن روبوتي" ليس له أي اختيار - وقد سمعت أن الأمر قد وصل في تطرفه وغرابته حتى لدرجة استعمال طائرات الهليكوبتر لكشف واقتلاع تلك الأطباق اللاقطة من أسطح المنازل والبنايات - ؟!!!.

 - هل يقبل الأزواج في مجتمعاتنا الذين اعتادوا الإمساك بأيدي زوجاتهم عند التنزه أو في المجمعات التجارية، أن تطاردهم الشرطة الدينية بذريعة أن ذلك ممنوع بسبب عدم قدرة أجهزة الشرطة على التمييز بين المتزوجين من غيرهم؟!!!.

 - إذا كانت حركة جسد المرأة فوق الدراجات النارية أو الهوائية تستحق المتابعة والمطاردة والمحاسبة والتفكير في صناعة مقصورات تغطي أجزاء مخصوصة من جسد المرأة بسبب الفتنة والإغراء، ألا يجب أيضاً مطاردة حتى النساء الراجلات في الشوارع ومطالبتهن باصطحاب مقصورات ذات عجلات أو ما شابه بحجة أن الجزء الأسفل من جسد المرأة عندما تسير في الطرقات يسبب الإغراء ... وعدم الاكتفاء هنا أيضاً بفرض لبس المعاطف الطويلة؟!!! وربما يجب أن لا تحافظ المرأة على رشاقتها لأن ذلك قد يكون سبباً للفتنة ... ألا يجب هنا أن تحافظ المرأة إذاً على السمنة بدل الرشاقة؟!!!.

 - أليس غريباً أيضاً منع حتى اصطحاب الكلاب والتنزه بها ... مع أن ذلك غير محظور شرعاً؟!!!.

 - ألا تدل هذه التصرفات من قبل البعض التي تخولهم محاسبة الناس على معظم تصرفاتهم (من الألف إلى الياء) أن أولئك البشر قد أنزلوا أنفسهم منزلة الإله فخولوا أنفسه أن يحاكموا الناس نيابة عن الله وباسم الله في كل شيء بل وتجاوزوا إرادة الله فأغلقوا أبواب رحمته الواسعة وكأنهم آلهة فوق الإله ... فحق لنا أن نقول حينها أنهم قد خلقوا بفكرهم الضيق خرافة أسوء من كل الخرافات خولتهم أن يصبحوا آلهة فوق الإله تتمكن أن تقضي على كثير من هوامش الحرية في الحياة؟!!!.

  * خاتمة:

 أعتقد أن الشيعة بعد ركوبهم موجة تقنين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا العصر، باتوا في بعض ممارساتهم كالسلفيين تماماً، إذ بالغوا في مطاردة الناس ومراقبتهم والتضييق عليهم وتقليص مساحة الخصوصية الشخصية لديهم ... وادعوا أن ذلك هو ما أراده الله. فهل ذلك حقاً هو ما يريده الله؟!!!.

  يقول الله سبحانه وتعالى لرسوله في بيان خصوصية الناس ومسؤوليتهم الفردية: (فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر *  إلا من تولى وكفر *  فيعذبه الله العذاب الأكبر *  إن إلينا إيابهم *  ثم إن علينا حسابهم ) (15). ويقول جل من قائل في تسامحه مع عباده وعدم التضييق عليهم وإرهاقهم بالمحاسبة والعقاب: (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى)(16). ويقول تعالى: (نحن اعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقران من يخاف وعيد)(17) ... و المعنى بحسب ما يذكره صاحب الميزان: فاصبر على ما يقولون و سبح بحمد ربك و انتظر البعث فنحن أعلم بما يقولون سنجزيهم بما عملوا و لست أنت بمتسلط جبار عليهم حتى تجبرهم على ما تدعوهم إليه ... الخ.

 من ناحية أخرى، فإنني أؤمن أن مذهب التشيع وخط أهل البيت هو أكثر المناهج الإسلام اعتدالاً وإنسانية وتسامحاً وانسجاماً مع دعوات العدل وحقوق الإنسان ... وبالإضافة لذلك فلو نظرنا لمكانة المرأة في الفكر الشيعي وقارناها بتلك المكانة في الفكر والواقع الغربي لوجدنا الدور الكبير لهذه المدرسة الذي أسهم في صيانة عفاف المرأة وحفظ كيان الأسرة وما أدى إليه ذلك من حفظ كيان المجتمع من الانزلاق والتخبط في بؤر الخطيئة والرذيلة والضياع الخطيرة والكبرى ... وعلى العكس تماماً من ذلك ما هو موجود في الفكر والواقع الغربي من الابتذال والانحلال الذي يوقع البشر في تلك المجتمعات في مآزق خطيرة.

 مع ذلك، لا يمكن أن نتخذ ذلك ذريعة لتبرئة الشيعة من مزاولة بعض الأخطاء في تفسير الدين أو في السلوك المطبق فوق أرض الواقع باسم ذلك الدين.بل الأجدى بدل التبرير أن نقف حذرين ومحذرين أيضاً في نفس الوقت من التنطع والتشدد في الدين، مؤمنين أن المسلمين كأفراد وإن كان في سلوكهم كثير من القصور والتقصير والأخطاء إلا أن هناك أيضاً في الدين مساحة واسعة للحرية الفردية والخصوصية والرقابة والمحاسبة الذاتية والاجتماعية غير المقننة وغير الخاضعة لأجهزة الدولة وسلطتها الرقابية والجزائية ... والتي يجب أن تبقى كذلك.

 إن هوامش الحرية الفردية الواسعة في الأمم المتحضرة المعاصرة، وقدرة الإنسان على التجربة والوقوع في الخطأ ثم الاكتشاف والتطوير التي تمثل روح العصر هي التي أسهمت بلا شك في نهوض الحضارات المعاصرة، وذلك يتنافى بالتأكيد مع ذلك القمع والملاحقات التي يحاول البعض تطبيقها على الكل باسم الدين كأنهم أوصياء من قبل الله على بقية المسلمين مخولون بمطاردة الذنوب جميعها حتى اللمم منها ... مكلفون بالتركيز بقوة على كل الذنوب المتعلقة والمختصة فقط بالنساء.

 وهنا قبل الختام، أقول أن خلف الأمور أمور وتحت الأسرار أسرار والقضية ليست قضية دين وأخلاق فحسب ... فلماذا إذا نطارد النساء حتى في طلاء أظافرهن؟!!!، بينما نتغاضى عن بقية الذنوب والأخطاء خصوصاً عندما يتعلق الأمر بأخطاء وذنوب الرجال ؟!!!.

 وهنا فليصمت الجميع ... ولينطق أولئك الشيعة الممكنون والممتحنون في ساحة التطبيق(19).

 والقضية ليست ضد الشيعة والمؤمنين ... بل ضد التشدد لدى الجميع.

 ... ونحن في القرن الحادي والعشرون!!!.







ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نقلاً عن موقع (http://webcommunityforum.com) - تحت عنوان: (Iran’s Religious Police Worry that Facebook Could Facilitate Democratic Revolution)، بواسطة (by Teresa Valdez Klein).
(2) نقلاً عن موقع (http://wiki.ucalgary.ca) - تحت عنوان: (The Requested Page is Forbidden)، المقالات.
(3) نقلاً عن موقع (http://news.bbc.co.uk) - تحت عوان: (Iran police in fashion crackdown).
(4) صحيفة الشرق الأوسط - (الشرطة الإيرانية تعتقل النساء «غير المحجبات جيدا» وتلزمهن بحضور «دروس أخلاقية») - الثلاثـاء 26 جمـادى الأولى 1425هـ - العدد (9359).
(5) نقلاً عن موقع (http://www.reuters.com) - تحت عنوان: (Iran police start wider crackdown on un-Islamic dress).
(6) صحيفة القبس الكويتية - (اسمان.. وهدف واحد)، إقبال الأحمد - الأربعاء 21 جمادى الآخرة 1429 هـ -السنة 37 - العدد 12.
(7) صحيفة الشرق الأوسط - (الشرطة الإيرانية حذرت عشرات آلاف النساء من التساهل في الزي الإسلامي) - الثلاثـاء 29 شعبـان 1428 هـ - العدد (10514).
(8) صحيفة الشرق الأوسط - (إيران: منع الإيرانيين من مشاهدة القنوات الفضائية الخارجية الناطقة بالفارسية) - الاثنيـن 4 شعبـان 1427 هـ - العدد (10135).
(9) نقلاً عن موقع (http://www.rottengods.com) - تحت عنوان: (Islamic Republic of Iran moral police assault and harass people).
(10) المصدر موقع اليوتيوب نقلاً عن قناة (BBC Four) - تحت عنوان: (Corrupt Religious Police in Iran).
(11) نقلاً عن موقع (http://www.newsdesk.org) - تحت عنوان: (Iran: Vice Squad Targets Women on Bicycles).
(12) نقلاً عن موقع إذاعة هولندا العالمية (http://www.rnw.nl) - تحت عنوان: (مزيد من القيود على سلوك ولباس النساء في إيران).
(13) راجع موقع صحيفة نيويورك تايمز (http://www.nytimes.com) - تحت عنوان (Iran Exonerates Six Who Killed in Islam’s Name) - بتاريخ (19 أبريل 2007م). وأيضاً موقع (http://www.newser.com) - تحت عنوان (Iran Frees Murderous Vice Squad).
(14) موقع يوتيوب (www.youtube.com) - تحت عنوان: ("Moral" Police in Iran).
(15) سورة الغاشية - الآيات (21-26).
(16) سورة النجم - آية (32).
(17) سورة ق - آية (45).
(19) طبعاً أتمنى أن لا تفهم العبارة السابقة على أنها دعوة للصمت، لكنها في الحقيقة دعوة للتأمل ولمزيد من التفكير المنطقي المبني على الحقائق والمعطيات والواقع.