أبا ذر الخليج (أباذر..من جديد)

 

رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبعث وحده
                                    الرسول الأكرم 

1)أبا ذر بلسان النبي 

 أبا ذر هو جندب ابن جنادة من غفار ، آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان من اصدق الناس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى قال فيه رسول الله  :

«ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر».

فكان هذا الحديث مصداقاً على أبو ذر وتجسد في وقت أخر حياته حينما كان سيفه كلامه يحاربه به في زمن عثمان بن عفان.

2) أبا ذر  وعثمان

وذكر المسعودي أمر أبي ذر بلفظ هذا نصه:

إنه حضر مجلس عثمان ذات يوم فقال عثمان: أرأيتم من زكى ماله هل فيه حق لغيره ؟ فقال كعب: لا فدفع أبو ذر في صدر كعب وقال له: كذبت يا ابن اليهودي ثم تلا: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا.

فقال عثمان: أترون بأسا أن نأخذ مالا من بيت مال المسلمين فننفقه فيما ينوبنا من أمورنا ونعطيكموه ؟ فقال كعب: لا بأس بذلك.
فرفع أبو ذر العصا فدفع بها في صدر كعب وقال: يا ابن اليهودي ما أجرأك على القول في ديننا ؟ فقال له: ما أكثر أذاك لي غيب وجهك عني فقد آذيتني.

فخرج أبو ذر إلى الشام فكتب معاوية إلى عثمان: إن أبا ذر تجتمع إليه الجموع ولا آمن أن يفسدهم عليك، فإن كان في القوم حاجة فاحمله إليك.

فكتب إليه عثمان يحمله فحمله على بعير عليه قتب يابس معه خمسة من الصقالبة يطيرون به حتى أتوا به المدينة قد تسلخت بواطن أفخاذه وكاد أن يتلف، فقيل له: إنك تموت من ذلك.

فقال: هيهات لن أموت حتى أنفى، وذكر جوامع ما نزل به بعد ومن يتولى دفنه، فأحسن إليه في داره أياما ثم دخل إليه فجلس على ركبتيه وتكلم بأشياء وذكر الخبر في ولد أبي العاص: إذا بلغوا ثلاثين رجلا اتخذوا عباد الله خولا.

ومر في الخبر بطوله وتكلم بكلام كثير وكان في ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال فنضت البدر حتى حالت بين عثمان وبين الرجل القائم فقال عثمان: إني لأرجو لعبد الرحمن خيرا لأنه كان يتصدق ويقري الضيف وترك ما ترون.

فقال كعب الأحبار: صدقت! فشال أبو ذر العصا فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان فيه من الألم وقال: يا ابن اليهودي ! تقول لرجل مات و ترك هذا المال إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة وتقطع على الله بذلك وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما يسرني أن أموت وأدع ما يزن قيراطا.

فقال له عثمان: وارعني وجهك. فقال: أسير إلى مكة. قال: لا والله. قال: فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت ؟ قال: أي والله. قال: فإلى الشام. قال: لا والله.  قال: البصرة.قال: لا والله فاختر غير هذه البلدان. قال: لا والله ما أختار غير ما ذكرت لك ولو تركتني في دار هجرتي ما أردت شيئا من البلدان، فسيرني حيث شئت من البلاد. قال: فإني مسيرك إلى الربذة.

قال: الله أكبر صدق رسول الله صلى الله عليه وآله قد أخبرني بكل ما أنا لاق.

قال عثمان: وما قال لك ؟ قال: أخبرني بأني امنع عن مكة والمدينة وأموت بالربذة ويتولى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو الحجاز وبعث أبو ذر إلى جمل له فحمل عليه امرأته و قيل ابنته، وأمر عثمان أن لا يتجافاه الناس حتى يسير إلى الربذة، فلما طلع عن المدينة ومروان يسيره عنها إذ طلع عليه علي بن أبي طالب ومعه ابناه وعقيل أخوه وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر فاعترض مروان فقال: يا علي إن أمير المؤمنين قد نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر في مسيره ويشيعوه فإن كنت لم تدر بذلك فقد أعلمتك.

فحمل عليه علي بن أبي طالب بالسوط بين أذني راحلته وقال: تنح نحاك الله إلى النار: ومضي مع أبي ذر فشيعه ثم ودعه وانصرف، فلما أرادا الانصراف بكى أبو ذر وقال : رحمكم الله أهل البيت إذا رأيتك يا أبا الحسن ! وولدك ذكرت بكم رسول الله صلى الله عليه وآله فشكا مروان إلى عثمان ما فعل به علي بن أبي طالب فقال عثمان: يا معشر المسلمين ! من يعذرني من علي، رد رسولي عمار وجهته له وفعل كذا والله لنعطينه حقه. فلما رجع علي استقبله الناس  فقالوا: إن أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر. فقال علي: غضب الخيل على اللجم.

ثم جاء فلما كان بالعشي جاء إلى عثمان فقال له: ما حملك على ما صنعت بمروان واجترأت علي ورددت رسولي وأمر ؟ قال: أما مروان فإنه استقبلني يردني فرددته عن ردي ؟ وأما أمرك فلم أرده، قال عثمان: أولم يبلغك إني قد نهيت الناس عن أبي ذر وعن تشييعه ؟ فقال علي: أو كل ما أمرتنا به من شئ يرى طاعة لله والحق في خلافه اتبعنا فيه أمرك ؟ بالله لا نفعل. قال عثمان: أقد مروان.
قال: وما أقيده ؟ قال: ضربت بين أذني راحلته قال علي: أما راحلتي فهي تلك فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل، وأما أنا فوالله لئن شتمني لأشتمنك أنت مثلها بما لا أكذب فيه ولا أقول إلا حقا.

قال عثمان: ولم لا يشتمك إذا شتمته فوالله ما أنت عندي بأفضل منه.

فغضب علي بن أبي طالب وقال: إلي تقول هذا القول ؟ وبمروان تعدلني ؟ فأنا والله أفضل منك، وأبي أفضل من أبيك، وأمي أفضل من أمك، وهذه نبلي قد نثلتها وهلم فأقبل بنبلك.

فغضب عثمان واحمر وجهه فقام ودخل داره وانصرف علي فاجتمع إليه أهل بيته ورجال من المهاجرين والأنصار، فلما كان من الغد واجتمع الناس إلى عثمان شكا إليهم عليا وقال: إنه يعيبني ويظاهر من يعيبني يريد بذل أبا ذر وعمار بن ياسر وغيرهما فدخل الناس بينهما وقال له علي: والله ما أردت تشييع أبي ذر إلا لله.

3) الشيخ نمر أبا ذر الخليج
   
  تربى الشيخ نمر في عائلة عريقة بنسب بين علماء كان لهم الثقل والأثر في المنطقة كآية الله محمد بن نمر ، وكان الشيخ  متميزاً بالصدق منذ طفولته ومتوسماً بابتسامته حتى خرج بعد أحداث 1400 هـ التي كان فيها شامخاً صامداً كالنمر الثابت بين نيران الظالمين.

واصل دراسته حتى وصل إلى درجة الاجتهاد ومع ذلك لم يكن يوماً يفصل العلم عن العمل، فكان يجسد علمه في عمله، لا يرى إلا باسماً مع المؤمنين ونمراً ضد الظالمين.

استلم زمام الحوزة العلمية ( القائم عج) وتخرج علي يديه العلماء وأعطى الدروس العليا في الحوزة يستلهم الرؤى من القران في أموره الدينية والاجتماعية والسياسية التي كان صارماً فيها ولا تأخذه في الله لومة لائم .

عاد سماحته إلى بلده بعد عقد ونصف قضاها معارضاً في الخارج مكملاً لدراسته ، ولم يغير منهجه مع وصوله بل أسس حوزة علمية ( القائم بالعوامية) ورعى الشباب وأحي الصلاة وأعطى للمرأة دوراً عظيماً، وكان  مجاهداً في كل حياته تمثلت في أشياء ثلاثة وهي:

1) مع الملأ:
ربى سماحته جيلاً صادقاً من الشباب وخرج علماء ربانيين ونساء قياديات ووجهاء عاملين، ولم يخشى عالماً فاسد أو وجيهاً متعجرف أو رجل مفسداً أو عادة سيئة أو محرمة بل وحاربهم جميعاً.

2) مع الطغاة والظالمين:
 عُرف سماحته بمواقفه الجريئة الشجاعة التي لم يتجرأ أحد قبله حتى رد على افتراء الظالمين وهو بين يديهم معصب العينين ومقيد اليدين والرجلين ، وطالب بمطالب لا يمكن لنا حتى التفكير بها ومنها أن يُعترف بالمذهب الجعفري وأن تكون لنا حصة في الحرمين.

3) مع ربه:
  لم يتعالى سماحته على الدعاء فكان عابداً محيياً لصلاة الفجر وصلاة النساء وغيرها من الشعائر، ولم ينفك في دعائه أن يردد:
 رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ ) (ربي بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين)

4) واجب علينا.
انتبهوا يا عثماني الهوى واستفيدوا من التاريخ فلم يعد الزمن زمانكم ولا تتجرأوا وتندموا  وتفتحوا بداية هلاككم ولا تستخدموا طريقة النفي  ...

فنحن موجودين والصادقين باقون والظالمين  تطاردهم لعنة  التاريخ ....

وكفى أيه الغربيون وعشاق الغرب فشعاركم  ( الكل من اجل الفرد والفرد من اجل الكل ) ليس أسمى من تجسيدنا لهم بل منها اقتبستم واليها سعيتم فقد جسد  ذلك في الحسين ع ، قدموا أنفسهم  فداءً  للحسين .
 
فليحذر عثماني الهوى إنا حسينيي الدمى..، فان تجرأتم فان هناك أنصار يتبعوا المسيرة ويفضحوا أمركم ويكملوا المشوار ولان قتلتم نفساً صادقاً فستخرج أنفاس صادقه بل ستكون هناك أرضية للتضحية .

5) لكـ يا أبا ذر ايه المجاهد...( لم أرى أصدق منكـ)

              لقد صرخت وحدكـ وعشت وحدكـ  واعتقلت وحدكـ وطلبت وحدكـ ...

                                       فارجوا من خرجت وعشت واعتقلت  له لله الواحد المستعان؛...

 

راجع الأنساب 5: 5452، صحيح البخاري في كتابي الزكاة والتفسير، طبقات ابن سعد 4: 168، مروج الذهب 1: 438، تاريخ اليعقوبي 2: 148، شرح ابن أبي الحديد 1: 242240 فتح الباري 3: 213، عمدة القاري 4: 291.