محبة الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم

شبكة مزن الثقافية
سماحة السيد جعفر النمر
سماحة السيد جعفر النمر

 
أعوذ بالله من  الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين محمد وأهل بيته الطاهرين، ولعنة الله الدائمة على أعدائهم إلى  قيام يوم الدين.
 

كلمتي اليوم ذات جزأين   ، الجزء الأول/  في شمة ونبذة  في فضائل سيدنا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، والجزء الثاني/ في بيان العلاقة بين الوحي وحياة الإنسان .

  • الجزء الأول :  " نتعرض فيه لشبهة تطرح على شيعة أهل البيت  " 

وهو أنكم أي الشيعة تقدسون عليا بن أبى طالب صلوات الله عليه وتسبغون عليه الفضائل لدرجة لا يبقى للنبي فضيلة ، وهذا ما يمكن أن يستفاد من كتبكم وكلمات علمائكم و اعتقادات عوامكم . الجواب على هذه الشبهة  لا بد أن  نتعرف على فضل رسول الله صلى الله عليه واله عند أهل البيت بالخصوص . أهل البيت عليهم السلام لم يكن مقام رسول الله عندهم مقاماً عادياً . "جاء رجل إلى الإمام الصادق عليه السلام وبشره انه قد ولد له ذكر ، فقال له الإمام عليه السلام : ما سميته ، قال : سميته محمداً . أخذ الإمام الصادق يكرر هذا الاسم المبارك قائلا : محمد ،  محمد ،  محمد . في نحو من التخشع  والخضوع حتى كاد يلصق خده الشريف بالأرض ، ثم قال الإمام الصادق بابي وامي ومن في السماوات والأرض :  الفداء لرسول الله صلى الله عليه واله لا تقبح له وجها ، ولا تشتمه ، ولا تضربه وما من بيت فيه محمد إلا  وتقدسه الملائكة كل يوم" . كل هذا ببركة النبي صلى الله عليه واله الطاهرين . 

 الإمام أمير المؤمنين قيل له : " أيهما افضل أنت أو رسول الله . قال : ويلك أنا عبد من عبيد محمد ، أنا حسنة من حسنات محمد" . على اختلاف الروايتين ،  في أحدهما الإمام أمير المؤمنين يقول " أنا عبد وفي الأخرى يقول :  أنا  حسنة من حسناته "، أي أن حسنات محمد صلى الله عليه واله لا تعد  ولا تحصى . ما هي حسنات النبي ، لا يمكن أن نعرف حسنات النبي بلا إشكال ،  لكن يمكن أن نفهم كيفية عجزنا نحن عن إحصاء فضائله من قوله تعالى : " إن الله وملائكته يصلون على النبي " ( الأحزاب ، آية 56 ) .  الله  من فوق سبع ارضين يصلي على النبي واله ، الملائكة يصلون على النبي واله ، ما معنى أن  تصلى الملائكة على النبي واله . معنى ذلك أن كل الكون يصلى على النبي واله . لماذا ؟ لان الملائكة هم الذين يدبرون الأمر . إذا كان الرئيس والقائد مطيع لرجل فمن الطبيعي أن ينقاد من تحت قيادته  لذلك الرجل . إذا كان راس العسكر خاضع لزيد ،  إذا  كل العسكر خاضع لزيد.  إذا كان الملائكة يديرون أمر هذا الكون وهم يصلون على النبي فالكون الذي تحت تدبيرهم أيضا يصلى على النبي لذلك لا نستغرب ما جاء في زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه عندما يذكر الإمام : " أشهد أن دمك سكن في الخلد واقشعرت له أظلت العرش وبكت له السموات والأرض " إذاً السموات والأرض  تبكي للإمام  الحسين لان الملائكة يبكون على الإمام الحسين لا بد أن تبكي السماوات  والأرض على الإمام الحسين عليه السلام .

   هذا يعني أن للنبي  صلى الله عليه واله مكانة ٌومقامٌ لا يمكن أن يصل إليه شئ في هذا الكون .  وللتوضيح ،  ليس هناك من فيض وكرم وجود الهي يصل إلى شئ من المخلوقات إلا  ببركة  النبي صلى الله عليه واله وسلم . لماذا ؟ لان الله لم يخلق هذا العالم " وما خلقت الجن والإنس إلا  ليعبدون "  ( الذاريات ، آية 56 ) .  والعبادة في علم الله الأزلي لم تكن تتحقق إلا في اشرف الخلق وهو محمد صلى الله عليه واله وسلم . مثل الإنسان الذي يريد أن  يسافر وهو يتهيأ  لهذا السفر بشراء المؤن والعتاد والعدد , إذا سألناه  لماذا تشتري هذا الشئ ؟ ليس غرضه من  هذا الشئ في السفر الوصول إلى النقطة الفلانية ،  فإذا  تعلق إرادة  الإنسان  بالسفر يبعثه  نحو شراء المؤن ، هذه تسمى مقدمة شراء المؤن مقدمة للسفر ، كذلك الله عز وجل لم يخلق هذا الخلق بنص القران الكريم  إلا  ليعبد . ومن ذا عبده حق عبادته.  في القران من الذي عبده حق عبادته ، هو الذي  نهي أن  يجهد نفسه بالعبادة " طه ما أنزلنا عليك القران لتشقى "  ( طه ، آية 1 ، 2 ) .  لا تحمل نفسك ما لا تطيق من العبادة .  هذا الشخص هو الوحيد الذي نهي عن العبادة  . لا يوجد احد نهي عن العبادة سوى رسول الله نهي من أن يرهق نفسه بالعبادة لا على أن يعبد الله عز وجل ، الله عز و جل يقول  " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين "  (  الحجر ، آية 99 ) . مأمور هو بالعبادة  ولكن ليس مأمور أن  يرهق نفسه بالعبادة البدنية .  هذا الشخص يصلح أن  يكون نموذج للعبادة التي  جعلت غاية للخلقة . فكل ما سبق النبي مقدمة لوجوده وكل ما يلحق النبي  بركة وجوده الشريف ، وهو بأبي وامي واسطة العقد ، وهذا مما  تواترت  به  الروايات ويستفاد من القران بنحو قطعي ومما يدل عليه البرهان ، أن غاية الخلقة هو النبي ، وكما أن أهل البيت غاية لجميع الخلقة ، الرسول غاية أهل البيت .

  أمير المؤمنين عليه السلام كان يجهد نفسه بالعبادة لكي لا يتخلف عن رسول الله . الشخص الذي قيل عنه لم يطق  احد من الأمة  عمل رسول الله إلا هو صلوات الله عليهم أجمعين . كان دافعه أن  يلحق برسول الله .  كان يروض نفسه رياضة تهش معها إلى الملح  مأدوما ، لماذا؟ لكي لا يتخلف عن رسول الله الذي لم يضع لبنة على لبنة . الرسول ضرب أروع الأمثلة في الزهد ، أمير المؤمنين كان يحتذي حذوه . غرضنا من هذا كله إن أهل البيت أدبونا على أن  نعترف بان لرسول الله ( ص ) الفضل على جميع الخلق بشراً  كانوا أم ملائكة ، أحياء  كانوا أم  جمادا . ولسنا نقدم  على رسول الله أحداً  لا  أمير المؤمنين  ولا  على عترته  ولسنا  نسوي بأهل  البيت غيرهم ممن جرت نعمتهم عليهم بمعنى أن هناك مقاماً محفوظاً  لأهل البيت عليهم السلام على غيرهم .

 رسول الله أول الركب معه أهل  بيته الذين لحقوا به صلوات الله عليهم أجمعين ، ثم سائر الناس تبعا . لماذا ؟ لان  رسول الله كان ببركته العظيمة سببا في رفع مقام أهل البيت ،  بسبب استعدادهم التام ،  رسول الله كالبحر كل يغترف منه بقدر  وعائه ، أهل البيت  وعائهم تام و  كامل اغترفوا من ذلك البحر ما يكاد يستوعب بل ما أستوعب كل قطرة من ذلك البحر . فلحقوا به صلوات  الله وسلامه عليهم أجمعين .

  •    الجزء الثاني : "العلاقة بين الوحي وحياة الإنسان وهذا يرتبط  أيضا  بالتعرف على بركة وجود رسول الله "

 
في الجزء الأول ذكرنا بشكل  مختصر أن وجود الأشياء  كان  ببركة وجود رسول الله . وفي هذا الجز سيتبين  أن وصول الأشياء إلى كمالاتها ، وغاياتها هو ببركة رسول الله   . الإنسان مخلوق بحيث  يكون لعلمه تأثير في فعله . الله عز وجل خلق الإنسان متميزا عن سائر الأشياء  بان له عقل يدرك به ويتعرف على ما حوله به وليس الإنسان كالشجرة  التي إذا سقيت الماء  نمت و  أثمرت . الإنسان في الواقع يحتاج إلى أن يخطو خطوات اختيارية ،  يتحرك حركة قصدية ناشئة من داع وباعث ووازع حتى يصل إلى غايته . غاية كل إنسان برا كان أو فاجرا أن يعيش سعيدا ،  وكل إنسان يروم نحو السعادة ويقصد نحو السعادة ،  لا يوجد إنسان يخرج عن هذا القانون ، لا أمير المؤمنين كان خارجا عن هذا القانون  ، ولا معاوية كلاهما كانا يقصدان السعادة.
 

 غير أن الفرق هو فيما يتحقق به السعادة في نظر كل  منهما . أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه كان يرى السعادة في طاعة الله عز وجل ويرى السعادة في حب الله حيث يقول في دعائه : " فهبني صبرت على حر نارك فكيف اصبر على فراقك " . من الناس من يعبد الله عبادة الأحرار ومن الناس من يعبده عبادة التجار ومن الناس يعبده عبادة العبيد ومن الناس من لا يعبد الله عز وجل  أصلا . أمير المؤمنين يعبد الله  حيث  يقول : " وجدتك أهلاً  للعبادة فعبدتك " حرة نفسه أبية لا ترضى أن تتقيد إلا  بما هو أهلاً أن تتقيد به .


 وقيدتُ  نفسي في ذراكَ محبةً     ومن وجدَ الإحسانَ قيداً تقيدا

 أما أن يقيد الإنسان نفسه بأغلال واسر وقيود ،  الإنسان ارفع منها ، هذا انحطاط وهذا نزول عن درجة الإنسانية .  إذاً أمير المؤمنين كان يسعى للسعادة من هذا الطريق . ومعاوية كان يسعى نحو السعادة ولكن كان يتصور أن السعادة في الملك ، في  الحكم، في التحكم في أمور الناس في الخداع والمكر والحيلة وما إلى ذلك من أسباب الفجور فاختلافهما  ناشئٌ من اختلاف طريقيهما .

  •  لماذا  اختلف الطريقان ؟

اختلف الطريقان لاختلاف العلمين . لما كان أمير المؤمنين عالماً بالواقع عارفاً بطرق السماءِ والأرض  " سلوني قبل َ أن تفقدوني فإني بطرق ِ السماءِ اعلمُ مني بطرق ِ الأرض ".  لما كان عارفاً بالطرق ِ عرف َ بأن هذا الطريق يوصل ،  وذلك الطريق يبعد عن القصد والغاية . واما غيرُ أمير المؤمنين فإنه كالمتخبطِ في الظلمة والمترددِ في التيه والعمى يخرج من حفرةٍ ليقعَ في أخرى ،  ويخرج من ظلمة ليدخل في أخرى . ويظل متردداً في هذا التيه والعمى .
 

  •  أهمية العلم : "إذاً للعلم أهمية ٌ تامة ٌ في تكامل الإنسان ووصوله إلى غايته"

  إذاً للعلم أهمية ٌ تامة ٌ في تكامل الإنسان ووصوله إلى غايته،هذه النقطة أنه بلا علم لا يستطيع الإنسان أن يصل إلى كماله . كمال الإنسان موقوفٌ على أن يكون فعله صادراً عن علم ٍ صحيح.  لأن أيَ خطأٍ في العلم ، يؤدي إلى خطأٍ في  الفعل وأي خطأ في الفعل يؤدي إلي قصور في الوجود . أنتَ كنتَ ترومُ الكمالَ وكان علمُك خاطئاً ، اعتقادُك خاطئاً  ، إذاً هذا يؤدي بك إلى أن تخطئ الطريق . إذاً لابدُ من تصحيح هذا العلم .

  •    كيف يصحح الإنسان هذا العلم :

الله عز وجل خلقه : " والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار و لأفئدة " ( النحل ، آية 78 ).  الله عز وجل خلق الإنسان فزوده بجهاز قابل للتعرف على الأشياء . السمع والبصر  وما يعبر عنه بالحواس ، والفؤاد  بآلة  جمع المعلومات وغربلتها وتحليلها وتركيبها . الإنسان عنده مثل هذا الجهاز ومن الطبيعي إن هذا الجهاز في الطفل ليس متكامل كما هو عند من بلغ  الأربعين الذي بلغ اشد وجوده . هذا الجهاز يتكامل  حتى يصل الإنسان إلى درجة لا يستطيع معها أن يتجاوز الحد من قبيل الأمور التي لا يمكن أن يتعرف عليها من خلال الحواس أو من خلال البراهين العقلية .
 

  •  علم العقل :

 اضربُ لكم مثلاً : الإنسان بعقلهِ ونحنٌ نتكلمُ عن العقلِ الراشدِ ،  الرشيد يحكم أن الصدق حسن وان الكذب قبيح ، لا نه يحكم بان الظلم قبيح  والعدل حسن  ، لكن العقل لا يدرك الحق  في هذا الوقت بالخصوص حسن هذا ليس من شأن العقل . 

العقلُ يقولُ : أن الصدق  حسن والكذب قبيح ، بنحو كلي ،  يتكلم عن الصدق العام أما صدق  زيد هذا لا يمكن أن يستكشف بنفس العقل. 

يعبر عن ذلك العلماء بأن البرهان لا يجري في الكليات والأحكام العقلية مخصوصة والجزيئات لا يجري فيها البرهان ، البرهان إنما يجري في الأمور الكلية ، أنت تستطيع أن تقيم البرهان على وجود الجنة أما على أن جنة عدن واقعة في يمين جنة الفردوس أو بالعكس هذا أمر لا يمكن أن يثبته العقل ، لا يستطيع العقل أن يثبت أن تفاح الجنة احمر أو اخضر هذه أمور جزئية ، كما أن العقل لا يستطيع أن يثبت أن  زيد في داره جالس أو قائم  الآن ، العقل لا  يستطيع أن يثبت هذه الأمور ،  بل لا يستطيع أن يثبت وجود زيد بالخصوص .
 

  العقل يجري في الأمور الكلية لا الجزئية  بمعنى أن العقل يستطيع أن يثبت وجودُ أصل ِ الإنسان وجودُ اصل ِ الطبيعة ، وجودُ اصل ِ الكون واما أن زيد أو عمر أو هذا الصدق أو ذاك الكذب وسائر الأمور الجزئية هي موجودة أو غير موجودة هذا ليس من شأن العقل . العقل يقف عند هذه الأمور أيضاً.  العقل لا  يستطيع أن يدرك الأمور التي لا يقع عليها حواس الإنسان من  قبيل عالم  الملكوت ومن قبيل الملائكة . بمعنى أن العقل لا  يستطيع أن يتواصل مع الملائكة. لماذا ؟ لان العقل  وحده غير مستعد للتواصل مع ذلك العالم  . فإذا  كان العلم بهذه الأمور الجزئية أو العلم بالأمور الغيبية دخيلا في كمال الإنسان ولا يستطيع الإنسان أن يصل إلى هذا العلم من خلال العقل وبالأولى أن يكون الحس قاصرا عن إفادة هذا اعلم . 
 

  اذا لا بد من باب ينفتح منه هذا العلم وإلا فأن  الإنسان قاصر عن الوصول إلى كماله ،  ولما خلق الله الإنسان كان مقتضى حكمته أن يوصل الإنسان غايته . الله عز وجل لا يترك الأشياء من دون تكميل وتربية . خلق الله الشجرة  لكي تكون مثمرة . كذلك خلق الإنسان لكي يصل إلى هدفه ،  ولما خلاق الله الإنسان علم أن الإنسان ينقسم إلى قسمين  " كما بدأكم تعودون  فريق هدى ، وفريق حق عليهم الضلالة " ( الأعراف ، آية 29 )  إذا لا بد من إنزال شئ يوصل كل فريق إلى غايته " وينزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارة " ( الإسراء ، آية 82 ) .  نفس القران الكريم أنزله الله ليكون صراط مستقيم للمؤمنين ولكي يكون سائقا للفجار نحو جهنم " فأهدوهم إلى صراط الجحيم " ( الصافات ، آية 23 ) .  الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ،  هؤلاء الملائكة وظيفتهم أن يهدوا من هو مهتدي ، و يهدوا الكفار إلى صراط الجحيم .  لان هؤلاء اختاروا الشقاوة  . حيث يقول الباري عز و جل   " ربنا غلبت علينا شقوتنا ، وكنا قوما ضالين " ( المؤمنون ، آية 106 ).  سيدنا محمد   إنما جاء الأنبياء مقدمة لوجوده وما من نبي إلا بشر به وما جاء إلا لتكميل البشر "  قل يا أيها الناس أنى رسول الله إليكم جميعا " ( الأعراف ، آية 158 ).  من الذي أرسلك  " الذي له ملك السماوات والأرض ".

  لذلك العلماء يعتقدون أن الرسول  - وهذا مثال صادق عليه وعلى  جميع الرسل  -  و الرسل مرسلون إلى البشر . النبي (ص )  مرسل إلى جميع الناس حتى المرسلون . إبراهيم عليه السلام كان النبي   مرسل اليه.  لذلك ورد في آية  الميثاق إن أول من لبى رسول الله " الست بربكم قالوا بلى " لقد قالوا بلى مرة واحدة قالوها بنحو متأخر منهم من تقدم ومنهم تأخر ومنهم  من لبى ألفا ومنهم من لبى نصف ذلك العدد . البني محمد كان أول من لبى من الناس قبل آدم عليه السلام وغيره ، لذلك هو بأبي وامي ولي لكل نعمة بأذن الله عز وجل لذلك ورد في  الرواية " أحبوني لما يغدوكم به الله من نعمة" هذا الكلام الذي لا ينبغي الإنسان أن يمر به مرور الكرام ،النعمة منها نعمة الوجود ومنها نعمة الطعام ومنها نعمة الشراب ومنها نعمة الصحة ومنها نعمة العافية . ما لرابط  بين النعم  وبين نعمة الرسول؟ نقول نعم ، إن سبب تلك النعمة  " أحبوني لما يغذوكم  الله من نعمه و  أحبوني لحب الله" إذا كنتم تحبون الله لانه يغذوكم بما عنده من نعمة فأحبوني لله. ما الرابط  ؟ الرابط أن تلك النعم إنما جرت ببركة رسول الله من الله عليه.  لذلك نحن لا نستطيع أن نبين اثر الرسول على الحضارة البشرية وانه اخرج الناس من ظلمة  الأمية إلى نور التعلم ،   ومن ظلمة التفرق إلى نور الوحدة ، ومن ظلمة التخلف إلى نور الحضارة .

 هذه  أدنى النعم . النعمة الكبرى هو انه هداهم إلى الصراط المستقيم ، هو انه فعلاً كان سببا لان يتصفوا  بما هم فيه من نعم . بسم الله الرحمن الرحيم : (  لايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا  رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).  كيف أطعمهم من جوع ، خلقهم و جمعهم  ، بث في قلوب الناس حبهم ،  فكلها مرتبطة . الله عز وجل لم يبث في قلوب العرب حب هوازن ولا حب غطفان ، بث في قلوب العرب حب قريش . فإذا من كان من قريش  فإنما بث الله حبه في الناس بان خلقه من قريش ليست  نعمة قريش نعمة اجنبيه عن وجودهم بمعنى فليعبدو رب هذا البيت الذي اوجدهم  بهذه الحالة،  اوجدهم لم يكونوا  موجودين ثم آمنهم ، خلقهم آمنين . لذلك هذا مثال على أن الله خلق الأمان ببركة الأنبياء وببركة نبيناو سيدنا  محمد   ونحن نعتقد كما في النصوص وكما في القران أن السلم الأهلي في البشرية قائم على أساس الدين . بلا دين سوف تكون حياة البشرية غابة  متشابكة من الثارات والإحن  والأضغان .

 لذلك لا يمكن أن توصف أو تعد  نعم سيدنا رسول لله ويكفي أن  يقول خير  البشرية  " أنا عبد من عبيد محمد " . فعليه من الله السلام بعدد كل شعرة في رأس كل إنسان مؤمن وكافر وبعدد كل قطرة تنزل على كل ارض خصبة وسبخة وبعدد كل ملك يسبح الله عز وجل في السماوات والأرض وبعدد ما خلق الله عز وجل و ذر  وبرأ .

 نسأل الله عز و وجدل أن  يثبت أيماننا مكان كل جاحد ومنكر لفضل رسول الله ويبقينا  على حبه وحب أهل بيته الحاملين لرايته والسائرين على نهجه،  ولعنة  الله على كل من ظلم وآذى محمد في عترته بعدد ما خلق الله عز و جل و برأ وذر  والله المستعان والحمد لله رب العالمين  وصلى الله على محمد واله الطاهرين .