المرجع المُدرّسي عشية حلول محرم الحرام.. يجب ابراز المحتوى الديني الانساني والحضاري في الشعائر الحسينية

شبكة مزن الثقافية


 قال سماحة المرجع الديني اية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي "دام ظله" ان الشعائر الحسينية، مضمونا وظاهرا، كما باقي الفرائض والشعائر الالهية من صلاة وحج وغيرها، يجب ان تثبت المجتمع على قاعدة ايمانية راسخة، بالمبادئ والقيم الدينية الانسانية والحضارية. موضحا ان الشعائر الالهية، تعد من الوسائل التي ترسّخ الايمان في النفوس وتحوّل القيم الى قيم راسخة ومتجذرة في العمق لا ان تكون طافحة وعائمة. واضاف " اننا نجد ذلك في شعيرة الزيارات لمراقد الائمة المعصومين عليهم السلام، فحينما يجتمع الناس في مناسبات عديدة حول قبر الامام الحسين عليه السلام، كل هذه الاجتماعات بتمحورها حول هذه القبة المباركة لابد ان تحول المجتمع الى مجتمع مرصوص وراسخ الايمان، مجتمع يكون ملتزما ناهضاً قوي البنيان لا يهتز للفتن ولا يزول بالعواصف والقواصف..". وبين سماحته في محاضرة القاها بمكتبه في مدينة كربلاء المقدسة اننا ونحن على اعتاب أيام عاشوراء لابد ان نستثمر هذه الايام في " الاعداد والاستعداد، لجعل هذه المناسبة أكثر حيوية وتألقاً و أكثر عمقاً وأثراً في الأمة لكي نخرج من ايام عاشوراء وفينا شيء من نهضة وروح الامام الحسين عليه السلام، و التقوى والوحدة". واكد بهذا الخصوص ان علينا القيام بعدة خطوات،منها انه يجب العمل على ان نكرس للشعائر الحسينية بأن تكون "ذات محتوى ديني وانساني وحضاري" وليس مظهرا فحسب. وان "نحاول بشتى الوسائل تكثيف وتوسيع انتشار هذه الشعائر في البعد الجغرافي، وتعريف هذه الشعائر الى المناطق التي لم تتعرف على الحسين وعلى قضيته.. و التحرك على الفضائيات والانترنت ووسائل الاعلام الاخرى مااستطعنا الى ذلك سبيلاً، لنقل قضية الامام الحسين عليه السلام بكل اللغات". واوضح سماحته ان "بامكاننا ترسيخ كل التعاليم الدينية التي أمرنا بها ربنا سبحانه وتعالى من خلال الشعائر الحسينية.. لأن نهضة الحسين عليه السلام وقصة عاشوراء هي قصة الرسالات و الدين كله، وهذه فرصة ومناسبة مباركة يجب على الخطباء استثمارها لترسيخ قواعد الدين عند الانسان". وحول ضرورة تكريس المحتوى الانساني في المجتمع عبر رسالة عاشوراء، اكد سماحته ان "علينا ان نثبت قواعد الانسانية من خلال الشعائر الحسينية، والدموع والخشوع، فالذي يبكي يتيم الحسين محق في تعاطفه وتفاعله، لكن عليه ان يتذكر ان امامه ايتام اليوم على الارض وأن يقف مع كل يتيم وكل مظلوم ومحروم، فعاشوراء مناسبة للعودة الى انسانية الانسان، وان مسؤولية الخطباء والرواديد والشعراء وحتى الهيئات الحسينية يوم عاشوراء هو ترسيخ المحتوى الانساني للشعائر الحسينية فلا ضير من ان تتحول الهيئة الحسينية بعد عاشوراء الى هيئة خيرية تهتم بقضايا الامة الاسلامية والمجتمع لأن الامام الحسين (عليه السلام) كان هكذا..". وحول المحتوى الحضاري للشعائر الحسينية اوضح سماحة المرجع المدرسي "دام ظله" ان " بامكان الاخوة الخطباء الاستفادة من كون الامام الحسين عليه السلام، هو اب الكرامة والحرية والتقدم، في طرح موضوعات عن وحدة الأمة وضرورة ايجاد مجاميع هدفها تحقيق اهداف الامة في الحرية والكرامة والتقدم لأن الامة التي لديها حب الحسين وملحمة عاشوراء ونهضة كربلاء لا يجب ان تستسلم وان لا تتخلف ولا تتمزق .. لأن الحسين إمام لكل خير وهدى لكل معروف، وهو مصباح هدى وسفينة نجاة..". هذا و اشار سماحته في جانب من كلمته، انه "كان ولايزال هناك بعض الناس من يحاول النيل من الشعائر الحسينية بطريقة أو بأخرى، كماً وكيفياً؛ ويحاول تقليلها أو تقليمها، وهذا خطأ فظيع؛ انصحهم ألا يفعلوا ذلك لسببين: الاول، انهم لو نجحوا فانهم كمن يهدم اساسه بيده، فاالذي يضرب الطابق الأسفل من بنايته فان البناء سينهار باكمله؛ وهذه الشعائر هي اساس عزتنا .. وثانياً: أقول لهكذا شخص اواشخاص: اطمئن فإنك لن تنجح في ذلك! ". موضحا ان السبب في ذلك " هو ان امتنا قد عجنت بهذه الشعائر،، وهي تجري مجرى الدم فيها .. واراد كثيرون ان يحطموا هذه الشعائر، فلم يفلحوا.. كم مرة هدم الطغاة من الامويين والعباسيين والوهابيين قبرالإمام الحسين ومنعوا زواره بشتى الطرق حتى قتلوهم بل وهدموا مدينة كربلاء المقدسة؟ وكلما بُنيت كان يلحق بها الدمار ثانية، لكنهم لم يفلحوا في مسعاهم.. لان لله سبحانه تقديراً لا يمكن لأي شخص مخالفته .. فكما اراد ان يظهر دينه على الدين كله، ولم تفلح المحاولات المبذولة لطمس معالم هذا الدين، وكما تكفل تعالى بحفظ القرآن، اراد سبحانه البقاء لأبي عبد الله الحسين، وهو باقٍ رغم كل التحديات؛ وهذه الحقيقة أكدتها العقيلة زينب عليها السلام يوم الحادي عشر من محرم الحرام سنة 61 هـ، قائلة (وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلال في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا علواً..". وهكذا كان". واضاف سماحته ان قضية الامام الحسين عليه السلام وعاشوراء "تحولت من حادثة وقضية الى مسيرة للانسانية جمعاء وتيار جارف تفاعل مع الزمن وتفاعل معه، وسيبقى كذلك .. ثم ان المسلمين قد صيغت ثقافتهم بكلمات الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم بحق الحسين عليه السلام، مع وجود من يحاول النيل من هذه الثقافة، لذا يبقى الحسين عليه السلام حيّاً أما الذين يريدون الانتقاص من هذه الشعائر فبشرهم بالفشل الذريع، وسيكون مصيرهم كالآخرين الذين سبقوهم من حكام ومثقفين أو من له شيء من المال والسلطة وحاول دون جدوى الوقوف بوجه هذا التيار الجارف".